الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فصائل التمرد في دارفور··· وغياب الأجندة السياسية المشتركة

فصائل التمرد في دارفور··· وغياب الأجندة السياسية المشتركة
14 يوليو 2007 01:50
قبل عامين تقريباً، كان كل من قائدي التمرد، الهادي آدم عجب الدور والصادق على شايبو، ينظران إلى بعضهما بعضاً كعدوين لدودين· فكلاهما ينتمي إلى ميليشيا تمرد مختلفة عن الأخرى، بينما ينتمي أولهما إلى المجموعات العرقية العربية في إقليم دارفور، في حين ينتمي الثاني إلى قبائل الزغاوة ذات الأصول الأفريقية، مع العلم أن الحرب كانت تدور بين هذين الجانبين في الإقليم أصلاً· غير أن الجديد في هذه العلاقة، أن القائدين وضعا يداً بيد أخيراً، وعقدا العزم على التعاون في منازلة حكومة الخرطوم· والسبب اقتناعهما بتجاهل تلك الحكومة لكافة قضايا التنمية وتحقيق العدل الاجتماعي والاقتصادي في الإقليم· ''فحكومة الخرطوم لا تستخدمنا إلا مجرد أدوات أو بنادق لها وتحرضنا على قتال بعضنا البعض، ثم سرعان ما تلفظنا نحن الطرفين معاً، ما أن تتحقق لها أهدافها'' ذلك هو تعليق الهادي آدم عجب الدور، الناطق الرسمي باسم ''القوة/الجبهة الثورية المتحدة'' ذات الانتماء العربي، التي تنشط من داخل الأراضي التشادية المجاورة· ومضى المتحدث قائلاً: ''غير أننا سنذهب إلى الحرب معاً، فيما لو قررنا خوض أي حرب، وكذا سنمضي معاً نحو السلام''· أما نظيره الصادق على شايبو، القائد البارز في تنظيم ''الحركة الوطنية لإعادة الإعمار والتنمية'' - وهي حركة قوامها قبائل الزغاوة- فمن رأيه أن السبيل الوحيدة للخروج من هذا النزاع الساحق الذي أزهق أرواح ما يزيد على 200 ألف مواطن من مواطني الإقليم، وشرد حوالي 2,5 مليون نسمة، هو أن تتحد مختلف المليشيات والجماعات المسلحة المتناحرة ضد بعضها البعض، في جبهة عمل موحدة ضد حكومة الخرطوم· وعلى حد قوله: ''فنحن نريد لكافة حركات وتنظيم دارفور، أن يكون لها صوت واحد، ذلك أن قوتنا في وحدة صوتنا وهدفنا''· والحقيقة أن ارتفاع الأصوات المنادية بوحدة أهالي دارفور، متزامناً مع محادثات السلام التي يتوقع لها أن تبدأ في العاصمة الليبية طرابلس، يوم غد الأحد، له وقع جيد هناك، وربما كان هو الخطوة الأولى نحو التوصل إلى تسوية سياسية سلمية لنزاعات الإقليم· ولعل التحول الأكثر أهمية ولفتاً للأنظار في تطورات الموقف السياسي في دارفور، القرار الذي اتخذته غالبية المجموعات العربية هناك، بما فيها مليشيات الجنجويد الموالية لحكومة الخرطوم، بتغيير مواقفها وسياساتها، وتوجيه عملها وتوحيده ضد حكومة الخرطوم· وإذا ما ترجم هذا الموقف إلى تمرد عملي ضد النظام، فسوف تكون تلك هي الضربة الأخيرة القاصمة لظهره، إثر فقدانه لآخر معاقل الدعم المحلي المسلح التي كان يتمتع بها بين أهل الإقليم· بيد أن من رأي المحللين والمراقبين لتطورات الأوضاع هناك، أن قادة المليشيات وجماعات التمرد المتباينة هذه، لا يزالون أبعد ما يكون عن توحيد صفوفهم معاً، بالمعنى العملي والإيجابي لوحدة الصفوف· والسبب هو افتقارهم حتى هذه اللحظة لوحدة الهدف والطريق والمسار· وعليه فإن اليد أو الكفة الراجحة في النزاعات الجارية في الإقليم، لا تزال من نصيب حكومة الخرطوم· من هؤلاء المحللين علق ''أليكس ديوال''، الخبير السوداني البارز بمبادرة ''جلوبال إيكويتي'' -مبادرة العدالة الدولية- بجامعة هارفارد، قائلاً إن مجموعات التمرد الدارفورية، تبدو أمامها حركات التمرد الصومالية، أكثر تنظيماً وتوافقاً فيما بينها على الأهداف وتكتيكات العمل· وعلى رغم تطلع المجموعات الدارفورية وانفعالهـــــا بفكرة الوحـــــدة هذه، لا تزال تفتقر إلى الوسائل التي تمكنها من تحويلها إلى واقع· والمشكلة الرئيسية التي تواجهها هذه الحركات -والحديث لا يزال لـ''أليكس ديوال''- أن كل قائد من قادتها، ينظر إلى نفسه كما لو كان قوة مطلقة وقائمة بذاتها· وإلى جانب تلك المشكلة، تفتقر الحركات المعنية نفسها إلى البنية التحتية السياسية اللازمة، وكذلك إلى التمويل والخبرة والمهارات التنظيمية، وكذلك إلى الانضباط، بل إلى كل ما يلزم لتشكيل جبهة سياسية موحدة باسم أهالي الإقليم· ولكل هذه الأسباب ونقاط الضعف مجتمعــــة، فإن من المرجح أن تتجدد المواجهات والاشتباكات المسلحة فيما بينها في شهر سبتمبر المقبل· وبمــــا أن هـــــذه هي توقعــــات السيد ''أليكس ديوال''، فإنه يتكهن بأن التسوية السياسيــــة المأمولة لنزاعــــات الإقليم، لا تزال بعيــــدة جداً عن المنال· وإذا ما بدا المجتمع الدولي محبطاً وخائب الأمل في إمكان التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، فمرد ذلك إلى خيبة الجهود الدولية التي بذلت مراراً من قبل في سبيل توحيد كلمة وعزم قادة التمرد هناك· والشاهد أن اتفاقية السلام المبرمة في عام ،2006 إثر جهود ومحادثات ماراثونية شاقة وباهظة التكلفة، في أبوجا بنيجيريا، لم تتمكن إلا من موافقة مجموعة رئيسية واحدة فحسب، من مجموعات التمرد الثلاث المعروفة هناك، على اتفاق السلام الذي أبرم مع حكومة الخرطوم، ألا وهي ''حركة تحرير السودان'' التي يقودها مني مناوي· بل الحقيقة أن تلك الحركة الموقعة على الاتفاقية نفسها، شهدت عدة انقسامات داخل صفوفها منذ اتفاق السلام المذكور، ما أدى إلى وجود حوالي 18 حركة وفصيلاً مختلفاً من فصائل التمرد الدارفوري· والمشكلة أن معظمها يفتقر إلى القيادة الفعلية، وإلى الانضباط والتمويل· وفوق ذلك كله، فقد وجهت إليها أصابع الاتهام مؤخراً، بممارسات السطو واختطاف السيارات وعمليات الاختطاف التي أرغمت الكثير من منظمات ووكالات الغوث الإنساني في الإقليم، على وقف أنشطتها وعملياتها· ومن جانبه صرح ''جان إلياسون''، مبعوث الأمم المتحدة لإقليم دارفور، قائلاً للصحفيين خلال الأسبوع الحالي، إن محادثات طرابلس المرتقبة، سوف تكون لحظة يواجه فيها طرفا التمرد في الإقليم الحقيقة بأنفسهم، وسوف تكون فرصــــة سانحــــة لهم ليقرروا ما إذا كانــوا على استعداد جدي للتفاوض حول التسوية السلمية، أم أنهم عازمون على مواصلة النزاع· كما شملت التصريحات نفسها، اعتراف السيد ''إلياسون'' بالإنهاك الذي بدأ يعتري المجتمع الدولي، نتيجة إنفاقه مبالغ تصل إلى 700 مليون دولار، على جهود الغوث الإنساني في كل من دارفور وشرقي تشـــــاد، مع أنه كان ممكناً إنفاق تلـــــك المبالغ الطائلة على مشروعات تنموية أكثر فائدة، ومن شأنها المساهمة بقدر كبير في تحسين الأحوال المعيشية لمواطني دارفور· وعليـــه فـــإن الكــــرة الآن فــــــي ملعــــب قـــــادة التمـــرد، الذين بـــات عليهـــم تحمــــل مسؤولياتهـــم إزاء مصير الأزمــــة ومستقبل الإقليم، غــــداً في طرابلس· مراسل كريستيان ساينس مونيتور - مدينة أبشي- تشاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©