الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ··· هل يغير الصورة النمطية لذوي الأصول الأفريقية؟

أوباما ··· هل يغير الصورة النمطية لذوي الأصول الأفريقية؟
8 يوليو 2007 03:47
لقد بدا العالم وكأنه قد انقلب رأساً على عقب وخرج عن قواعد المنطق المعروفة وأنا أشاهد النقاش بين المرشحين للرئاسة في الحزب ''الديمقراطي'' الذي نظمته جامعة ''هاوارد'' في الأسبوع الماضي· وبدا وكأن النقاش كشف عن تغيير كبير طرأ على الأدوار التقليدية للمرشحين الرئيسيين للحزب ''الديمقراطي'' ''باراك أوباما'' و''هيلاري كلينتون'' كلما نطقا بكلمة، أو أدليا بخطاب· وقد رأينا في هذا النقاش، كما في غيره من النقاشات التي تنظم هنا وهناك كيف أن ''باراك أوباما'' انخرط في عملية تشكيل الشخصية التقليدية للمرشح الأسود منفصلاً عن تاريخها، بينما اختطف هذا الدور شخص آخر لا يمت لها بصلة· لقد كان واضحاً منذ البداية أن ''أوباما'' لن يكون مثل الشخصيات الأميركية المشهورة المتحدرة من أصول أفريقية مثل ''جيسي جاكسون''، أو ''آل شاربتون''· فمقابل كل جملة تتخللها المحسنات اللفظية من سجع وغيرها يقف ''أوباما'' بين الجُمل والعبارات، ويطيلها لتغدو فقرات· كما أن التصفيقات الحارة عند نهاية كل جملة ليست مما يحرص عليه ''أوباما'' أثناء إلقائه لخطبه· فهو يطلب من الجمهور تأمل معاني الخطاب، لتتحول مع الوقت البساطة إلى تعقيد، والمطالب إلى مقترحات، ثم ضمير الغائب ''هم''، إلى ضمير المتكلم ''نحن''· ولا يستطيع الأميركي الأسود سوى الشعور بالاعتزاز والفخر لرؤية ''أوباما'' وهو يتكلم، لما يملكه من قدرة كبيرة على اجتياز حقول الألغام التي يحفل بها المشهد السياسي الأميركي، لكن في الوقت نفسه، يشعر السود بالألم للشروط التي تفرضها أميركا على المرشحين السود حتى يحظون بالاعتراف والثقة· فخلال النقاش يجلس الأميركيون السود ينتظرون لحظات التصفيق لمرشحهم القادر على التعبير عن الإحساس بالظلم الذي يغمرهم· فنحن في حاجة إلى سماعه وهو يتكلم بصيغة ''نحن'' التي تحيل إلى السود، وليس ''نحن'' العامة، لكننا على يقين بأنه مع كل زفرة حارة تلمح إلى الشكوى من عنصرية، أو ما شابه من مظالم، فإننا سنفقد ذلك الذي نسعى إليه بكل جوارحنا: مرشح أميركي أسود قادر على الفوز· وهكذا كلما اقترب ''أوباما'' منا أكثر صعب عليه الظفر بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية· ومع الأسف يعتبر هذا الواقع حقيقة قائمة في الحياة السياسية الأميركية، وإذا ما نجح ''أوباما'' في استقطاب اهتمام البيض فذلك لأنه يركز على مفهوم الأمل الذي يروج له، ويتعهد بتوحيد جميع مكونات الشعب الأميركي في بوتقة واحدة· لكن فحوى الخطاب الذي ينتجه ''أوباما'' يبرز أكثر فيما يتحرج عن الإفصاح عنه، ولعل هذا المسكوت عنه في خطابه هو ما يجعلنا أقرب إلى فهم المشهد السياسي· فمن خلال تركيزه على ضرورة تحسين الأوضاع يسكت ''أوباما'' عن السبب الحقيقي وراءها، أو المسؤول عن ظهورها· وهو نادراً ما يوجه انتقادات لأحد، كما يوزع المسؤولية بالتساوي على الجميع· وعندما يتكلم ''أوباما'' مستعملاً ضمير المتكلم ''نحن'' فإنه يترك فراغاً شاسعاً دأبت العادة على أن يملأه المرشح من أصول أفريقية بنبرته الحماسية وتعبيره الواضح عن وضع السود في أميركا· وبهذا الفراغ يترك ''أوباما'' بعض الناخبين السود في حال من التململ وعدم الاقتناع إزاء خطابه، بينما يشعر البيض بأنهم قادرون على التعامل مع الخطاب، لأنه يعفيهم من تحمل عبء الظلم التاريخي والأخطاء الحالية· إننا جميعا نراقب ''أوباما'' وهو يمشي على حبل مشدود ويحرص على مخاطبة الأغلبية البيضاء، وفي الوقت نفسه الحفاظ على نزاهته فيما يتعلق بمحنة السود في أميركا· وفي المقابل تشعر ''هيلاري كلينتون'' بأنها متحررة من العبء الذي يثقل كاهل ''أوباما'' ويقيد خطابه· وفي هذا السياق يجد ''أوباما'' نفسه مضطرا إلى الابتعاد عن المواضيع والقضايا، التي تركز على الأميركيين من أصول أفريقية بينما ''هيلاري'' حرة وطليقة اليد في لعب دور المرشح الأسود التقليدي بإعلان تعاطفها الواضح مع السود ومشاكلهم دون حرج· وهكذا كانت ''هيلاري'' من أخذت على عاتقها في نقاش الأسبوع الماضي تشكيل شخصية الأميركي الأسود والبناء عليها بالطريقة المعهودة في الحديث عن الأميركيين من أصول أفريقية التي تستخدم جملاً قصيرة وواضحة يتخللها سجع كثيف· وسواء كان الأمر صادقـــاً، أم أنه مجرد تزلف سياسي يهدف إلى كسب أصوات الناخبين السود، فإن ''هيلاري'' استطاعت التواصل مع السود والتعاطف معهم على نحو فشل فيه ''أوبامــا''· أمينا لقمان كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©