الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القلب في مشرحة الأدب!

القلب في مشرحة الأدب!
6 يناير 2010 23:27
عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون، صدر كتاب جديد بعنوان “الحب أعزك الله”، وهو قراءة جديدة ورؤية معاصرة لأول كتاب عن الحب وضعه الإمام ابن حزم الأندلسي تأليف الدكتور حاتم بن محمد الجفري. يسأل المؤلف في الكتاب: ما للطبيب وجرّاح الأورام في الحب؟ ما لهذا الكهل الأربعيني والهوى والعشق؟ هل هي أزمة منتصف العمر؟ هل هي المراهقة الثانية أو المتأخرة؟ ما له و “سيرة الحب”؟ الإجابة هي إنه أراد وضع هذا الكتاب عن أسمى وأرفع وأنقى وأقدس المشاعر الإنسانية بلا مُنازع، ليست مراهقة ثانية أو متأخرة، أراد أن يكون هذا الكتاب كما أراد الإمام ابن حزم كتاباً يرتقي بهذا الشعور الإنساني النبيل، مقروناً بالنصح والتوجيه والنهي عن المنكرات والرذائل. أما الطب فقد ارتبط بالأدب منذ قرون سحيقة، مثل هذا التلازم بين الطب والأدب والفلسفة والكتابة في مواضيع أدبية وفلسفية من قبل الأطباء أمر مشاهد ومعروف، كانت المجتمعات ـ وحتى وقت قريب أدركه هو شخصياً ـ تُسمي وتصف الطبيب بكلمة “الحكيم”، وليس عنده أدنى شك في أن هذا اللقب “الحكيم” يأتي من إدراك المجتمعات بسعة اطلاع الأطباء وثقافتهم الواسعة وقراءاتهم المتنوعة خارج المجال الطبي. ومن طريف ما قرأ عن علاقة الطب بالأدب قول الطبيب والروائي الروسي الكبير “انتون تشيكوف”: “إن الطب زوجتي والأدب عشيقتي”! ويعرض في كتابه عدة إشكاليات حول، لماذا هذا الكتاب؟ ولماذا كتاب “طوق الحمامة”؟ السعادة والشقاء قرأ المؤلف لعباس محمود العقّاد: “إن الحب يسعدك شاباً ويشقيك، وإن كنت كهلاً فإن الحب يسعدك ولكن لا يشقيقك، وإن كنت شيخاً فإن الحب لن يسعدك ولن يشقيك”! وقد تردد كثيراً قبل الشروع بوضع هذا المؤلف، وأثناء الكتابة وبعد الكتابة وعند الاستشارة قبيل النشر، لكن بعد أن قرأ للأستاذ العقّاد تلك الكلمات، أعجبته هذه الطريقة ليدفع عنّه “تهمة” الكهولة و”وجناية” الشيخوخة! لكن الليل يفضحه النهار كما تقول العرب في أمثالها، كانت محاولة لدفع تلك التهمتين “الكهولة” و”الشيخوخة” ولكن المحاولة فشلت! و “لي على الأقل أجران، أجر المحاولة وأجر المشقة”! مرّ معه في كتاب “طوق الحمامة في الألفة و الألاّف” وصفاً لحال الإمام والوزير والقاضي “علي بن أحمد بن سعيد بن حزم” مؤلف كتاب “طوق الحمامة” لما حصل له بعد موت جاريته “نعم” وهي بدون سن العشرين ربيعاً ويقول: “كان أشد الناس كلفاً وأعظمهم حباً بجارية لي كانت خلا اسمها “نعم”، ففجعتني بها الأقدار، فلقد أقمت بعدها سبعة أشهر لا أتجرد من ثيابي ولا تفتر لي دمعة عليها”. بعد أن قرأ ذلك عقد العزم وتوكل على الله في وضع هذا الكتاب، فقد أحس أن “الطبيب” يريد منه وضع مؤلف يساعد على شرح بعض تلك المشاعر المحيًرة، ومحاولة الحصول على الأجوبة الصحيحة لكثير من تلك التساؤلات الصعبة أحياناً عن “الحب” والتوجه إلى الطريقة المثلى في التعامل مع من حولنا بخصوص هذا الأمر، والمساعدة في التغلب على ما يمر به المحب أحياناً من آلام ومصاعب. هذا الكتاب ليس من قبيل “أدب الاعتراف” إنًما هو مشاركة وجدانية، أعرضت عن الإسفاف والابتذال وانتقت درر كلام أهل الأديان والفلسفة والكلام والمنطق والطب وعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ والأدب والشعر وما وعته ذاكرة الشعوب وحفظته ضمائر العشاق. كتابة ثانية كان من حسن الطالع أن أمضى المؤلف سنوات طوال في دولة غربية أثناء فترة التدريب الطبي، هذه المدة أتاحت له الاطلاع عن قرب وبصورة مباشرة على ثقافة شعب ومجتمع بعيد عن ثقافة مجتمعه العربي المسلم وتراثه وإرثه العظيم، هذه المخالطة والمعايشة كان لها كبير الأثر في إيمانه الآن من أن “الحب” هو سيد المشاعر الإنسانية النبيلة والكريمة مهما اختلفت المجتمعات والحضارات والشعوب، بل وحفظت ورفعت تلك الشعوب والمجتمعات “الحب” في المكانة السامية العالية الرفيعة كما فعل العرب حتى قبل الإسلام، وعندما تمت مكارم الأخلاق ببعثة المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم كان للحب ذات المكانة والمنزلة الرفيعة والعالية البعيدة عن الدنيا والآثام وكشف العورات وهتك الأعراض، كان هذا و مازال أحد أهم أسباب تأليف هذا الكتاب. أيضاً كان لذلك الاطلاع على الثقافة الأخرى ذلك المد الثقافي الزاخر على عالم آخر لم يتمكن من الاطلاع عليه قبل ذلك، مما أضاف سبباً آخر مقنعاً لتأليف هذا الكتاب، نقلاً للكثير من ثقافة وتراث الأمم الأخرى لهذا الكتاب العربي الحديث والمعاصر. لكن لماذا هذه القراءة الثانية والكتابة الثانية لهذا الكتاب الذائع الصيت؟ كتب الإمام ابن حزم كتابه عام 400 هجرية مع اختلاف المصادر، وبدون شك نحن أمام كتاب صدر قبل ألف عام ويزيد عن يومنا هذا، وكل ما ورد في الكتاب من أشعار وقصص وملاحظات كتبت بأسلوب ولغة ذلك العصر، لكن أن يستمر هذا الكتاب في جذب القراء له مع استمرار وتزايد قيمته العلمية التي تواكب هذا التطور السريع من الاكتشافات العلمية وتطور تقنية المعلومات يحتم أن يعاد النظر في مادة الكتاب ويحتم أن تكون تلك المادة العلمية مستمدة من العلوم المعاصرة. كتب الإمام ابن حزم كتابه هذا رداً على رسالة من صديق له يسأله عن ماهية “الحب” ولم يكن ـ حسب ما يظهر ـ في خاطره أنه سوف تسير الركبان عبر القرون بهذا الكتاب، إن الإمام ابن حزم الذي سبق معاصريه وكتب هذا الكتاب الرائع له حق علينا كعرب ومسلمين أن نصدر طبعة جديدة منقحة ومزيدة وأن يستمر هذا التطوير لكتاب نادر وسابق لعصره ولمعاصريه. إن المهمة ـ رغم صعوبتها ـ هي مهمة سهلة مقارنة بذلك المشروع الكبير الذي أنجزه الإمام ابن حزم، وهو ناء عن داره وبلدته بعيداً عن كتبه ومراجعه، ليس تبسيطاً للنص ولغة الكتابة فقط، بل إضافة الكثير مما تحفل به الكتب الحديثة في علم النفس وعلم الاجتماع والدراسات الإنسانية لكل فصل من فصول الكتاب . في إعادة الكتابة هذه حذف المؤلف أبيات الشعر التي نظمها الإمام ابن حزم والتي تملأ صفحات الكتاب بأخرى من نظم شعراء آخرين من المتقدمين ومن المعاصرين، هذا الحذف لأبيات ابن حزم ليس انتقاصاً له ولمكانة شعره، بل هو استخدام لأبيات شعرية من نظم شعراء آخرين مجيدين وعلى درجة أعلى من الإمام ابن حزم في طبقات الشعراء، مع استخدام لأبيات شعر معروفة وسائرة بين الناس لتقريب الصورة في ذهن القراء، فاستبدل القصص التي أوردها الإمام ابن حزم بأخرى حديثة وقديمة تناقلتها الأخبار وبطون الكتب وسارت على ألسنة الناس لتقريب الصورة بشكل أفضل. إن إعادة كتابة “طوق الحمامة” للقرن الواحد والعشرين هو اعتراف وتقدير وإجلال لهذا التراث العربي الإسلامي، وذلك الموروث الحضاري الهائل، هذا الكتاب نافذة على ماض عريق ونظرة استشراف لمستقبل معرفي وثقافي تكون فيه ثقافتنا العربية والإسلامية وهي تقف على قدم المساواة مع الحضارات والثقافات الأخرى المعاصرة. ولكن بحسب قول المؤلف، فإنه ليس في هذا الكتاب “ما لم يأتِ به الأوائل” لكن فيه قول على ما قاله الأوائل. وعندما قرأ المؤلف كتاب “طوق الحمامة” لأوّل مرة في التاسعة عشرة من العمر، وجد أن الإمام ابن حزم قد ختم كتابه بفصلين متتابعين، فصل “قبح المعصية” وفصل “فضل التعفف” واكتشف أن الحب أعلى وأسمى وأرفع من غريزة تنقضي بقضاء الوطر. أسئلة حول الحب؟ بعد أن تمت إعادة الكتابة والتنقيح والإضافة، سيكون في هذا الكتاب الإجابات على كثير من الأسئلة حول “الحب” من بعض هذه الأسئلة: ـ ما هو الحب؟ ـ هل الحب حقيقة؟ ـ ما هي علامات الحب؟ ـ لماذا نحب شخصاً بعينه دون الناس أجمعين؟ ـ لماذا كل هذا الألم والعذاب من أجل ذلك الشخص؟ ـ هل الحب شعور اختياري أم إجباري؟ هل نقع في الحب رغماً عنّا؟ ـ هل الحب مرض؟ ـ هل نستطيع أن نشفى من الحب؟ ـ ما علاقة الحب والجنس؟ ـ كيف يولد الحب وينمو أو يموت؟ ـ الشك والغيرة والخيانة والغدر في الحب؟ ـ هل هناك أشخاص معرّضون أكثر من غيرهم للوقوع في الحب؟ ـ لماذا نحب أحياناً من يحبّنا؟ المرأة والرجل في الحب؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©