السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خطة جديدة لتعويض خسائر شركات التأمين المصرية

خطة جديدة لتعويض خسائر شركات التأمين المصرية
29 ديسمبر 2013 22:25
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - بدأت شركات التأمين المصرية المملوكة للحكومة أو للمستثمرين العرب والأجانب، تنفيذ استراتيجية عمل جديدة تستهدف تعويض الخسائر التي تعرضت لها خلال الفترة الأخيرة. وتعود هذه الخسائر إلى تنامي حجم التعويضات المدفوعة للعملاء والناتجة عن زيادة حالات السرقة والسطو المسلح وإتلاف الممتلكات أو التوقف الاضطراري عن العمل نتيجة الاعتصامات والإضرابات العمالية والاحتجاجات الفئوية وغيرها، وهي الخسائر التي سجلت أرقاما قياسية في بعض فروع التأمين، ومنها التأمين على السيارات والبضائع، ما أثر سلباً على هياكل المراكز المالية لمعظم شركات التأمين العاملة في السوق المصرية. وتقدر هذه الخسائر بأكثر من مليار جنيه تكبدتها الشركات بشكل مباشر وغير مباشر على مدار السنوات الثلاث الماضية إلى جانب تراجع حجم الأقساط المحصلة على خلفية الركود الاقتصادي العام في البلاد واضطرار الشركات لسداد أكثر من ملياري جنيه أخرى كتعويضات إضافية للأفراد والشركات خلال تلك الفترة، الأمر الذي شكل ضغوطاً كبيرة على الشركات ما دفعها لاعتماد استراتيجيات عمل جديدة تم تبنيها خلال اجتماعات الجمعيات العمومية التي عقدت مؤخرا. ونظراً لاستمرار حالة الركود والانكماش الاقتصادي وعدم قدرة الأنشطة الإنتاجية المختلفة خاصة في قطاعي الصناعة والتجارة على توليد عقود تأمينية جديدة تلبي طموح الشركات وتعوض جانباً من خسائرها، اعتمدت الاستراتيجيات الجديدة على تعظيم العائد الاستثماري الذي تحصل عليه الشركات جراء حصيلة الأقساط المكتتبة من العملاء وإعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية لهذه الشركات بما تضمه من أصول ضخمة تتسم بالتنوع، حيث تشمل حصصاً في رؤوس أموال شركات واستثمارات عقارية وقطع أراض مميزة وغيرها، بحيث تضمن هذه الهيكلة الجديدة عوائد استثمارية جيدة للشركات تعوض خسائرها. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن أبرز ملامح الاستراتيجية التشغيلية والاستثمارية الجديدة لشركات التأمين المصرية تتضمن عدة محاور منها تأسيس صناديق استثمار نقدية ذات عوائد تراكمية برؤوس أموال كبيرة نسبياً، والدخول بقوة مجال التطوير العقاري الذي يعد بفرص استثمارية جيدة ومضمونة في غضون السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لدراسات سوقية. بينما يتمثل المحور الأخير في تعديل قانون التأمين بحيث يضمن وقف نزيف التعويضات، التي يحصل عليها العملاء وزيادة نسبة التحمل، التي يتم خصمها من إجمالي التعويضات المسددة وتحديد حالات التعويض الكامل، وحصرها في الظروف القهرية أو وقوع كوارث طبيعية ورفع نسبة الأقساط المسددة في وثائق التأمين الخاصة بالإضرابات والمظاهرات والشغب الجماهيري وغيرها من الحالات، التي كثرت مؤخراً في المشهد الاقتصادي المصري، ولم تكن معروفة من قبل ولم تضعها شركات التأمين في السنوات الماضية في حسبانها. صندوق استثمار وعلى صعيد المحور الأول فقد قررت الشركة القابضة للتأمين- المملوكة للحكومة - والتي تضم مجموعة من شركات تأمين الممتلكات وتأمينات الحياة إطلاق صندوق استثمار نقدي ذي عائد تراكمي برأسمال يبلغ مليار جنيه تسهم فيه أكثر من أربع شركات تنضوي تحت مظلة الشركة القابضة، ويسهم فيه كذلك بنك “H.S.B.C” البريطاني العامل في مصر. ويسعى الصندوق الجديد إلى تحقيق عوائد استثمارية تتراوح بين 15 و20% سنوياً على أن يقتصر مجال عمله على شراء السندات الحكومية وأذون الخزانة التي تصدرها وزارة المالية وعمليات التوريق التي يلجأ إليها العديد من البنوك، وتملك حصصاً في رؤوس أموال شركات ناجحة بشرط أن تكون مسجلة ومتداولة في بورصة الأوراق المالية حتى يمكن التخارج منها بسهولة وتسييل هذه الاستثمارات في أي وقت. ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة إقدام العديد من شركات التأمين العائدة ملكيتها لمجموعات استثمارية أجنبية على إطلاق صناديق استثمار مماثلة لاسيما في ظل ضغوط المنافسة المتزايدة التي تواجهها هذه الشركات. التطوير العقاري وعلى صعيد محور الاستثمار والتطوير العقاري فقد تم تجميع الأصول العقارية ومحفظة الأراضي المملوكة لشركات التأمين الحكومية في شركة متخصصة هي شركة “مصر لإدارة الأصول العقارية”، والتي تعتزم بدورها الدخول بقوة في تنفيذ العديد من المشاريع العقارية الكبرى في المدن الجديدة - بعد أن تجاوزت أصولها المليار جنيه - لضمان عائد استثماري جيد للشركات الأم. وتشمل هذه المشروعات بناء مجموعة من سلاسل المراكز التجارية علي قطع الأراضي الكائنة في المدن القديمة وتأجيرها نظراً لارتفاع القيمة السوقية لهذه الأراضي وعدم جدوى استخدامها في بناء مساكن وتمليكها للمواطنين. كما يتضمن هذا المحور الاستثماري الجديد إعداد مخطط متكامل لتطوير منطقة وسط القاهرة حيث تعود ملكية أكثر من 70% من بنايات وسط المدينة لشركات التأمين الحكومية، وذلك بالتعاون مع مطور عقاري عربي يجري التفاوض معه حالياً بهدف إعادة الجاذبية الاستثمارية والمعمارية للمنطقة المعروفة بالقاهرة الخديوية لتصبح مركزاً للمال والأعمال مرة أخرى مثلما كان وضعها حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي. ومن المنتظر رصد نصف مليار جنيه لإنقاذ هذه المنطقة التاريخية المهمة وبما يضمن لشركات التأمين تحقيق أعلى عائد استثماري ممكن من هذه الأصول العقارية ذات الطبيعة الخاصة. أما المحور الثالث من الخطة فيشمل إجراء تعديلات شاملة على القانون رقم 10 لسنة 1981 الحاكم لنشاط التأمين في مصر لتستوعب المتغيرات الاقتصادية الجديدة في السوق، وتلبي مطالب الشركات وتخلق التوازن المالي في عقود التأمين الجديدة بين العملاء والشركات خاصة في ظل استمرار نزيف التعويضات التي تضطر الشركات إلى سدادها للعملاء وفقاً للعقود الموقعة وبما يفوق في بعض الأحيان حجم الأقساط المحصلة، الأمر الذي يترتب عليه المزيد من الخسائر لشركات التأمين. ويرى خبراء اقتصاديون أن لجوء شركات التأمين لهذه الاستراتيجية الاستثمارية الجديدة بمثابة إنقاذ لها من طوفان الخسائر والتعويضات المبالغ فيها، والتي اضطرت الشركات لسدادها خلال السنوات الثلاث الماضية وأثرت سلباً على مراكزها المالية، حيث لم يكن في تخطيط هذه الشركات تلك التطورات الدرامية في مصر وارتفاع معدلات السرقة والسطو المسلح والحرائق والشغب والتخريب وغيرها، وبالتالي حاولت هذه الشركات الصمود لأطول فترة ممكنة، ولجأت إلى السحب من احتياطاتها لمواجهة سيل التعويضات، ولكن لم يكن ممكناً الاستمرار على هذا النحو من دون اللجوء إلى آليات بديلة لتعويض هذه الخسائر وتحقيق عوائد استثمارية مناسبة لاسيما وأن هذه الشركات تمتلك أصولاً إنتاجية وخدمية جديدة. ظروف استثنائية وقال الدكتور محمد يوسف رئيس الشركة المصرية القابضة للتأمين إن شركات التأمين المصرية واجهت ظروفاً استثنائية على مدى السنوات الأخيرة بعد ثورة 25 يناير، واستطاعت الصمود ودفع التعويضات الواجبة للعملاء، وهي تعويضات فاقت كل التوقعات والحسابات الاقتصادية للشركات وساعد امتلاك الشركات لأصول استثمارية جيدة إلى جانب كوادر بشرية مؤهلة وعمق وتنوع سوقي على الصمود في الفترة الماضية، وبالتالي كان لابد من مساعدة الشركات على تعويض هذا النزيف المالي عبر اللجوء إلى تعظيم العوائد الاستثمارية من المحفظة وابتكار طرق جديدة لاستثمار أصول تاريخية هائلة وذات قيمة اقتصادية كبيرة مثل محفظة الأراضي والعقارات الضخمة، وقد أثبتت التجربة العملية صواب هذا التوجه، حيث حققت شركة مصر لإدارة الأصول العقارية عوائد جيدة من وراء هذه الأصول المملوكة لشركات تأمين حكومية. ومن جهته، قال أحمد عارفين العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلي إن التحديات الضخمة التي واجهتها شركات التأمين في السوق المصرية في الأعوام الثلاثة الماضية كانت تحديات غير مسبوقة على جميع الأصعدة، ومع ذلك نجحت الشركات في التعامل مع هذه التحديات، وحافظت على أوضاعها المالية المتينة رغم حجم التعويضات الضخم وغير المسبوق الذي اضطرت لسداده للعملاء. وأوضح أن اللجوء إلى خيارات استثمارية جديدة سواء عبر إطلاق صناديق استثمار نقدية أو امتلاك حصص في رؤوس أموال شركات إنتاجية ناجحة أو دخول مجال التطوير العقاري سوف يعزز المراكز المالية للشركات وربحيتها، وبالتالي يتم تعويض الفترة الماضية ومنح الشركات المزيد من القدرة على مساندة الاقتصاد الكلي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©