الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختطاف جونستون والإساءة إلى الإسلام

12 يوليو 2007 02:40
قصة اختطاف واحتجاز مراسل الـ'' بي·بي·سي'' في غزة ''آلان جونستون'' كما رواها مسؤولو ''حماس'' بعد ساعات من إطلاق سراحه وتسلمهم إياه من مختطفيه،لا تعدو أن أسرة غزاوية، لا بل إن ''فخذاً'' من أسرة غزاوية منفلت يقوده ''عصبجي'' شرس وأحمق، لديه إمكانيات هائلة من السلاح والأتباع الذين تربطهم به صلة الدم والرحم، وهم له موالون ولأوامره متبعون، قد اختطف الصحفي البريطاني وأخفاه لثلاثة أشهر ونصف، وأن سلطة ''حماس'' الرسمية والشعبية كانت تتابع هذه العملية- التي يعجز أكثر الروائيين خيالاً عن تصويرها- بكل دقة ومهنية، وأنه كان بإمكانها أن تنقض على المجرمين الخاطفين في أي لحظة، ولكنها حرصاً على سلامة الصحفي المختطف واستجابة لنصائح البريطانيين وغيرهم من الأصدقاء، فضلت أن تسلك طريق التفاوض والحوار مع الزمرة الإجرامية، والذي أفضى في نهاية الأمر، وبعد فتوى دينية صدرت بعدم شرعية اختطاف ''آلان جونستون'' ووجوب إطلاق سراحه شرعاً، بعد عملية أمنية محكمة أدت إلى إطلاق سراحه· والشاهد والمغزى في كل هذه القصة التي تصور وتذاع في بث مباشر أن سلطة ''حماس''، قد أثبتت أنها قادرة على بسط الأمن والنظام ومقاومة الفلتان الأمني وإرهاب العصابات المسلحة المنفلتة! ولقد ظللت، ولساعات طويلة، أشاهد وأستمع مثل ملايين المشاهدين للتلفزيون البريطاني لهذه الرواية، وأشارك مثلهم في مشاعر الفرح والبهجة التي عمت الجميع بهذه الخاتمة السعيدة - على الأقل حتى الآن - لمأساة اختطاف واحتجاز الزميل البريطاني، الذي اتفق الجميع على وصفه بالمهني المحايد والمنصف، بل والصديق للشعب الفلسطيني، وأشادوا جميعاً بسلوكه المهني العالي، وبأنه قد ظل المراسل الأجنبي الوحيد المقيم في القطاع، برغم إدراكه خطورة ومخاطر تلك الإقامة· لكن مشاعر الفرح والبهجة لم تحل بين المرء والتفكير والنظر في الوجه الآخر للمسألة، مسألة هذا السلوك الهمجي والضار والمؤذي للإسلام والمسلمين والعرب الذي يندرج تحت اختطاف وارتهان الصحفيين والعاملين في الإغاثة الإنسانية والموظفين الدوليين المدنيين، والذي ظلت تمارسه في السنوات الأخيرة بعض الجماعات، التي تنسب نفسها للإسلام والمسلمين على طول وعرض البلدان العربية والاسلامية من باكستان حتى دارفور مروراً بالعراق وفلسطين وغيرهما، فطوال فترة اختطاف ''آلان جونستون''، فإن الرواية المتداولة والمدعومة بشرائط الفيديو والبيانات والتهديدات النارية، تقول إن منظمة ''شبحية''، تسمى ''جيش الإسلام'' هي التي قامت باختطاف الصحفي البريطاني، وأنها حددت شروطها لإطلاق سراحه بأن تفرج الحكومة البريطانية عن سجين بريطاني مسلم من أصل فلسطيني حوكم وقضي بسجنه في قضية، كان هو في رأي ممثل الإدعاء فيها ضد نفسه بأقواله وأفعاله التي ظل يفاخر بها جهاراً قبل وأثناء محاكمته! الأعمال الإجرامية البشعة التي تقوم بها جماعات بدعوى الجهاد وباسم الإسلام ضد مدنيين عزل من أهل بلادهم أو أعمال الاختطاف والارتهان مثلما وقع لصحفيين أجانب من قبل حادثة الصحفي البريطاني، ومن أمثال تفجيرات القطارات في لندن ومدريد والمحاولتين الفاشلتين في مطار جلاسجو وفي قلب لندن، تثير تساؤلاً مشروعاً وواجباً على المسلمين قبل غيرهم عن الأهداف الحقيقية التي يترجاها مخططو ومنظرو ومنفذو هذه الجرائم، وعن مدى ادراكهم ووعيهم بالنتائج السلبية الشنيعة التي تعود على الإسلام والمسلمين عند وقوع كل جريمة من هذه الجرائم التي ترتكب باسمهم· فإذا كان الهدف هو الانتقام من جرائم ارتكبتها الدول الغازية ضد أهل وبلاد المسلمين، فإنهم قد أخطأوا الهدف الحقيقي بقتلهم الأبرياء من المدنيين، الذين حرمت الشرائع السماوية والأرضية قتلهم من دون وجه حق، بل إنها تدفع هؤلاء الناس الأبرياء المتعاطفين مع قضيتنا ضد حكوماتهم إلى النفور منا، والنظر إلينا باعتبارنا قتلة تدفعهم شهوة القتل المحرم إلى ارتكاب جرائم لا يقبل بها عقل ولا منطق سليم· ومهما تحدثنا عن هذه الفئة القليلة، التي ترتكب مثل هذه الأعمال الإجرامية، فإن السؤال الذي سنواجه به دائماً هو: ماذا فعلت الأكثرية المسلمة والواعية بالإسلام حقاً والرافضة لمثل هذا النهج والأسلوب الإجرامي؟! فإذا تقدمت سلطة ''حماس'' في غزة خطوة إلى الأمام، واعتقلت وقدمت للمحاكمة العلنية كل من له يد أو ضلع في جريمة اختطاف وارتهان ''آلان جونستون''، فإنها ستقدم لفلسطين والفلسطينيين بل وللإسلام والمسلمين خدمة جليلة تستصحب فيها القول بالفعل إنها سلطة مسؤولة وحريصة على تطهير الصورة البشعة التي خلفتها أحداث مثل حادثة اختطاف ''جونستون'' وشوهت بها صورة الاسلام والمسلمين ··· فمحنة الاسلام في هذا العصر الشائك أن بعض من ينسبون اليه أساءوا إليه ربما أكثر مما فعل أعداؤه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©