الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارة أوباما لكوبا.. تأثير محدود

27 مارس 2016 23:09
كانت خطبة أوباما في كوبا التي دعا فيها إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان جيدة إلى حد كبير. لكن الكلمة ستغرق على الأرجح وسط فيضان من دعاية حكومة كاسترو في الأسابيع المقبلة وقد تصبح قريباً ذكرى ضامرة في أذهان معظم الكوبيين. وهذا لا يعني أن خطبة أوباما في هافانا كانت مضيعة للوقت وأن انفتاحه على كوبا كان خطأ كما يزعم منتقدو الرئيس الأميركي من الجناح اليميني بالفعل. وقرار أوباما لتغيير السياسة الأميركية تجاه كوبا كان قراراً جيداً بعد عقود من الجهود الأميركية الفاشلة لعزل الجزيرة. لكن مسعى أوباما كان من الممكن أن يكون أفضل. فقد كان الرئيس الأميركي مفرطاً في دبلوماسيته ومفرطاً في تصالحه ولطيفاً للغاية تجاه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو. وكان بوسع الرئيس الأميركي أن يقوم بنفس الرحلة بعقد اجتماع رسمي في هافانا مع كاسترو، لكن مع إلقاء كلمة أقوى نوعاً ما، ودون الظهور بجانب كاسترو بمظهر المستمتع بمباراة لكرة البيسبول. ومما يحسب لأوباما قوله في كلمته التي أذيعت مباشرة على الهواء «أؤمن بأن المواطنين يجب أن يكونوا أحراراً في إعلان أفكارهم دون خوف وفي تنظيم وانتقاد حكومتهم وفي الاحتجاج سلمياً. وحكم القانون هذا يجب ألا يتضمن عمليات احتجاز اعتباطية من الناس الذين يمارسون هذه الحقوق. وأؤمن أن الناخبين يجب أن يكونوا قادرين على اختيار حكومتهم في انتخابات حرة وديمقراطية». وأكد أوباما مراراً على أن الولايات المتحدة لم تعد عدواً لكوبا مقوضاً حجة نظام كاسترو بأن البلاد في حاجة لقمع الحريات الأساسية، لأن الجزيرة تهددها واشنطن. كل هذا كان واضحاً، وتم نقله بشكل جيد. لكن كثيرين من المدافعين عن حقوق الإنسان ومن بينهم الذين يدعمون سياسية أوباما في كوبا توقعوا كلمة أقل تجريداً وأكثر تحديداً. ويرى خوسيه ميجيل فيفيانكو رئيس قسم الأميركيتين في منظمة هيومن رايتس ووتش أنه كان يتعين على «أوباما أن يفعل أكثر من ذلك بإلقاء الضوء على الإصلاحات المطلوبة بشكل ملح لإنهاء» الدولة البوليسية في كوبا. وأضاف فيفيانكو «الذي لم يفعله أوباما هو الحديث عن الوسائل المحددة التي تعرقل بها حكومة كاسترو هذه الحريات مثل منع الدخول إلى مواقع الصحفيين المستقلين على الإنترنت ومنع حقوق النقابات العمالية، وتهديد واحتجاز الناس لمنعهم من المشاركة في الاحتجاجات السلمية والاجتماعات السياسة واستخدام القوانين الاعتباطية في سجن المنتقدين». ومما يحسب لأوباما أيضاً، اجتماعه مع المنشقين الكوبيين البارزين في اجتماع خاص في السفارة الأميركية بعد إلقاء كلمته. وكان من بين الحضور «بيرتا سولر» زعيم جماعة «وومن إن وايت» (نساء يرتدين الأبيض) والناشط جيليرمو فاريناس، وجماعة حقوق الإنسان الكوبية و»ايليزاردو سانشيز سانتاكروز» مؤسس لجنة المصالحة القومية. وكان «سانشيز» أثناء مقابلة معه قبل فترة قصيرة من زيارة أوباما لكوبا قد نبهني بألا أنساق وراء التكهن بأن خطبة أوباما قد تؤثر كثيراً في كوبا. وذكرني أنه لا توجد صحيفة ولا محطة راديو أو تلفزيون مستقلة في كوبا وأن خدمة الإنترنت محدودة وخاضعة للمراقبة. وأشار «سانشيز» إلى أن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر والبابا يوحنا بولس الثاني وعدد آخر من الشخصيات الأجنبية البارزة ألقوا كلمات علنية في كوبا عبر سنوات لكن تأثيرها كان قصير الأمد. ويعتقد سانشيز أن كاسترو ربما سمح لأوباما بقول كل ما يريده لأن «كاسترو يستطيع لاحقاً من خلال آلته الدعائية المحلية والأجنبية ومع ترهيب الشرطة أن يمحو رسالة أوباما من ذاكرة الشعب». أما بالنسبة لاجتماع أوباما مع المعارضين، فسوف تؤكد الآلة الدعائية لكاسترو على أنها حدثت في السفارة الأميركية كدليل على مزاعم مفادها أن كل المعارضين في كوبا «مرتزقة أميركيون». الرسالة التصالحية التي جاء بها أوباما ستجعل مهمة كاسترو أصعب في مواصلة الإدعاء بأنه لا يستطيع عقد انتخابات حرة أو يسمح بتكوين أحزاب سياسية، لأن البلاد تحت تهديد أميركي. ولا تصدقوا ما قد تروجه وسائل الإعلام الأميركية بأن دعوات أوباما لحقوق الإنسان والديمقراطية قد تمثل نقطة محورية في تاريخ كوبا. ولن يساعد في تحقيق انفتاح سياسي في كوبا إلا مسعى دبلوماسي دولي داعم للمعارضة السلمية في كوبا. وهذه مهمة منتظرة من أوباما أو من خليفته. *كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©