الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في أفغانستان... الفساد في كل مكان

18 ديسمبر 2012
عبد المقصود عزيزي كابول يبدو أن ملايين الدولارات التي دفعتها القوات الدولية مقابل استئجار قطعة أرض في إقليم «لوجر» من أجل استعمالها كمهبط للطائرات قد ذهبت إلى ستة أشخاص لهم معارف وعلاقات مهمة، وربما حتى إلى «طالبان» أيضاً، بدلاً من أن تذهب إلى المالك الشرعي للأرض: الحكومة الأفغانية. غير أن حقيقة أن أموالاً طائلة يمكن أن تضل طريقها بسهولة وتذهب إلى غير مستحقيها ينبغي ألا تشكل مفاجأة لأحد نظراً لأن الفساد في أفغانستان مستشر في مختلف مفاصل الحكومة. وحسب الحاكم السابق للإقليم، فإن الأموال دُفعت في 2009 عندما قرر فريق إعادة الإعمار في الأقاليم الأفغانية -وهو عبارة عن قوة مدنية وعسكرية مشتركة شُكلت من أجل تهدئة الأقاليم المضطربة والمتمردة مثل «لوجر»- إنشاء مهبط للطائرات، إلى جانب عدد من المباني والطرق المرتبطة به، في منطقة صحراوية تقع إلى الجنوب من عاصمة الإقليم «بول علم». ويقول عتيق الله لودين، الذي كان يشغل منصب حاكم الإقليم في ذلك الوقت، إن ستة أفراد محليين، رفض الكشف عن أسمائهم، ادعوا ملكيتهم لقطعة الأرض التي تبلغ مساحتها 53 كيلومتراً مربعاً، على رغم حقيقة أنهم لم يستطيعوا الإتيان بوثائق قانونية تثبت ملكيتهم للأرض. وقد تلقى الرجال الستة، على ما يقال، 2,6 مليون دولار كمقابل إيجار عن العام الأول، ذهب جزء منها إلى أعضاء «طالبان» المحليين. وفي هذا الإطار، قال لودين: «في 2009، أبلغتني وكالة الاستخبارات في لوجر أنه بعد أن تلقى الرجال الستة 2,6 مليون دولار كإيجار عن العام الأول من الأميركيين، أعطوا طالبان 500 ألف دولار». ومن جانبه، قال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي «الناتو» في «لوجر»، وقد وافق على التحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الوكالة ما زالت غير قادرة على تحديد من يملك الأرض في الحقيقة الأفراد أم الدولة. وكانت الأسئلة حول نقل الأراضي قد أثيرت أول مرة في 2010، عندما كتب عبدالحكيم سليمان خل، رئيس المجلس الإقليمي، إلى لودين يقول: «يتعين على مكتب الحاكم أن يقوم فوراً بتوقيف الأشخاص الذين استولوا على الأرض، كما يتعين استرجاع المال الذي تلقاه الأشخاص الستة من الأميركيين وإيداعه في خزينة الحكومة». وبالفعل، تحرك «لودين» في البداية عندما أُخبر بشأن صفقة الـ«2,6» مليون دولار، حيث أمر بتوقيف أربعة من الرجال الستة الذين تلقوا الأموال. غير أنه بعد بضعة أيام على ذلك، قام بإصدار أمر بالإفراج عنهم. ويزعم «لودين» أنه أمر بتوقيف الرجال الأربعة في البداية لأن صك الملكية الذي كان بحوزتهم لم يكن قانونياً، وأنه كان قد رُخص له بشكل غير قانوني من قبل الحاكم السابق عبدالله وارداك. وقال: «إنه شيء حدث في زمن عبدالله وارداك... وأنا لا أعلم به كلياً». والجدير بالذكر في هذا الإطار أن «وارداك» قُتل في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق في 2008. غير أن «لودين» كان أقل تعاوناً عندما طُلب منه أن يشرح الأسباب التي دفعته إلى إصدار الأمر بالإفراج عن المشتبه فيهم الأربعة. ففي البداية، ألح على أن المدعي العام المحلي هو الذي أمر بالإفراج عن الرجال الأربعة. ولكن عندما قوبل بوثائق تُظهر توقيعه على أوراق الإفراج، اكتفى الحاكم السابق لإقليم «لوجر» بالقول: «لقد كنت أقوم بواجبي فقط». ويشدد «لودين» على أنه لم يقم بأي فعل خاطئ وأن الادعاءات التي تروج ضده هي جزء من مؤامرة تستهدفه. وقال في هذا السياق: «إنني لم أتلق أي رشوة من أي أحد. لقد قمت بتطبيق القانون فقط». غير أن شخصاً واحداً على الأقل كان مستعداً للتقدم إلى الأمام والاعتراف بتلقي أموال كمقابل إيجار للأرض؛ حيث أكد «أول خان»، وهو زعيم قبلي من المنطقة، أنه تلقى المال بالفعل. وقال خان في هذا الإطار: «إنه ثمن استئجار أرضنا»، قبل أن يقول لأحد الصحفيين «ارحل». وعلى ما يبدو، فإن نحو 200 من العائلات كانت تعيش في المنطقة التي من المنتظر أن يبنى فيها مهبط الطائرات تلقت نصيباً من المال أيضاً. وفي هذا الإطار، قال مزارع يدعى لطف الله ويبلغ من العمر 36 عاماً إنه تلقى 18 ألف دولار قبل أربع سنوات «لأن ذلك هو نصيبي». هذا في حين حصل آخرون على مبالغ أقل -ما بين 5 و7 آلاف دولار- كما يقول. ويضيف لطف الله قائلًا إنه لم يسبق له أن رأى مثل هذا المال الطائل في حياته، ولن يرى مثله مرة أخرى. ذلك أن الـ18 ألف دولار كانت أول وآخر مال يتلقاه. هذا ويقول المسؤولون في الإقليم إن الموضوع ما زال قيد التحقيق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©