الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دبي روح المدينة العصرية التي تتجلى فيها أصالة الماضي

دبي روح المدينة العصرية التي تتجلى فيها أصالة الماضي
19 ديسمبر 2012
لإمارة دبي تاريخ دونته الآثار وحفظته على مر الأزمنة في بواطن أرضها، ومناطقها الممتدة، وما جرى عليها من أحداث ووقائع، سطرتها الوثائق التاريخية للمستكشفين والرحال، بالإضافة إلى موقع الإمارة الذي، قال عنه المهندس رشاد بوخش عضو المجلس الوطني رئيس إدارة المباني التاريخية في بلدية دبي مدينة دبي، إن موقع الإمارة شكل علاقات وتفاعلاً حضارياً مع دول الجوار. أصبحت دبي مركزاً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً متنوع السمات والخصائص، إلا أن تلك النهضة المتسارعة لإمارة دبي، لم تجعلها تتخلى عن تاريخها وتراثها، ومناطقها التراثية القديمة، التي أصبحت مقصداً مهماً ووجهة يفد إليها السياح، ليطلعوا على معالم الإمارة الثرية بكنوزها المستمدة من عراقة وأصالة الماضي وروح المدينة العصرية. وعن الملامح العمرانية والنهضة التي عمت أرجاء دبي، قال: تتجلى صورة دبي القديمة، عبر الآثار التي تم اكتشافها مؤخراً في مناطق عدة منها، فمن أقدم المواقع الأثرية المكتشفة حديثاً، هي ساروق الحديد، ويعني المنخفض بين مرتفعين، وهي واقعة بقرب من حدود دبي العين، وقد اكتشفها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أثناء تجول سموه على ظهر الخيل، ورأى قطعة من الحديد بين الرمل، فتم الحفر على عمق خمسة أمتار حتى ظهر الموقع الأثري، الذي كشف فيه عن قطع من خيوط الذهب، وقطع من الذهب والنحاس، وفخاريات ضخمة جداً، والاكتشافات لا تزال جارية في الموقع، ومن خلال معاينة هذه الآثار تبين أنها تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وهو يعتبر من أقدم المواقع الموجودة في إمارة دبي. حفريات ويتابع بوخش: بالإضافة لهذا المواقع الذي يتضح من خلال صورة جلية حول قدم مدينة دبي، هناك موقع أثري في حتا، حيث كشف عن مدافن قديمة وكتابات ورسومات على الأحجار، ولا تزال المواقع الأثرية التي كشف النقاب عنها، تتحفنا بالكثير من الآثار لبعض المستوطنات منها مستوطنة القصيص التي تعود إلى الألفين الثاني والأول قبل الميلاد، وقد بدأت الحفريات بها منذ ستينيات القرن العشرين، وتم العثور على مائتي مدفن بأشكال وأحجام متنوعة وبعض الأواني والحلي والأسلحة، وتعود أهمية هذه المستوطنة لكونها توضح ملامح التطور البشري والتقني التصنيعي لتلك الحقبة الزمنية. وعن منطقة الصفوح التي تقع في جنوب من دبي، أوضح أن المكتشفات الأثرية فيها عمارة تلك المنطقة إلى فترة قديمة جداً، تمتد إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث تم العثور فيها على مدفن دائري مقسم إلى ست غرف مبنية من الحجارة الرملية المشذبة مملوءة بالهدايا الجنائزية، وحول المدفن ثلاث حفر مملوءة ببقايا العظام مما يدل على استخدام المدفن مرات عدة. محطة تجارية أما الموقع الأثري في جميرا، فبين أنه ثبت بالدليل القاطع على أن هذه المحطة تعد محطة تجارية مهمة في منطقة الخليج، حيث تم العثور على مجموعة من المباني، منها قرية صغيرة لقاطنيها، والحصن وبيت الوالي وسوق ومسجد، والأطلال التاريخية التي يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي. المراجع القديمة وقال بوخش، إن أول ذكر لاسم دبي كان عام 1587، حيث دون ذلك في المراجع القديمة عند زيارة تاجر اللؤلؤ الإيطالي جاسبارو بالبي للمنطقة، وذلك لشهرتها في تجارة اللؤلؤ الطبيعي منذ العهد القديم، وقد تناولت الوثائق البريطانية هذه المنطقة، حيث قدمت وصفاً دقيقاً لها، وأشارت هذه الوثائق التي تم تدوينها 1864، إلى أن دبي مدينة كبيرة مستقلة تحت رئيسها وتضم مع ضواحي ديرة ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف نسمة من السكان، ومن أهم معالم المدينة التي تمت الإشارة إليها حصن الفهيدي، الذي يعتبر بيت الحكم، وهو أعلى مبنى في المدينة وعبارة عن حصن مربع مرتفع، ويوجد برج دائري مرتفع في الزاوية الجنوبية الغربية، كما أن هناك من ثمانية إلى تسعة أبراج صغيرة الحجم موزعة في المدينة وضواحيها. الخور ولفت إلى أنه على الجهة الشمالية من مدخل الخور ومقابل المدينة، تقع ضاحية كبيرة من بيوت العريش، تسمى ديرة، بالإضافة إلى بعض الأبراج في جهاتها الشمالية، ومن ناحية النشاط الاقتصادي، يدخل البحر قرابة 150 سفينة للغوص على اللؤلؤ، كما تستخدم هذه السفن أيضاً في فصل الشتاء لصيد الأسماك، وتعد تجارة دبي رائدة في تلك الحقبة الزمنية، وتتسع بسرعة كبيرة، وذلك بفضل السياسية التي يتبعونها في دبي، ونتيجة للقيود الجمركية التي كانت تفرضها دول مجاورة على السفن الأجنبية، أصبح في دبي مستودع للتجارة الأجنبية ما جعل البواخر التابعة لشركات الملاحة في الهند وغيرها تترد عليها، والسفن البريطانية التي كانت تزورها كل أسبوعين، وكانت تصدر بعض المنتجات التي اشتهرت بها كاللؤلؤ والأصداف والسمك المجفف، أما وارداتها فكانت من التمور، والأرز والقمح والبهارات والمعادن والحبال والأخشاب. الأبنية القديمة ويقول بوخش: لو تفحصنا في ملامح الأبنية التقليدية التي خطت بها المنطقة قديماً، لوجدنا أن هذه المساكن تم إنشاؤها وفقاً لطبيعة البيئة المحلية والخامات المتوافرة في تلك الفترة، فيمكن أن نقسمها إلى أقسام عدة تعتمد على طبيعة المكان، حيث مساكن البدو الرحل، ممن قطنوا البوادي والصحراء، وطبيعة حياتهم التي تقوم على الترحال وعدم الاستقرار، جاءت منازلهم لتحاكي تلك الطبيعة، فمن بيوت الشعر كانت منازلهم، أما قاطنو الوديان، فكانت من الطين، وسكان الجبال عرفت منازلهم بالقفل والحجارة وكانت مصدرا رئيسا لتشييد مساكنهم، وعلى الساحل نجد مساكن العريش المشيدة من سعف النخيل، والأبراج والقلاع والحصون، التي كانت الصخور والأصداف والشعب المرجانية هي مواد بنائها، وأيضاً الجص وهي المادة الرابطة بين الجدران، فجاءت الأسقف من جذوع النخيل، وكان هنالك تطور ملموس في البناء قديماً، وذلك بدخول خامات جديدة، فتم استخدام خشب الجندل في الأسقف، الذي كان يجلب من زنجبار، ثم إلى خشب المربع والمستطيل، وكان يجلب من الهند وبورما، وتطور البناء بعد ذلك أكثر عندما تدفق البناؤون، وأدخلوا الزخارف والبارجيل، وبيوت الأحواش. أما عن مسيرة العمران في القرن التاسع عشر، فقال بوخش: تميزت هذه الحقبة بأنها اللبنة الأولى لتأسيس دبي، حيث شهدت أحداثاً مصيرية، وتوقيع معاهدات مع الحكومة البريطانية، وتطوير دبي من خلال مراحل متلاحقة بتكوين العلاقات الدولية مع الخارج بفتح خط البواخر بين دبي والهند، حيث أصبحت المنطقة في تلك الحقبة ذات طابع استراتيجي متميز، كما شهد النصف الأول من القرن الماضي عام 1958 استمرار أعمال تطوير البنية التحتية عند تولي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم مقاليد الحكم، وبدأت مشاريع تخطيط المدينة، ووضع الخطوط الأساسية للنهضة الحديثة، حيث زاد عدد المشاريع في دبي وضواحيها، وتعددت آفاق التعاون الدولي، فدخلت دبي مرحلة الظهور العالمي تاريخ المناطق الأثرية بالنسبة للمباني المعمارية القديمة التي تعد إرثاً ووجهاً ثقافياً، قال المهندس رشاد بوخش عضو المجلس الوطني، رئيس إدارة المباني التاريخية في بلدية مدينة دبي: لا بد أن تحظى باهتمام واسع، فمع ظهور البترول في دبي سنة 1869 ودوران عجلة التطور بصورة سريعة، تمت إزالة الكثير من المباني القديمة وإحلال المباني الجديدة، فمن خلال مسح قمنا به، تبين أن 90% من المباني القديمة تمت إزالتها، إلا منطقتين هما الشندغة والفهيدي، فلم يصل لهما التخطيط بعد، مما كان سبباً في الحفاظ على هذه المناطق التراثية التي أصبحت اليوم وجهة رئيسة للكثير من السياح الذين يبحثون في تراث وتاريخ وثقافة هذه المنطقة. وأضاف: الخطى تسير وفق منهج علمي مدروس ليتحقق التصور لمدينة دبي بأن تصبح مدينة عالمية في مجال المال والأعمال والسياحة في عام 2050، حيث نلمس تطوراً على جميع الصعد من بنية تحيته، شبكة المواصلات المتطورة، التي اخترقت سماء دبي، ناطحات السحاب، وأضخم المراكز التجارية، والفنادق الفخمة، والمهرجانات التي تقام من حين إلى آخر، والمعارض الدولية المتميزة، والرياضات العالمية التي تنظم فيها، إلى جانب الثقافة والتاريخ والفنون، والترفيه كل ذلك جعل من دبي مدينة عصرية متكاملة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©