الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

118 عاماً على ذكرى ميلاد العقاد مرت صامتة

3 يوليو 2007 02:58
مرت قبل أيام ذكرى ميلاد المفكر الراحل عباس محمود العقاد أحد أهم أعلام الثقافة العربية في العصر الحديث وصاحب العبقريات والمعارك والمواقف الصلبة الشجاعة بنوع من الصمت، فالرجل الذي شغل الدنيا والناس لم ينشغل به احد، لا القاهرة بمؤسساتها الثقافية الكبيرة التي كان للعقاد فضل تأسيسها وملأها بالصخب انشغلت به، ولا الأدباء الذي كان له فضل ريادتهم وتنويرهم انشغلوا به، ولم تتذكره إلا ندوة وحيدة ومحدودة اقامتها مكتبة القاهرة الكبرى وتحدث فيها المفكر الدكتورعاطف العراقي والناقد الدكتور محمود عكاشة· وكان من المفترض أن يتناول الدكتور عاطف العراقي الجانب الفكري والفلسفي في مسيرة العقاد ومشروعه التنويري، غير انه بدأ بالتنويه عن ان العقاد ظُلم حيا وميتا، ظُلم في البحث والدراسة والتحليل، ظُلم رغم اهمية مشروعه ومكانته الفكرية والأدبية التي لا تقل عن مكانة فولتير وديكارت وغيرهما من فلاسفة ومفكري الغرب· وكان طوال عمره شجاعا، لا يخشى في الحق لومة لائم، وتصادم مع الملك السابق فاروق، وظل يعلن ارتيابه وشكه وربما كرهه لسياسات ثورة يوليو حتى مات عام ·1964 بعد ذلك انتقل العراقي الى الجانب الفكري والفلسفي وأيضا السياسي في مسيرة العقاد، وقال: كان مفكرا مستنيرا ذا نظرة ثاقبة ونافذة، وكل ما تنبأ به من احداث سياسية وظواهر ثقافية تحقق، وهو الذي تنبأ في كتابه ''الصهيونية العالمية'' باستفحال قوة اسرائيل حتى تزيد على قوة الدول العربية مجتمعة، وهو الذي تنبأ بفشل الوحدة المصرية السورية، واذكر اليوم الذي اعلن فيه رفضه لهذه الوحدة في عز عصر المطاردة والمخبرين وزوار الفجر والسجن على مجرد كلمة، كنا معه في صالونه الذي كان يعقده في بيته، وجاء شخص مجهول وسأله ما رأيك في الوحدة مع سوريا؟ فقال العقاد ساخرا: أنا حاسس أنك مباحث ولكن الوحدة المصرية السورية لابد ان تفشل لانها ضد طبيعة الظروف والثقافة· وعلى الجانب الادبي فان العقاد هو الذي بشر بأكبر ادباء العربية نجيب محفوظ· وقال انه يبشر بأديب عالمي وهو مازال في بداياته ولا يعرفه كثيرون· ومن أهم قناعاته الفكرية انه لا يجب الخلط بين العلم والدين، فالدين جوهري وثابت والعلم متغير، وكان يقول دائما لا يجب ربط النظريات والاكتشافات العلمية المتغيرة بالقرآن الكريم· أما الدكتور محمود عكاشة تناول الاتجاهات الادبية في مسيرة العقاد، وقال انه كان متعدد الثقافات والمواهب وكتب وأنتج أعمالا مهمة في الادب شعرا ورواية والنقد والفكر والفلسفة، لكنه بدأ ناقدا، وأول من فكر في نقده هو أمير الشعراء أحمد شوقي، وكتب مع عبدالرحمن شكري كتاب ''الديوان'' الذي خصصه للهجوم على أحمد شوقي، وهو كتابه الاول، وفيه ظهر تأسيسه للمدرسة الادبية الحديثة، ومن هنا تعامل مع شعر شوقي باعتباره رمزا للتقليد والقدم، ونادى بالقصيدة الحديثة المتحررة، وخاض في سبيلها معارك ضارية، وهو بطبيعته كان شرسا حاد اللسان ولا يهاب أحدا، وخاض صراعا مع العديد من مشاهير عصره في الثقافة والادب، وهاجم الدكتور طه حسين غير مرة، ولكن طه حسين كان يواجه هجومه بصمت تام، والبعض فسر هجومه على عميد الأدب العربي بعقدة المؤهل، حيث ان العقاد لم يحصل على مؤهل يعتد به بينما العميد استاذ الاساتذة، وهذا ما دفع العقاد للتحدي، واجتهد حتى صار من كبار مثقفي عصره، وكان ملما بالثقافة الغربية أكثر من الذين حصلوا على شهادات من جامعات لندن وباريس· وقال عكاشة ان الاعمال الدينية للعقاد وهي ''العبقريات'' يجب ان ينظر اليها من الناحية الادبية، فهو كتبها من منظور ادبي، وتعامل مع الشخصيات الدينية العظيمة والمقدسة بنظرة موضوعية باعتبار إناسا يخطئون ويصيبون، وهذا ما جر عليه هجوما شديدا من غلاة المتشددين· والعقاد أنتج في الشعر الكثير، وله ديوان ضخم جدا، غير ان شعره مهمل في الدراسة والبحث، ربما لانه شعر عقلي جاف غير عاطفي، وفي مقابل تجاهل شعر العقاد هناك اهتمام كبير بروايته او قصته الوحيدة ''سارة'' التي كتبها عن قصة واقعية ولم يكن يوليها اهتماما في مقابل اهتمامه وانتاجه ومعاركه الكثيرة في ساحة الشعر·
المصدر: القاهرة:
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©