الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوش ومفهوم التضحية

9 يوليو 2007 02:28
في الرابع من يوليو الجاري، وهو اليوم الذي تحتفل فيه الولايات المتحدة بعيد استقلالها، شبّه الرئيس بوش حرب العراق بـ''الحرب الثورية'' (الثورة الأميركية)، ودعا إلى ''مزيد من الصبر، ومزيد من الشجاعة، ومزيد من التضحيات''· غير أنه يبدو للأسف أن لا أحد طرح السؤال البديهي: ''ما هي التضحيات التي قدمها بوش وأصدقاؤه؟''· ولكن بعد التفكير مرة ثانية، يبدو أن لا فائدة تُرجى من طرح هذا السؤال؟ ذلك أنه في عالم بوش، فإن المواطنين العاديين فقط هم من ينبغي أن يقدموا التضحيات· فرغم أن بوش ما فتئ يشدد على أن حرب العراق هي جزء من ''الحرب العالمية على الإرهاب'' (علامة مسجلة) وحرب بين الخير والشر، فإنها لا تشبه الحروب العظمى التي خاضتها الولايات المتحدة من قبل - تلك الحروب التي كان يقتسم فيها الأغنياء العبء المالي عبر رفع الضرائب ومشاركة الكثيرين من النخبة في الحرب من أجل بلدهم· أما هذه المرة، فقد اختار بوش الاحتفال بـ''إتمام المهمة'' عبر خفض الضرائب على أرباح الشركات وأرباح الأسهم، ومنح عقود ضخمة من دون مناقصات لشركات معينة لأسباب سياسية· ثم إنه منذ الأربع سنوات التي مرت على هذا الإعلان، وفي وقت تودي فيه حركة التمرد بأرواح آلاف الأميركيين وتُلحق بآلاف أخرى منهم إصابات بالغة، يلاحظ غياب أبناء النخبة -وبخاصة النخبة ''الجمهورية''- عن ساحة المعركة· يبدو إذن أن ''البوشيين'' يحبون بدء الحروب، ولكنهم لا يؤمنون بدفع أي من تكاليف هذه الحروب أو تحمل أي من أخطارها· وعلاوة على ذلك، فإنهم لا يؤمنون بأن عليهم أو على أصدقائهم أن يواجهوا أي عقوبات شخصية أو مهنية بسبب ذنوب تافهة مثل تحريف المعلومات الاستخباراتية بهدف دفع أميركا إلى حرب غير ضرورية، أو إدارة تلك الحرب إدارة سيئة· الموقع الإلكتروني ''ثينك بروجريس'' يضم ملخصاً بعنوان ''مهندسو الحرب: أين هم اليوم؟''، ويسلط الضوء على مصير الرجال الذين كانوا وراء الحرب بعد أن تبين أنه لا وجود لأسلحة الدمار الشامل في العراق، ولم يُرحَّب بنا كمحرِّرين· الواقع أن من يقرأ هذا الملخص، سيصاب بالدهشة بسبب اتساع وسخاء نظام الرفاهية لدى ''المحافظين الجدد''· ذلك أنه حتى ''بول وولفوفيتز'' الذي حقق الإنجاز النادر المتمثل في إفساد وظيفتين ساميتين، تمكن من إيجاد ملجأ له في ''أميركان انتربرايز''· وهو ما يقودنا إلى الحديث عن قضية لويس ''سكوتر'' ليبي· وينبغي هنا رؤية الهستيريا التي أصابت ''المحافظين الجدد'' على خلفية إمكانية سجن ''ليبي'' بتهمة الكذب تحت القسم· ففي مقال رأي نُشر في صحيفة ''وول ستريت جورنال'' بعنوان ''جندي شهيد''، أشار فؤاد عجمي، الأستاذ بجامعة جون هوبكنز، إلى عقيدة الجندي: ''لن أترك أبداً رفيقاً مصاباً''، قبل أن يذهب إلى أن ''سكوتر ليبي كان جندياً في حربنا في العراق''· آه، صحيح· فخلط الأوراق في مكتب من مكاتب واشنطن المكيفة يشبه تماماً أن تعرض حياتك للخطر في الأنبار أو بغداد· وإمضاء 30 شهراً في السجن، علما بأن وظيفة مريحة في إحدى المؤسسات البحثية في انتظارك، يشبه تماماً انفجار عبوة ناسفة تشوه نصف وجهك أو تفقدك كلتي ساقيك· ما يكمن وراء هذه الهستيريا، بطبيعة الحال، هو إمكانية أن يدفع الثمن واحدٌ من الأشخاص الذين ضللوا أميركا وجروها إلى الحرب، ثم عرضوا الأمن القومي للخطر· والحال أنه ما كان ينبغي لفؤاد عجمي أن يقلق· فعندما بدأ التحقيق في تسريب هوية ''فاليري بالم ويلسون''، شدد بوش على أنه في حال تبين أن أحداً من إدارته قد خرق القانون، ''فسوف يُتخذ في حقه ما يلزم''· واليوم بتنا نفهم جيداً ما كان يقصده بوش بهذا الكلام· فإذا كان أشخاص آخرون أدينوا لارتكابهم جنحا مماثلة قد قضوا مددا في السجن؛ فإن ''ليبي'' حر طليق· ورجاء، لا تقلقوا بشأن حقيقة أن ''ليبي'' مطالب مع ذلك بدفع غرامة مالية· فهل يشك أحد في قدرة أصدقائه على إيجاد طريقة لدفع المال؟ يقول بوش إن عقوبة ''ليبي'' تظل ''قاسية'' مع ذلك على اعتبار أن سمعته قد ''تضررت إلى الأبد''· من جهة أخرى، لم يعين بوش في منصب نائب مستشار الأمن القومي أحدا غير ''إليوت أبرامز''، الذي اعترف بإخفاء معلومات عن الكونجرس بطريقة غير قانونية في قضية (إيران-كونترا)· ويذكر هنا أن ''أبرامز'' كان واحداً من المدعى عليهم الستة في قضية ''إيران-كونترا''، الذين عفا عنهم والد بوش، والذي كان هو نفسه موضوع تحقيق خاص في هذه الفضيحة· بعبارة أخرى، أن تكون من أنصار بوش المخلصين يعني أنك لن تكون مضطرا أبدا للاعتذار· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©