الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان··· سياسات مشرف في الميزان

باكستان··· سياسات مشرف في الميزان
5 يوليو 2007 02:57
يُنظر إلى الرئيس الباكستاني ''برويز مشرف'' على نطاق واسع على أنه رجل عسكري متشدد، يجب الضغط عليه من أجل عقد انتخابات حرة ونزيهة هذا العام، بيد أنني أعتقد أن هذا التصنيف لمشرف والاقتراحات السياسية الخاصة بما يتوجب عليه عمله يفتقران للصواب لأن مشكلة مشرف هي أنه قد أخفق في التصرف بسرعة من أجل وضع السياسات الباكستانية على المسار الصحيح، على الرغم من أنه يعرف- أفضل مما يعرف نقاده- أن إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة في ظل تعقيدات المشكلات الداخلية الحالية لباكستان، قد لا يحول دون انجراف باكستان نحو الأصولية· بيد أن مشرف يستحق النقد بسبب مسؤوليته عن تدهور المجتمع المدني الباكستاني· والحجة الوحيدة التي يسوقها دفاعا عن نفسه في هذا الشأن، وهي أن الأمور كانت أسوأ على عهد سلفه ''نواز شريف'' مردود عليها بأنه حتى لو كان الأمر كذلك، فقد كانت أمامه فرصة ذهبية لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وتطوير استراتيجية قادرة على تعزيز كفاءة المجتمع المدني وإبعاد الجيش عن شؤون الحكم· غير أنه لم يفعل ذلك، بل ورفض النصائح التي قدمها له المستشارون بعدما جاء إلى الحكم على إثر انقلاب على سلفه بضرورة إعلان حالة الطوارئ لعدة شهور، كما أصدر أوامره في نفس الوقت لأجهزة استخباراته بمطاردة المتطرفين الذين أسبغت عليها رعايتها لسنوات· ولكن مشرف الرجل القوي بدلاً من أن يفعل ذلك أخطأ خطأُ قاتلا هو أنه قد حرص- بدلا من ذلك- على أن يكون محبوباً· حيث قام في هذا الإطار بتنفيذ مشروع متعجل للحكم المحلي، ما أدى إلى تدمير الجهاز البيروقراطي المدني في باكستان، كما رفض السماح لرئيسي الوزراء السابقين ''بنازير بوتو'' و''نواز شريف'' بالعودة إلى باكستان للمشاركة في الانتخابات، واختلق حزباً سياسياً لخلق انطباع بأنه يحظى بدعم شعبي، ودخل في تحالفات مع الإسلاميين كي يتنصل منها فيما بعد، ومع حزب يمارس الحكم من خلال إرهاب الآخرين في مدن معينة من البلاد· ونقطة القوة الوحيدة التي كان يتمتع بها مشرف قبل أن يتحداه القاضي ''افتخار محمد شودري'' كانت هي أن بدلاءه كانوا أقل قدرة منه· غير أن كل ذلك لا يعني أن حكم مشرف كان يخلو من المزايا· فالرجل قد قام- على العكس من أراء الجنرالات المتشددين- بطرح المقترح تلو الآخر على الحكومة الهندية من أجل حل مشكلة كشمير، مما وضعها في موقف الدفاع· وتحت حكم مشرف تحول الموقف الباكستاني من الإصرار على إجراء استفتاء لتحديد المصير بين سكان كشمير- وهو الشيء الذي لم تكن الهند لتوافق عليه على الإطلاق- إلى اقتراح عدد من الترتيبات البديلة التي تهدف في مجملها إلى إنقاذ ماء وجه بلاده· وقد أشرف ''مشرف'' على تنفيذ عملية للإصلاح الاقتصادي، ولكن البنك الدولي انتقدها مشيراً إلى أن التفاوتات في الدخول والفقر في الريف قد تفاقما، في نفس الوقت الذي ازدادت فيه النخبة التي تعيش في المدن شراهة في جمع وتكديس المال· ومشرف يتلقى دعماً أميركياً سخياً بسبب انقلابه التام على ''طالبان'' و''القاعدة'' بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر· وليس هناك من يشكك في صدق موقفه من ''القاعدة''، لأن هذا التنظيم كما كتب هو بنفسه في مذكراته التي أصدرها في كتاب، كان هو الذي حاول عدة مرات أن يغتاله· مع ذلك فإن هناك من الأسباب ما يدعو للتشكك في دور باكستان فيما يتعلق بـ'' طالبان'' خصوصاً وأن المسؤولين الباكستانيين لا يتحرجون من الاعتراف علناً بأن أكثر ما يقلقهم هو التغلغل الهندي في أفغانستان(الذي يعني تطويق باكستان)، واعتماد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على نيودلهي· وإذا ما أخذنا هذا الهاجس الاستراتيجي في الحسبان، فليس هناك ما يدعو للدهشة إذا ما قامت باكستان بالتهاون مع ''طالبان'' التي تنتمي لقبائل البشتون التي تعيش في باكستان باعتبارها الأداة الوحيدة المتاحة لها لإزعاج نظام كابول· مهما يحدث في باكستان في الأيام القادمة، فإنه لن يعني أن نهاية'' نظام مشرف'' قد اقتربت· فحتى لو أُجبر مشرف على التخلي عن رئاسة الدولة مع بقائه قائداً للجيش، فإن زملاءه العسكريين سيستمرون في حكم البلاد من وراء ستار، وسينجحون في العثور على سياسي مطيع أو اثنين كي يعملا كواجهة لهم· أما في الخارج فقد يقدم هؤلاء على تبني سياسة أكثر صرامة مع الهند، وهل هناك طريقة لتوحيد باكستان أفضل من اختلاق أزمة مع الهند؟ كما قد يحاولون إيهام الأميركيين أنهم يتخذون موقفاً متشدداً من'' طالبان'' دون أن يكون الأمر كذلك بالفعل، ذلك لأنهم لن يقبلوا عن طيب خاطر أن يتخلوا عن ''طالبان'' التي تمثل ورقة مهمة في أيدهم· والمشكلة هنا تكمن في أن الولايات المتحدة تعامل باكستان كما لو كانت حليفاً من حلفاء عصر الحرب الباردة، من خلال حصر تعاملها مع القيادات العليا في ذلك البلد فقط· والخطر الكبير الذي قد يتمخض عن ذلك هو أنه عندما يحل علينا مثل هذا الوقت من العام المقبل، فإن باكستان قد لا تجد أمامها مصادر داخلية يمكن الاستعانة بها لإنقاذ نفسها من التهاوي· وإذا ما حدث ذلك، فإن باكستان المسلحة نووياً، سوف تصبح خلال السنوات المقبلة أكبر مشكلة من مشكلات السياسة الخارجية لجميع الدول· ستيفن كوهين زميل رئيسي في برنامج دراسات السياسة الخارجية التابع لمعهد بروكنجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©