الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونجو: الجنائية تبرئ «أمير حرب»

22 ديسمبر 2012
توماس إيسكريت لاهاي برأت المحكمة الجنائية الدولية يوم الثلاثاء الماضي «نجودجولو تشوي» وهو أحد قادة المقاتلين في الكونجو من كل الاتهامات التي وجهت له بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فيما اعتبره المراقبون ضربة قوية لضحايا حروب الكونجو قبل عشرة أعوام التي راح ضحيتها المئات من القتلى وصنفت على أنها جرائم حرب، فقد اتهم المدعون العامون في المحكمة الجنائية «نجودجولو» بالإشراف على ميليشيات وتوجيهها لارتكاب جرائم قتل ونهب واغتصاب خلال الصراع الذي دار في إقليم إيتوري الغني بالمعادن بالكونجو عام 2003. ويعتبر هذا الحكم هو الثاني من نوعه الذي تصدره محكمة جرائم الحرب التي أنشئت قبل عشر سنوات للنظر في الجرائم التي ارتكبت وقتها في الكونجو الديمقراطية، وإن كانت هذه هي أول تبرئة تصدرها،وهي براءة اعتبرها العديدون، ولاسيما أسر الضحايا، انتكاسة لادعاء المحكمة الجنائية الدولية الذي قال القاضي إنه فشل في ربط «نجودجولو» بالفظائع التي ارتكبت في شمال شرق الكونجو عام 2003. كما يثير حكم البراءة أيضاً الشكوك في القضية المقامة ضد شريك «نجودجولو» في الاتهام «جيرمين كاتانجا» المتهم بنفس الجرائم، وقد مدد القضاة موعد محاكمة «كاتانجا» الشهر الماضي وهو تحرك يقول بعض الأكاديميين إنه يمهد الطريق لإدانته، وترجع الفترة التي يحاكم فيها زعماء ميليشيات الكونجو إلى العنف الذي اندلع في إقليم «إيتوري» بشمال شرق البلاد بسبب مصادمات عرقية محلية بين عناصر مختلفة أججها التنافس على الأرض والموارد. وهو أحد الصراعات العديدة الناتجة عن حرب الكونجو الأوسع التي دارت بين عامي 1998 و 2003 وقد انجرت إليها عدة دول مجاورة، وأدت إلى تورط حكومات إقليمية في دعم ميليشيات على حساب أخرى الأمر الذي ساهم في إطالة أمد الحرب الأهلية وتعقيدها على أكثر من مستوى. ولكن الصراع وقتها لم تكن له علاقة مباشرة بالتمرد الحالي الذي يشنه متمردو ما يعرف بحركة إم23 في إقليم شمال «كيفو» المجاور، وإن كان بعض المقاتلين السابقين الذين يحاكم قادتهم الآن في لاهاي شاركوا في التمرد الأخير الذي يعد الأحدث في شرق الكونجو وخاصة أن قائد إم 23 «بوسكو نتاجاندا» كان قد تورط بشكل مباشر في قتال «إيتوري» ولعب دوراً في أعمال العنف التي أودت بحياة المئات من المزارعين على أساس عرقي. ولذا يعد «نتاجاندا» من العناصر المطلوبة أيضاً لدى المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم حرب تتعلق بالأحداث في «إيتوري» عام 2003، وإن كان من الصعب القبض عليه وتقديمه للمحاكمة في ظـل الأجـواء المتوترة التي تعيشها المناطق الشرقية في الكونجو، وعجز قوات القبعات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة عن مباشرة المهام القتالية. وقد كان لافتاً عدم قدرة تلك القوات الأممية على صد تمرد «كيفو» الأخير بعدما زحف بضعة آلاف من الثوار على المواقع الحكومية في الإقليم وأرغموها على التراجع. وفي تفاصيل ما جاء على لسان الادعاء في محكمة الجنايات التي برأت «نجودجولو» أن هذا الأخير وجه مقاتلين تابعين له لإغلاق الطرق من وإلى قرية «بوجورو» في فبراير 2003 لمحاصرة المدنيين ومنعهم من الهرب، حيث قتل عدد كبير منهم من بينهم نساء وأطفال صغار أحرقوا أحياء داخل منازلهم المحاصرة، وهو ما يدخل بشكل واضح في إطار جرائم الحرب، وإن كـان قضـاة المحكمة فشلوا، حسب حيثيات الحكم، في إيجاد أدلة وبراهين دامغة تؤكد الرابط بين «نجودجولو» وعمليات القتل التي تمت، وقال الادعاء إن مائتي شخص قتلوا أثناء الهجوم على القرية، أو بعده عندما ثارت مزاعم عن قيام مقاتلي عرقيتي «الليندو» و«النجيتي» بتدمير منازل سكان القرية الذين ينحدر أغلبهم من عرقية «الهيما». وعن سبب صدور حكم البراءة على رغم المعطيات الكثيرة التي تؤكد وقوع المجزرة أوضح، «نيك كوفمان» وهو محامٍ جنائي دولي الأمر قائلا «لقد كانت واقعة وجيزة للغاية، حيث فشل الادعاء في التحقيق بشكل كافٍ وإثبات التسلسل القيادي فيما يتعلق بالهجوم على «بوجورو»، وبدون تقديم الادعاء لأدلة دامغة يصعب على القاضي إصدار حكم بالإدانة لأنه ملتزم بالنصوص والقوانين». وقد شدد قضاة المحكمة الجنائية الدولية على أن الفظائع ارتكبت خلال الصراع ولكنهم قالوا إن شهود الإثبات الذين اختارهم الادعاء للشهادة على تورط «نجودجولو» ليسوا جديرين بالثقة، وإن كان القاضي برونو كوتي بمحكمة الجنايات أكد أن الفشل في تقديم الأدلة الساطعة «لا يشكك بأي حال من الأحوال فيما حل بمواطني هذه المنطقة من فظائع خلال تلك الفترة». وبعد فشل إدانة «نجودجولو» طلب «فاتو بينسودا» الذي تولى رئاسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية من القضاة إبقاء المتهم قيد الاحتجاز لمدة عام كامل حتى يحين موعد الاستئناف، غير أن خبراء قانونيين قالوا إنه من غير المرجح أن تلغى البراءة حتى بعد الاستئناف لانتفاء أدلة جديدة، فضلا عن أن محاكم الاستئناف نادراً ما تعيد تقييم مصداقية الشهود والنظر في شهاداتهم. يذكر أن أول حكم إدانة تصدره المحكمة كان على «توماس لوبانجا» الذي قضى بالسجن 14 عاماً لدوره في الصراع ومشاركته في الجرائم التي حصلت في الكونجو الديمقراطية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©