الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جوردون براون··· وخيبة أمل المحافظين في نصر قريب

جوردون براون··· وخيبة أمل المحافظين في نصر قريب
12 يوليو 2007 02:39
يبدو أن حزب ''المحافظين'' البريطاني يستعد هذه الأيام للاستسلام ورفع الراية البيضاء· فلم تمر سوى أيام قليلة فقط على تسلم ''جوردون براون''، الزعيم الجديد لحزب ''العمال''، منصب رئيس الوزراء حتى أبدت مجلــــة ''سبيكتايتر'' التي كانـــت على الدوام محافظة الهوى، استعدادهــــا للاستســـلام بعدمـــا حملت صورة غلافهـــا خلال الأسبـــوع الماضي تعليقاً يقول ''خسرنا جميع الرهانات''، مضيفة أن ''براون أثبت نفسه كخصم عنيد مقارنة مع غريمه المتجهم الذي راهن عليه ''المحافظون'' في اجتماعاتهم الاستراتيجية''· وبعبـــارة أخرى يبتســم رئيس الوزراء ''براون'' أكثر مما كان عليه أيــــام شغلـــِه لوزارة الماليـــة، وكـــل ذلـــك خلال مـــدة قصيرة لم تتجـــاوز الأسبوعين· وفي السياق نفسه، خرجت صحيفة ''لندن تايمز'' ذات الميول ''المحافظة'' أيضاً باستطلاع للرأي يشير إلى أن ''جوردون براون'' تمكن فعلاً من إزاحة الميزات القليلـــة التي كان يحظى بها ''ديفيد كاميرون''، زعيم حزب ''المحافظين''، رغم السنوات الطويلة التي قضاها في القيادة لتعزيزها من خلال المراجعة المستمرة للسياسات وتقييمها الدائم· ويبدو أن أفضل ما توصلت إليه هيئة التحرير في الصحيفة هو إسداء نصيحة لـ''كاميرون'' بعدم الارتباك، ومواساته باعتباره ''رجلا يتمتع بخصال مهمة لم تؤخذ بعد على محمل الجد''· واللافت حقاً أن ما تكشف عنه استطلاعات الرأي يشكل ضربة قاسية لحزب ''المحافظين''، لا سيما بعدما ارتفعت أسهمه في الآونة الأخيرة على خلفية الشعبية المتدنية لـ''توني بلير'' والاستياء العام من سياساته في مجالات الصحة والتعليم، فضلاً عن المعارضة الواسعة لحرب العراق عند البريطانيين· وفي ظـــل هــــذا الوضـــع لم يكـــن غريباً أن يشــــرع ''المحافظـــون'' في الحديث عن نصر قادم ولو بالهمس في الانتخابـــات التشريعية التي ستشهدهـــا بريطانيـــا بحلول ،2009 لكـــــن مـــــا إن هــــلَّ الأسبــــوع الأخير حتى انقلــب التيـــار ليخبرني أحد الأصدقاء من حزب ''المحافظين'' بأنهم فقــــدوا الأمـل، معبراً عن ذلك بنبرة واثقة ''إننا سنخسر''· والواقــع أن هـــذا الاستســـلام من قبل ''المحافظين'' مثير للاهتمام، لا سيما وأن ''براون'' ليس بالوجه الجديد· فقد كان الشخصية الثانية المهمة في بريطانيا طيلة العقد الأخير، وهو مسؤول عن جميع السياسات الداخلية والاقتصادية التي اتخذتها الحكومة ''العمالية''· كما أن قدومه إلى رئاسة الوزراء لم يأتِ عبر الانتخابات، بل جاء بفضل النظام البرلماني البريطاني، الذي يتيح انتخاب الأحزاب وليس انتخاب زعمائها· لكن رغم أن ''براون'' هو خليفة ''بلير'' المعين، وبرغم مسؤوليته عن السياسات غير الشعبية التي اتخذها ''بلير''، فإنه اليوم يبذل كل ما في استطاعته للتخلص من تركة رئيس الوزراء السابق، من خلال استخدام التضليل نفسه الذي اتبعه ''بلير''· فقد أقال مجموعة من الوزراء، ثم في إشارة مهمة اختار وزيراً للخارجية عرف بمعارضته للحرب في العراق· ويبدو أن ''براون'' احتفظ من كل تركة سلفه ''بلير'' بخاصية معروفة تتمثل في سرقة بعض أفكار خصومه مثل حديثه عن فكرة تعزيز ''نمط الحياة البريطانية'' التي دأب ''المحافظون'' في السابق على التركيز عليها· ويُعزى ذلك في جزء منه إلى رغبته في اجتذاب الإنجليز، خصوصا أنه اسكتلندي، ثم التقليل من شأن الحركة الاسكتلندية المطالبة بالاستقلال، ويرجع في جزء آخر إلى عزوف ''المحافظين'' عن التركيز على قضايا الهوية في خطابهم السياسي خوفاً من نعتهم بالعنصرية· والواقع أن اتجاه حزب ''المحافظين'' إلى تبني سياسات ''اليسار'' ترك المجال واسعاً أمام حزب ''العمال'' لاستغلال الفراغ الناتج عن ذلك والمناورة بصورة أفضل· وهكذا تحول ''ديفيد كاميرون''، زعيم حزب ''المحافظين'' إلى اعتماد سياسة الإنفاق العمومي والتشكيك في سياسات الرئيس بوش· أما حزب ''العمال'' الذي عرف تاريخياً بسوء الإدارة فقد أصبح الطرف الحريص على تطبيق سياسة مالية سليمة والدفع باتجاه تعزيز القوات المسلحة· وأخيراً أدى فشـــل العمليــــات الإرهابيـــة في لندن وجلاسجو والسرعـــة في إلقـــاء القبض على المتورطين إلى إظهار قوة ''براون'' في التصدي للإرهـــاب، وهو لم يتجاوز بعد أسبوعـــه الأول في منصبه الجديد· هذا الأمر يجعلنا نعتقد أن ''براون'' الذي كان مجرد ظل مهمش لـ''بلير'' على امتداد العقد الأخير سيبقى معنا لفترة أطول، بينما سيغيب حزب ''المحافظين''، الذي يعتبر أقدم حزب ''ديمقراطي'' في العالم، عن الأنظار· ----------------------------------------------------------------------- كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©