الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روائي يرفضه القرّاء

روائي يرفضه القرّاء
20 ديسمبر 2012
لم تتغير عوالم روايته الجديدة “العودة إلى الدم” حسب صحيفة “نيويورك تايمز” عن روايته المعروفة “موقد الغرور” عام 1987، وعن روايته الثالثة “أنا شارلوت سيمونز”، ذلك هو المؤلف توم وولف الأميركي الذي يكتب عادة بلغة نثرية جميلة وطويلة التفاصيل، ومواضيع مهمة وكبرى بلغة ساخرة. وفي روايته “العودة إلى الدم” التي صدرت عام 2012، الشهر الماضي، لا تشكيلة إنسانية محددة تظهر في السرد، لأن كل شخص له نفس الإثارة الهائلة ودور البطولة، وهي تدور حول عدة أمكنة كذلك، حول روسيا ونيويورك وغيرها. ويفترض توم وولف وجود مدينة تقوم فيها حرب أهلية عرقية وعرقية مشتعلة ويسجل الحقائق الأيديولوجية والعرقية الصاخبة، لكن وولف واجه نقدا حادا على توظيفه لقضايا عادية وليست جوهرية لمعالجة قضيته وليست كافية لتَشكيل قصّةِ الأزمةِ الكبيرةِ التي يَحتاجُها العمل الروائي. ويبدو أن وولف قد انتبه لذلك خلال كتابته للرواية فزج بالكثير من القضايا المتفرقة ولقطات الحياة المختلفة: موقف الكوبيين والسود وتوظيف مواقف عادية لليهود والبورتوريكيين والهايتيين والروس والفنزوليين، وهكذا من تصعيد التوترات العرقية لإثارة القصة واستخدامه الكثير من الحوار التعجبي والساخر.. إنها المشكلات التي تبدأ من سؤال: ما موقعي الآن أمام لغتي وأمام سيادة أنظمة بلدية تسيطر على بلدتي؟ إنه يعبر عن استيائه طيلة العمل لكنه الاستياء الذي لايكفي لتبرير شيء مما يقول. علاوة على أن ذلك كان مكرراً في روايته الصادرة عام 1987، الرواية التي تتطرق إلى مواضيع الثروة والجنس والجريمة والفساد والطموح. كان توم وولف يخشى أن تتسبب في مشكلات بين هذه العرقيات، فشخصيات مثل الممرضة الشابة مِنْ كوبا المتزوجة من لاجئ وطبيبِ فرنسيِ مشهور الذي يَتخصّصُ في مُعَالَجَة مدمني الخلاعةِ، والمبتدئ الصحفي الروسي وامرأة من أصول هايتية تتمنى لابنتها أن تتحول إلى بيضاء، والشرطي الكوبي وهكذا.. ويبرز في كل ذلك وصفه للبعض بأنهم يعيشون كالحيوانات. ومع أن وولف كان يتوقع مبيعات كبيرة لهذه الرواية إسوة بروايات سابقة له كما تذكر صحيفة “وول ستريت” الذائعة الصيت، إلا أنه أصيب بخيبة أمل حتى الآن، وعلل القراء ذلك بأن وولف لم يوفق في استخدامه لبعض الألفاظ الجارحة التي تستند على انتماء عرقي، وتزييفه للكثير من الحقائق والأحداث وبأنه يستعمل مثالية الشخوص الجدية لجهلهم وبساطتهم التي ليس لهم يد بها، كما تذكر صحيفة “نيويورك تايمز”. ويعلق قارئ لوولف بأن الطمع في التأسيس على سمعة رواياته الأولى جعله يفعل هذا مع روايته الجديدة “العودة إلى الدم”. يذكر أن وولف قد ولد عام 1931 وهو مؤلف وصحفي حققت بعض رواياته صدى واسعا ومهما ومبيعات عالية، وقد حصل على جوائز كثيرة ومهمة منذ بدء مشواره منها الجائزة الوطنية، وجائزة “شيكاغو تريبيون” الأدبية لإنجاز العمر، ووسام للعطاء المميز. وحصل على الدكتوراه الفخرية عدة مرات في العلوم الإنسانية، وكتب قرابة اثني عشر مؤلفا غير الرواية، منها أو من أهمها كتاب “في زماننا” الذي ألفه عام 1980 وفيه رسوم توضيحية مثيرة لبعض أفكاره وتصوراته، وكذلك كتاب تركيبي هو عبارة عن مجموعة من المقالات والقصص القصيرة والخواطر السياسية كتبها عام 2000، وكذلك كتاب “الصحافة الجديدة” عام 1973 وهو من مختاراته الصحفية التي سبق وأن نشرت في عدة صحف. وروايته “العودة إلى الدم” هي الرابعة بعد أول عمل له عام 1987، حيث لم يتوقف بل أصدر رواية ثانية عام 1998 وثالثة عام 2004 وهي “أنا شارلوت سايمونز” ذات المناخات الجنسية المتعددة والتي تحكي الحياة الطلابية في اميركا بروح نقدية ساخرة. وظل توم وولف مبدعاً إشكالياً شكك في الكثير من المفاهيم والقيم التراثية والآثار والمعمار التاريخي، وكانت أسئلته مثيرة للمشهد الثقافي كما فعلت روايته الأخيرة برغم صدمته من موقف القراء منها. حياة وولف لم تخل من مغامرات وأبحاث وجهود وإبداع مستمر وقضايا مع الناشرين وإثارة مستمرة، واهتمام غير عادي بفريق “البيسبول” اللعبة التي كان يعشقها وبرع فيها، كما ينسب له تسميته بعض المصطلحات الجديدة في العلوم الإنسانية والاجتماعية خاصة مثل مصطلح الأشعة السينية الاجتماعية. وفي منتصف الستينيات، صار معروفاً بمقالاته حول ثقافة “البوب”، وكتب عن “الفهود السود” وجماعة “الروك” وعن شخصيات مثل هوغ هافز او كاسيوس كلاي وغيرهما. وبعد روايته “رجل حقيقي” تهجم عليه ثلاثة من الروائيين الأميركيين الكبار وهم نورمان ميللر وجون اوبدايك وجون ايرفينغ واعتبروا انه صحفي متقدم أكثر مما هو روائي، ثم ذكر لاحقا أنه يعتقد أن رواية القرن الواحد والعشرين لم تعد تبحث عن أسلوب أو عن شكل بل عادت لتبحث عن مضمون من جديد. ويرد وولف أيضا على ذلك في أسلوب ساخر إذ يقول إن “ما اغضب ابدايك هو ظهور صورتي على غلاف مجلة “تايم” إذ من النادر أن يحظى كاتب بشرف نشر صورته كغلاف‏،‏ وهذا لم يسر ميللر أيضا‏، كان ذلك أكثر مما يحتمله هؤلاء العواجيز واني استعمل هذا اللفظ بعد أن وصلت إلى سن‏ 69”. ويضيف وولف:‏ “هذا نوع من الغيرة‏، وهذا طبيعي‏، إن ابدايك نشر كتابا لم يشعر به أحد وغرق دون أي فقاعات، أما ميللر فهو ايضا صدر له كتاب من المضحك أني لا أذكر عنوانه”. وجدير بالذكر أن هناك أفلاما سينمائية مقتبسة عن أعمال توم وولف وخصوصا روايته “محرقة الأباطيل”، وهو يعيش الآن في مدينة نيويورك مع زوجته، شيلا؛ وابنته الكسندرا وابنه تومي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©