الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برلسكوني... خارج الحياة السياسية الإيطالية

5 فبراير 2012
أعلن برلسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، أنه سيتنحى جانباً عن صدارة الحياة السياسية في بلاده، كاشفاً النقاب عن نيته عدم الترشح لمنصبه السابق مرة أخرى. ففي أول حديث صحفي يجريه برلسكوني منذ استقالته إثر الاضطرابات المالية التي عصفت بإيطاليا خلال شهر نوفمبر الماضي، وقد أدلى به لصحيفة "فاينانشال تايمز" في مقر إقامته بروما، تطرق لعدد من المواضيع والقضايا بما فيها ما اعتبره برلسكوني نفسه حملة إعلامية مسعورة ضده على خلفية حفلاته الماجنة التي كان يقيمها، بالإضافة إلى ملاحقة قضاة له في المحاكم وصفهم بأنهم من اليسار، وكذلك رغبته في الدفع بالإصلاحات القضائية في إيطاليا، والأهم من ذلك الدعم القوي الذي أبداه خلال اللقاء الصحفي للحكومة التكنوقراطية التي تتولى السلطة حالياً بقيادة "ماريو مونتي"، لا سيما دعمها لتنفيذ إصلاحات مهمة في قوانين العمل التي تعارضها بشدة الاتحادات النقابية. ويمثل هذا الإطراء غير المشروط الذي أغدقه برلسكوني على حكومة مونتي -وإن كان قد تحفظ على سياسة رفع الضرائب- أمراً مهماً بالنسبة للمستثمرين والقطاع المالي الذي سيتنفس الصعداء ويطمئن إلى أن برلسكوني لن يسعى إلى زعزعة استقرار الحكومة في محاولة لتعطيل عملها والرجوع مجدداً إلى السلطة. فقد سعى رئيس الوزراء السابق إلى تبديد كل هذه المخاوف عندما قال: "لقد تنحيت نهائياً حتى من قيادة الحزب"، مشيراً إلى أن انتصاراته الثلاثة في الانتخابات الماضية منذ عام 1994 جعلت منه رئيس الوزراء الإيطالي الأطول مكوثاً في السلطة منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن حزبه، "شعب الحرية"، الذي ينتمي إلى وسط اليمين، يدخل مرحلة انتقالية بعد 18 سنة تحت قيادة برلسكوني. وأرجع برلسكوني استقالته في شهر نوفمبر الماضي إلى الهجمات التي تعرض لها من قبل "وسائل الإعلام المهووسة"، سواء المحلية أو الدولية، والتي ألقت باللوم مباشرة عليه وعلى حكومته على خلفية الاضطرابات المالية التي شهدتها البلاد وتعسر السندات الإيطالية التي انتشر أثرها إلى أوروبا، مضيفاً أنه "بعد تقييم الأسباب التي أدت إلى الأزمة، والتي لا تتحملها إيطاليا بقدر ما تتحملها أوروبا واليورو، خرجت بخلاصة مفادها أني إذا بقيت في السلطة فسأضر بإيطاليا بسبب تركيز وسائل الإعلام على شخصي، لذا ورغم توافري على أغلبية برلمانية في الغرفتين معاً... فقد قررت التنحي بسلاسة". وخلال الحديث الصحفي أصر برلسكوني أنه رغم سنه التي ناهــزت 75 عاماً إلا أنه ما زال شاباً، وأظهر للتدليل على ذلك كدمة قال إنه أصيب بها عندما كان يلعب رياضة الهوكي الثلجي مع رئيس الوزراء الروسي، فلادمير بوتين. ومع ذلك أكد أنه لن يترشح مجدداً في الانتخابات المقررة ربيع عام 2013، مشدداً على دعمه للسياسي "أنجلينو ألفانو" البالغ من العمر 41 عاماً ووزير العدل السابق المتحدر من صقلية، فضلاً عن أنه يشغل حالياً منصب الأمين العام لحزب "شعب الحرية". وأضاف برلسكوني أنه رغم تأييده الشخصي لألفانو، إلا أن الحزب سينظم انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحه. ولم يفوت برلسكوني فرصة اللقاء الصحفي للتأكيد على أنه لن يخرج نهائياً من الحياة السياسية حتى في حال عدم تقلده أي منصب رسمي، مشيراً إلى أن تأثيره سيظل مستمراً في الكواليس باعتباره الأب الروحي للحزب، قائلاً إنه قد يرشح نفسه كعضو في البرلمان، لاسيما وأن استطلاعات الرأي تبوؤه مركزاً متقدماً يفوق ما يحصل عليه ساركوزي وميركل. لكن هذه التصريحات التي ما زالت محل ارتياب واسع لدى الطبقة السياسية الإيطالية، قد تفتح المجال أمام منافسة شرسة لخلافة رئيس الحكومة التكنوقراطي، مونتي، الذي أعلن أنه لن يترشح في الانتخابات المقبلة. ورغم تأييد برلسكوني، ليس محسوماً بعد حصول ألفانو على رئاسة الحزب، كما أن اليسار ممثلاً في "الحزب الديمقراطي" يعاني من انقسامات حادة، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات المقترحة لقانون العمل. ويتوقع المراقبون تغييراً شاملا في السياسة الإيطالية، مع تركيز الانتباه على ما إذا كان "كورادو باسيرا"، المصرفي المعروف في إيطاليا، سيخوض الانتخابات. وفي ملمح من طبيعته القتالية، انتقد برلسكوني في الحديث الصحفي الدستور الإيطالي لما بعد الحرب العالمية الثانية، قائلا إنه يجعل من الحكم صعباً للغاية، وهو يحتاج إلى إصلاحات تعطي المزيد من السلطة لرئيس الحكومة، وتحد من قوة الأحزاب الصغيرة في البرلمان، وتحجم نفوذ القضاء ذي التوجه اليساري الذي يتدخل حسب قوله في الحياة السياسية، قائلاً: "الأمل أن تتمكن هذه الحكومة التي تحظى للمرة الأولى بتأييد الغالية في البرلمان، من مباشرة إصلاحات هيكلية، بدءاً من البناء المؤسسي للدولة الذي دونه لا نستطيع تصور إيطاليا معاصرة وحرة". وفيما هاجم برلسكوني الإعلام الدولي لإلحاقه الضرر بصورته بسبب الفضائح المتتالية، إلا أنه أكد على هدوئه وعدم اهتمامه بما يقال عنه، نافياً تورطه في الفضائح الجنسية والقانونية التي تناقلتها وسائل الإعلام. جاي دينسمور وجيوليا سيجرتي - روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©