الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب على الإرهاب··· دروس من لندن

7 يوليو 2007 22:21
لا بد من النظر إلى الأحداث الإرهابية التي شهدتها بريطانيا في الآونة الأخيرة، من خلال المقارنة بما تثيره سياسات الأمن القومي والهجرة في الولايات المتحدة الأميركية من خلاف وجدل· وللتعبير الصريح عن المراد، فإنه يلزم القول إن دولتين عظميين أضحتا في مواجهة خطر التهديد الإرهابي· وفي حين يفكر البعض فيهما في فعل شيء ما إزاء هذا الخطر، فإن هناك من لا ينوي فعل شيء ضده على الإطلاق· وللمزيد من التوضيح، فلنبدأ بمحاولة تفجير السيارات المفخخة التي أحبطت مؤخراً· وفيما يبدو، فإن جميع المشتبه بهم فيها من المهاجرين المسلمين· وكما أظهرت التفجيرات السابقة التي جرى تنفيذها في السابع من يوليو قبل عامين، ولقي جراءها نحو 52 شخصاً حتفهم ، فإن هناك مجموعة كبيرة من المهاجرين المسلمين الكارهين لمجتمعهم الجديد الذي هاجروا إليه· هذا وستكشف الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، عن المزيد من المعلومات الدالة على ما إذا كانت للمشتبه بهم في حادثتي لندن وجلاسجو، علاقة بتنظيم ''القاعدة'' أم لا· ومهما يكن فإن للكشف عن ارتباط كهذا أهميته، بالنظر إلى أن تنظيم ''القاعدة'' قد تحول إلى منبر جاذب لبعض المجتمعات المسلمة التي اجتاحتها موجة التطرف الديني الأصولي المعادي للغرب بوجه عام· ويشمل هذا الانتشار، المجتمعات المسلمة المتناثرة في مختلف المجتمعات والبلدان الغربية· ولذلك فإنني أصوغ هذا التنبؤ: سرعان ما سيتضح لنا قريباً أن منفذي الهجمات الأخيرة التي شهدتها بريطانيا، قد حظوا بتعاطف كبير بين أوساط الـ 1,6 مليون نسمة من المسلمين المهاجرين في المملكة المتحدة· وما أن أذيعت الأخبار عن الاعتداءات الأخيرة هذه، حتى بادر ''المجلس الإسلامي البريطاني'' إلى إصدار بيان، دعا فيه كافة المسلمين في بريطانيا إلى التعاون مع الشرطة والسلطات، في تقديم أي من يثبت تورطه في هذه الهجمات إلى العدالة بأسرع ما يمكن· وعلى الرغم من إيجابية بيان كهذا يدعو المسلمين إلى التعاون مع السلطات، فإن المرء لا يلزمه الكثير من الإغراق والخوض في قراءة محتويات الموقع الإلكتروني لهذا المجلس، كي يكتشف مضموناً مغايراً تماماً لنص هذا البيان· ولعل أشد ما يلفت النظر في ذلك الموقع، مادة منقولة فيه عن وكالة ''إيرنا'' أي وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء، وهي عبارة عن تعليق على احتجاج أساتذة الجامعات البريطانيين على رفع السلطات البريطانية من معدلات الرقابة التي تفرضها على الجالية المسلمة· وعلقت المادة نفسها عن تقرير رسمي للحكومة البريطانية نشر في العام الماضي، وجاء فيه: إن ممارسة العنف الإسلامي باسم الإسلام، باتت تشكل تهديداً فعلياً وجدياً ومستمراً للمملكة المتحدة· ومهما يكن من احتجاج الجالية المسلمة على مثل هذه التعابير، فذلك هو موقفها على أية حال· بقي أن نثير السؤال التالي إذاً: ما الذي يكون عليه موقف المجتمعات البريطانية الأم، العريقة في كل من إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية؟ يقيني أن مما لا ريب فيه أنه ما من مجتمع واحد أياً كان، قادر على ادعاء التسامح والتهاون مع القتلة والإرهابيين، أو مع من يأوونهم ويتعاطفون معهم· وما أعلمه جيداً عن البريطانيين أنهم يقدرون حياتهم حق قدرها، إلى حد القداسة، التي تفوق كثيراً تقديرهم لقيم الحريات المدنية· وليس أدل على ذلك من المعاينات التي أجرتها سلطات الأمن البريطانية مع كافة الألمان والإيطاليين المقيمين، في إطار اختبار عام للولاء لبريطانيا· وكانت قلة تقدر بنحو 27 ألفاً من هؤلاء، قد عبرت عن كراهيتها لبريطانيا، فلم تتردد السلطات في احتجاز كل من عبر عن مشاعر سلبية كهذه وإجراء المزيد من التحقيقات معه· فهل كان ذلك التحفظ من العدل في شيء؟ لقد تركت السلطات البريطانية للمحامين والمؤرخين التصدي لمشكلة هؤلاء المحتجزين، بينما كتب النصر للخيرين في تلك الحرب· وبمناسبة الحرب هذه، فقد انخفضت معدلات الهجرة إلى بريطانيا إلى نسب غير مسبوقة البتة في تاريخ هذه البلاد المشرعة النوافذ والأبواب· ولدى عودتنا تارة أخرى إلى الولايات المتحدة، وهي الهدف الأول للنشاط الإرهابي تقريباً، فإن هناك النصف من الدوائر الحاكمة في واشنطن - بقيادة وزير الأمن الوطني، مايكل شيرتوف- لا يزال يكظم غيظه من الشعب الأميركي، الذي سد عليه الطريق أمام الإصلاحات الشاملة لقوانين الهجرة· وهناك نصف آخر، يمثله الديمقراطيون من أعضاء الكونجرس، ممن يعملون كل ما بوسعهم في سبيل إغلاق سجن جوانتانامو، كمؤسسة أمنية· وهكذا تستيقظ لندن، بينما تنام واشنطن قريرة العين تحت خطر الإرهاب·! جيمس بينكرتون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©