الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مؤشرات إيجابية تظهر تحسن القطاع المصرفي الأوروبي

مؤشرات إيجابية تظهر تحسن القطاع المصرفي الأوروبي
23 ديسمبر 2012
على الرغم من فتور حماس المستثمرين تجاه معظم دول جنوب أوروبا، إلا أن صانعي القرار في منطقة اليورو الذين يبذلون جهوداً مقدرة لإرساء الاستقرار، حققوا تقدماً واضحاً في النظام المصرفي الذي تعرض لأضرار بليغة جراء الأزمة التي اجتاحت المنطقة. وتشير بيانات صادرة عن «البنك المركزي الأوروبي»، إلى ارتفاع إيداعات القطاع الخاص في البنوك الإسبانية في سبتمبر الماضي لأول مرة في غضون ستة أشهر. كما حققت إيداعات البنوك الإيطالية أرقاماً قياسية في المنطقة، في وقت لم تعد فيه بنوك دول منطقة اليورو الهامشية تعتمد على تمويل البنك المركزي. ويمثل هذا الاستقرار المؤقت نوعاً من الراحة لرئيس البنك المركزي ماريو دراجي، الذي لا يؤثر القلق بشأن التفكك المالي في منطقة اليورو والفروق الصارخة في الأحوال المالية بين دول المنظومة الـ17، في التزامه القاضي بفعل كل ما يلزم للحفاظ على وحدة تلك المنطقة. وساهمت استعدادات البنك للتدخل المحتمل في سوق سندات منطقة اليورو، على تحويل الشعور لأكثر إيجابية. ومع ذلك، يتساءل المستثمرون والمحللون حول ما إذا كانت هذه النجاحات المتواضعة قادرة على الاستمرار. ويقول ألبيرتو جالو، مدير بحوث الائتمان في «رويال بنك أوف اسكتلندا»: «تحول الشعور العام منذ يونيو من سلبي إلى إيجابي، على الرغم من أن الأساسيات لم يطرأ عليها تغيير يذكر. كما استمرت ظاهرة هجرة الأموال إلى الخارج والتفكك المالي في منطقة اليورو الهامشية». ويفرض البنك المركزي رقابة لصيقة على عملية تعافي القطاع المصرفي في منطقة اليورو الهامشية. وسيهدف برنامج البنك المركزي عند إطلاقه، إلى ضمان أن قراراته الخاصة بأسعار الفائدة تم تطبيقها على الاقتصاد الفعلي. وبما أن هذه ليست القضية الراهنة، تواجه على سبيل المثال الأعمال التجارية في إسبانيا، أسعار فائدة أعلى من تلك التي في ألمانيا، ما نتج عنه بعض مشاكل التمويل في القطاع المصرفي الإسباني. وتؤكد الأرقام الواردة من «البنك المركزي الأوروبي»، تراجع القروض التي تقدمها بنوك منطقة اليورو للشركات التجارية بنسبة سنوية قدرها 1,4%، في أسرع وتيرة منذ أكثر من عامين. ومن الممكن أن تساعد إيداعات أكثر قوة ووصول أكثر سهولة إلى أسواق التمويل، على تغيير مثل هذه الظواهر. وارتفعت إيداعات القطاع الخاص في إسبانيا إلى 1,51 تريليون يورو في نهاية سبتمبر الماضي، من واقع 1,49 تريليون يورو قبل شهر. ومن القطاعات الأخرى التي حظيت برقابة أكثر، اقتراض بنوك منطقة اليورو من البنك المركزي، الذي ارتفعت وتيرته خلال السنوات القليلة الماضية، نظراً لمنع البنوك من دخول أسواق القطاع الخاص، إلا أن هذه الظاهرة تراجعت بشدة في الوقت الحالي. كما انخفض معدل اقتراض البنوك الإسبانية من البنك المركزي من 411 مليار يورو في أغسطس إلى أقل من 400 مليار يورو في سبتمبر. وربما يعكس هذا التراجع الضغوط السياسية على البنوك لتقلل من درجة اعتمادها على البنك المركزي. لكن هناك بعض المؤشرات الأخرى التي تدل على تحسن مستوى الوصول إلى الأسواق. وعادت البنوك الإسبانية والإيطالية إلى أسواق الدين العام خلال شهري أغسطس وسبتمبر مستفيدة من الظروف الملائمة لإصدار السندات. وتقول كريستين جونسون، مديرة صندوق سندات الشركات المشتركة:»يصعب على القطاع العمل في جو عدم اليقين، والنموذج الذي نحن بصدده الآن هو ما يمكن أن يكون عليه العالم في المستقبل. ويمكن القول إننا تخطينا مرحلة الأسوأ على الرغم من عدم حل كل المشاكل، لكن بوجود شخص قوي مثل دراجي، استطاع القطاع أن يسلك طريقاً طويلةً نحو التعافي». ومع ذلك، يرى المحللون أن المستثمرين الأجانب يركزون بشدة على شراء سندات الشركات الوطنية. ويحوم المزيد من الشكوك حول الصفقات التي تعقدها بنوك الدرجة الثانية من منطقة اليورو الهامشية. وربما يعكس تزايد الرغبة في ديون بنوك هذه المنطقة، سعي المستثمرين الحثيث للحصول على فوائد أكثر حول مختلف أرجاء العالم، وليس تعاطفاً منهم مع هذه البنوك. وفي حين قلل البنك المركزي الأوروبي من مخاطر تفكك وحدة منطقة اليورو، ينتظر المستثمرون المرحلة الثانية من الأزمة التي امتدت لثلاث سنوات، مع تركيزهم على كيفية تطبيق المعايير التي تكفل تخفيف أزمة المنطقة. وبدأ صانعو القرار في منطقة اليورو تنفيذ وحدة مصرفية أوروبية قادرة على الإشراف المركزي وعلى توفير ضمانات للإيداعات المصرفية المشتركة. ويقول كارلو ماريلز، كبير المحللين المصرفيين في «آر بي سي كابيتال ماركيتس» :»من الواضح أن الأزمة تمت السيطرة عليها، ولا يساورني الكثير من القلق حيال المستقبل القريب، إلا أنني أعتقد أن من الضروري تغيير طريقة النشاط الرئيسي. والوحدة المصرفية هي الطريقة الوحيدة لإنهاء ثغرة تبادل البيانات بين البنوك والديون السيادية». وفي غضون ذلك، تعمل بنوك منطقة اليورو الهامشية على تقليص القروض وتهيئة نفسها للتأقلم مع أسواق التمويل المتعثرة. ويقول هوو فان ستينيز، المحلل لدى «مورجان ستانلي» :»قضت معظم هذه البنوك ثلاث سنوات عصيبة وتطمح إلى أن تنعم بفترة من الاستقرار قبل تغيير مسارها، لذا من المرجح أن تستمر في سياسة التقليص». يذكر أن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي وافقوا مؤخرا على إطار عمل للرقابة المصرفية في منطقة اليورو. وتم التوصل إلى اتفاق يمنح البنك المركزي الأوروبي سلطات جديدة للإشراف على بنوك منطقة اليورو بدءا من 2014، وهي الخطوة الأولى في مرحلة جديدة من التكامل لدعم اليورو. وبعد مفاوضات مضنية استمرت عدة أشهر اتفق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين الشهر الحالي على منح المركزي الأوروبي سلطة المراقبة المباشرة، على ما لا يقل عن 150 بنكا من أكبر بنوك منطقة اليورو والتدخل في البنوك الصغيرة عند ظهور أول علامة للمتاعب. ومن المنتظر أن يبدأ العمل بنظام الإشراف الجديد في الأول من مارس 2014 بعد محادثات مع البرلمان الأوروبي. غير أن الوزراء اتفقوا على إمكانية تأجيل ذلك الموعد إذا احتاج المركزي الأوروبي مزيدا من الوقت للاستعداد. وتطلق هذه الخطة واحدة من أكبر عمليات الإصلاح في النظام المصرفي الأوروبي منذ بدء الأزمة المالية منتصف عام 2007، مع اقتراب البنك الألماني آي.كيه.بي من شفا الانهيار. يذكر أن الرقابة المصرفية المشتركة هي خطوة أولى في اتجاه الوحدة المصرفية كما أنها شرط مسبق لتقديم المساعدات المالية للبنوك المتعثرة في منطقة اليورو مباشرة من صندوق الاستقرار الأوروبي الدائم. في الوقت نفسه، فإن الرقابة ستشمل فقط البنوك التي تزيد أصولها على 30 مليار يورو (49 مليار دولار) أو ما يعادل 20% من إجمالي الناتج القومي للدولة الموجود فيها البنك، وهو ما يتيح إعفاء البنوك الإقليمية في ألمانيا من هذه الرقابة. وتعد آلية الرقابة خطوة أولى نحو إقامة اتحاد مصرفي وشرطا مسبقا لتقديم صندوق آلية الإنقاذ الدائم لمنطقة اليورو، ومساعدة مباشرة للبنوك المتعثرة. وستراقب بشكل روتيني الجهة الرقابية التي ستعمل تحت رعاية البنك المركزي الأوروبي البنوك التي تتجاوز أصولها 30 مليار يورو (49 مليار دولار) أو تمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي. ويسمح ذلك للبنوك الإقليمية الصغيرة لألمانيا بأن تظل خاضعة للإشراف الوطني. وتم التوصل للاتفاق من جانب وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بعدما توصلت ألمانيا وفرنسا صاحبتا أكبر اقتصادين في منطقة اليورو لحل وسط بشأن تفاصيل الآلية. ترجمة: حسونة الطيب نقلاً عن: «فاينانشيال تايم»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©