الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش اقتصاد «اليورو».. حقيقة تغلفها المخاوف والشكوك

انتعاش اقتصاد «اليورو».. حقيقة تغلفها المخاوف والشكوك
26 فبراير 2017 22:12
لندن (رويترز) ظل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، على مر السنين، أشبه بعرائس البحر في ملحمة الأوديسا لمؤلفها الشاعر الإغريقي هوميروس وهن يرددن بأصواتهن الساحرة أغنية تذهب بالألباب لينتهي الحال بسامعيها من البحارة إلى الاصطدام بالصخور. فهل سيختلف الأمر هذه المرة؟ بعد أن تفاجأ كثيرون بمؤشرات النمو القوية المسجلة في العديد من البيانات الصادرة والمسوح في بداية هذا العام. أحد الأمثلة الكاشفة تمثل في إصدار بيانات موجزة عن مؤشرات مديري المشتريات في فرنسا وألمانيا ومنطقة اليورو في 21 فبراير الماضي. ومن بين المؤشرات التسع، سجلت ثمانية مؤشرات نمواً، بل إن ستة مؤشرات سجلت نمواً أعلى من توقعات أي من خبراء الاقتصاد الذين استطلعت رويترز آراءهم. ولذلك فليس من المدهش أن يبحث الاقتصاديون وصانعو السياسات الآن عن دليل مؤكد على أن انتعاش منطقة اليورو هذا العام قابل للاستمرار، وفي الوقت نفسه، يشيرون إلى مجموعة متنوعة من المخاطر الاقتصادية والسياسية التي يحتمل أن تحمل في طياتها بذور الخراب. ويقول هؤلاء إنه لم تظهر نقطة محددة يمكن عندها القول إن منطقة اليورو انتعشت وأصبحت تسير على طريق النمو. بل إن التطور ظل بطيئاً. وقال جيمس ماكان، خبير الاقتصاد المتخصص في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لدى ستاندرد لايف إنفستمنتس، إن «منطقة اليورو تشهد تحسناً باطراد على مدار ثلاث سنوات الآن، بمساعدة تحفيز السياسة النقدية ونهاية التقشف المالي وتحسن أحوال القطاع المالي». وتؤكد الأرقام ذلك، إذ تشير المفوضية الأوروبية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في منطقة اليورو نما على مدار 15 ربع سنة على التوالي، فيما يعد علامة على التحسن المطرد. غير أن استبعاد بعض من أحدث البيانات يبين أن النمو كان مستقراً وليس مبهراً. فمازال النمو الاقتصادي يسير بمعدل يبلغ نحو 1.6 % سنوياً، ويقدر أغلب الخبراء، الذين شاركوا بتوقعاتهم في استطلاع أجرته رويترز للمفوضية نفسها، أنه سيظل على هذا المستوى تقريباً في العام الجاري. لذلك فالسؤال الآن هو ما إذا كانت البيانات الأخيرة قد قلبت هذه الصورة رأساً على عقب. حتى قبل النظر فيما إذا كانت مشاكل الدين اليوناني ستؤرق منطقة اليورو مرة أخرى، فهناك قضيتان رئيسيتان هما التضخم والانتخابات. وفي حين أن تكرار البيانات الإيجابية التي صدرت في شهري يناير وفبراير الماضيين، مثل ارتفاع الطلبيات الصناعية الألمانية بشدة مرة أخرى سيعزز سيناريو انطلاق النمو في الاتحاد الأوروبي، فربما يكون المفتاح في التضخم. وقال بول مورتيمر لي، رئيس قسم اقتصاديات السوق ببنك بي.إن.بي باريبا: «يكمن خطر الشعور بخيبة الأمل في أن يؤدي ارتفاع التضخم الأساسي إلى تباطؤ نمو الدخل الحقيقي والاستهلاك». ومن المتوقع أن تبلغ القراءة الأولية لمعدل التضخم في منطقة اليورو خلال فبراير الجاري، والتي تعلن يوم الأربعاء، اثنين في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لترتفع إلى المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي بفضل التحفيز النقدي والنمو الاقتصادي. ورغم تواضع هذا المستوى، فلم تشهد المنطقة مثله منذ أربع سنوات، كما أن السنوات الخمس الماضي شهدت مساراً عكسياً قوياً بين التضخم ومبيعات التجزئة. وبعبارة أخرى، يمكن لارتفاع الأسعار أن يضر بإنفاق المستهلكين الذي يفيد في تحريك الاقتصاد. وتفسر البطالة خلال الأزمة المالية بعضاً من انخفاض مبيعات التجزئة الذي شوهد بشكل متقطع منذ عام 2008. غير أن معدل البطالة مازال رغم تحسنه يزيد مرتين عن مثيله في الولايات المتحدة على سبيل المثال. لذلك، فإن التضخم في منطقة اليورو قد يخنق النمو الذي ولده إذا ارتفع بشدة في العام المقبل. ومع ذلك يرى الاقتصاديون عاملاً للقضاء على النمو في سياسات منطقة اليورو. فقد جادل كثيرون بأن منطقة اليورو لا يمكنها التنافس كقوة اقتصادية رائدة دون إصلاحات هيكلية كبيرة، لاسيما في الاقتصادين اللذين يحتلان المرتبتين الثانية والثالثة بعد ألمانيا. وقالت فلورريان هينس، خبيرة الاقتصاد الأوروبي في بنك برينبرج الخاص: «الأمر يتوقف على رفع الوتيرة درجة في فرنسا وإيطاليا». غير أن السياسة في هذين البلدين بالتحديد هي التي تهدد بتأجيل نوع الإصلاحات الهيكلية المفيدة للنمو التي ينادي بها البنك المركزي الأوروبي وكثير من الاقتصاديين في القطاع الخاص. ففي إيطاليا، تقلصت فرص إجراء انتخابات هذا العام، غير أن الاضطراب السياسي الذي اكتنف استقالة رئيس الوزراء ماتيو رينتسي، سيؤدي على الأرجح إلى انتكاس الإصلاحات الكبرى حتى تجرى انتخابات. ومع ذلك، ففي فرنسا تمثل الانتخابات نفسها الخطر الأكبر. فاثنان من المرشحين الثلاثة الأوائل يعتبران من الإصلاحيين الاقتصاديين، لكنهما يقفان في مواجهة مارين لوبان مرشحة الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف، والتي وعدت بطرح عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي في استفتاء من شأنه أن يهز استقرار اقتصاد منطقة اليورو لسنوات. وتشير الاستطلاعات إلى أنه ليس من المتوقع أن تفوز لوبان. غير أن فوز الرئيس الأميركي لم يكن متوقعاً ولا كانت رغبة بريطانيا في الانسحاب من الاتحاد الأوروبي كذلك متوقعة. وقال الاقتصاديون في بنك برينبرج لعملائهم: «إذا انضمت فرنسا وهي تشهد تحسناً إلى ألمانيا، وكانت الأخيرة لاتزال تحتفظ بقوتها في قلب أوروبا، فمن الممكن أن تتحسن التوقعات الاقتصادية والسياسية لمنطقة اليورو ككل بشكل كبير. لكن فوز لوبان بالرئاسة سيؤذن بنهاية الآمال في الإصلاح لفرنسا والاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس المقبلة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©