الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شهر الأفلام العربية··· بيانات بصرية عن الحالات والأمكنة

شهر الأفلام العربية··· بيانات بصرية عن الحالات والأمكنة
4 يوليو 2007 01:35
بعد غياب طويل عن خريطة الأنشطة الثقافية لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عاد النشاط السينمائي مرة أخرى خلال الموسم الصيفي الحالي كي يعزز الانتباه لهذا الفن المحاصر والمغيب في أفق الثقافة العربية، وكانت قاعة المؤتمرات بقصر الثقافة بالشارقة على موعد مساء الاثنين الفائت مع فعالية ''شهر الأفلام العربية القصيرة'' من تنظيم دائرة الثقافة بالتعاون مع تلفزيون الشارقة، واعتماداً على جهد استقصائي واضح للمخرج محمد علّوه، وبالرغم من قلة الأفلام الخليجية، والغياب التام للفيلم الإماراتي من ''بانوراما'' الأفلام المخصصة للعروض، إلا أن ذلك لا ينقص من قيمة ونوعية ما تم عرضه من أفلام عربية نادرة يصعب الاطلاع عليها في ظل النهم التجاري والاستهلاكي الطاغي على دور السينما والشركات الخاصة التي تسندها· وزع برنامج ''شهر الأفلام العربية'' على أربعة عروض أسبوعية يتم خلالها عرض أفلام التحريك والأفلام التسجيلية والروائية القصيرة القادمة من حواضر وأرياف ومدن الوطن العربي كي تعبر عن خفايا وتفاصيل مسكوت عنها، وهي أفلام تنتمي في الوقت ذاته إلى حالات إنسانية ومواقف حياتية، تستقي من الصورة السينمائية ما يعينها على التعبير عن جراحاتها الصامتة، وآلامها الاجتماعية والسياسية المرصودة في حياة المهمشين والمعزولين في خلواتهم الروحية، وأحلامهم البسيطة والعابرة· ترويض الزمن احتوى جدول عروض الأفلام المخصصة للأسبوع الأول على خمسة أفلام ذات نسق مشترك ومهموم بأسئلة الحاضر العربي وأمراض البيئات المقصية والنائية بشخوصها وتقلباتها الاجتماعية والإنسانية، وأتى فيلم ''بثينة'' الذي استهل جدول العروض كي يعبر عن الأزمة الوجودية للمرأة العربية وسط فوضى التقلبات السياسية ومتاهات العرف الاجتماعي المترنح بين الرفض والقبول تبعا لشروط وإملاءات الزمن والمكان، فالحاجة بثينة تصر من خلال هذا الفيلم التسجيلي الذي نفذه المخرج جمال القاسم على ترويض الزمن و استعادة الزمن الجميل الذي عاينته منذ أن كانت ممثلة على خشبة المسرح، وهي الخشبة ذاتها التي حرمت من فضاءاتها وأجوائها الفنية بعد أن تقدم بها العمر ولم يعد لها مكان وسط المسرح التجاري الطاغي والمهيمن على أزمنة الفن الأصيل والخالص، تضطر الحاجة بثينة على القيام بمهن قاسية للخروج من حالة الفقر والعوز، وتظل مسكونة بعشق المسرح بالرغم من كل هذه الظروف، وبعد مرور سنوات طويلة تترجم ''بثينة'' هذا العشق من خلال تحويل منزلها إلى ساحة مسرحية مفتوحة لأهالي المنطقة التي تسكنها، وبالتالي تقوم بتحرير أهوائها الفنية المكبوتة بالرغم من فترات الصمت والحرمان الطويلة، استطاع هذا الفيلم التسجيلي المعبر أن ينقل نبض الشخصيات المهمشة والحالمة في الوقت ذاته، وذلك من خلال كاميرا مرهفة ومتآخية من الموسيقا الريفية وملامح الوجوه المغسولة بالصبر والمحبة· الذاكرة والألم ومن الأفلام التي عرضت في سياق البرنامج يبرز الفيلم الروائي القصير رحلة في الماضي الذي نفذه المخرج المغربي أحمد بولان والذي يتحدث عن قصة شاب معاق يعود إلى وطنه ومسقط رأسه بعد حصوله على شهادة الدكتوراه من فرنسا، وعندما يبدأ رحلة البحث عن عمل تغلق كل الأبواب في وجهه، وتعود به الذاكرة نحو عوالم الطفولة المعذبة التي لا تختلف عما يحدث له الآن في الحاضر، فمن خلال حوارية بصرية وخيالية متبادلة بين الذاكرة والألم تتجول كاميرا ''أحمد بولان'' كي تكشف عن حالات الإعاقة الاجتماعية المتفشية في أصقاع كثيرة من الوطن العربي، ويصرح بطل الفيلم بذلك عندما يخاطب زوجته الفرنسية ويبوح لها وبمرارة أن الإعاقة ليست الإعاقة الجسدية والبدنية بل هي إعاقة الجهل والفقر والخوف· أما فيلم ''حكاية مسمارية'' للمخرج السوري موفق قات فيستثمر رمزية الصور المتحركة للتعبير عن حالة الشعوب العربية المطحونة وسط الحروب والأطماع العالمية، فهي شعوب مضطهدة وفاقدة لدورها لأنها مغيبة عن المشاركة والتأثير في القرارات الكبرى، التي تتحول في كثير من الأحيان إلى قرارات مجيرة لصالح الكبار وضد كرامة وحرية الصغار!· أسلوب التحريك ويتحدث فيلم ''ألف يوم ويوم'' عن سلطة الرقابة وقمع الأفكار وتكميم الأفواه وسط أجواء كابوسية وساخرة في الوقت ذاته، فمن خلال استخدام أسلوب التحريك يقوم المخرج اللبناني جورج خوري بمزج الواقعية بالرمزية لتعميق النظرة الناقدة تجاه الأوضاع السائدة· وأخيراً يأتي الفيلم الروائي القصير ''الحذاء'' للمخرج الأردني محمد علّوه كي يجول في ممرات موحلة وعواطف منهكة، تترجمها حالة الأطفال الفلسطينيين في مخيم البقعة، تتحرك الكاميرا هنا بواقعية جارحة وموغلة في تفاصيل العذاب اليومي وإشكالات التفرقة العنصرية التي يواجهها طفل صغير في مناخ مدرسي معتم ومنزوع الرحمة، خروجاً إلى حالة عامة تعبّر عن الوجع العربي في أزمنة الخراب والنكسات المتلاحقة·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©