الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجربة البتروليّة لإمارة أبوظبي·· خمسون عاماً من رحلة الاكتشاف

14 مارس 2008 01:35
لقد جاءت إجابة السؤال السابق جليّة واضحة تحركها التجربة العلمية والعمليّة للدكتور''عاطف سليمان''·· تلك التجربة التي تثري القارىء وتغنيه لكونها تراكميّة لمدة أربعين سنة، لذلك يسير بالقارئ إلى المعرفة والتعمق في ''التجربة البتروليّة لإمارة أبوظبي دون ملل من لغة الأرقام والتواريخ، الأمر الذي يجعلنا أمام عنوان مطابق للنص الداخلي ذلك العنوان الذي اختاره لكتابه، ليبدو من البداية تعبيرا عن تجربة خاصة، لكنها متحركة ضمن فضاء عام· ما يثير الانتباه هو تركيز المؤلف على دراسة الجوانب القانونيّة والإطار القانوني لاستثمار المصادر البتروليّة في إمارة أبوظبي، ولاشك أن المختصين في هذا المجال هم في حاجة إلى هذا النّوع من الكتابة، غير أن الكاتب لا يكتفي بذلك لأن القانون يوجد أصلا لحماية البشر والمجتمعات والدول في علاقاتهم المعيشية والاقتصادية، وبالتالي هو يحافظ على التجربة وإنجازاتها وسياستها المتبعة (المقصود هنا السياسة البتروليّة)· لقد طرح الكاتب تجربة أبوظبي البترولية ضمن الأبعاد المختلفة للتجربة اعتمادا على متابعتها بحثا من خلال فصول الكتاب الثمانية، التي شرحت بالتفصيل صناعة البترول في إمارة أبوظبي والإطار القانوني لتطوير المصادر البتروليّة والهيكل التنظيمي لهذه الصناعة وتجربة أبوظبي في مجال الغاز والنّظام الضريبي المطبق على العمليات البتروليّة وتسوية المنازعات في اتفاقات الدولة والتطورات الحديثة في العلاقات بالحكومة والشركات البترولية والأهداف المستقبليّة لسياسة أبوظبي البتروليّة· في هذا الكتاب نجد الإمارات تعلن عن نفسها حيث ملكيّتها لاحتياطيات ضخمة من النّفط والغاز، كما أنها تتمتّع بقدرة إنتاجية كبيرة، ذلك لأن النفط يمثل حجر الزاوية في اقتصاد دّولة الإمارات ـ على حدّ قول الكاتب ـ الذي يروي هنا تجربة خمسين سنة من اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي ، حيث تعود إلى ،1958 علما بان بداية الإنتاج تعود إلى عام 1962 في المناطق البحرية، ثم في المناطق البرية عام 1963 وقد تطوّر القطاع النفطي في إمارة أبوظبي بسرعة كبيرة ، بحيث أصبحت الإمارة مصدرا رئيسيا للنّفط، بعدها تم اكتشاف النّفط في إمارة دبي بكميّات تجارية في عام ،1966 وتم تصدير أول شحنة من النفط عام ،1969 وبعدها اكتشف النفط في إمارة الشارقة في عام 1972 وتم التصدير منها في عام 1974 ، وكانت رأس الخيمة رابع إمارة يتم فيها اكتشاف النفط واستغلاله في عام ·1983 تجربة غنية نحن إذن أمام تجربة تعود بدايتها إلى خمسين سنة خلت، كما ذكرت سابقاً ـ حفلت بالتطور في جميع مجالات النفط، وبعزيمة أهلها تمكّنت من الصمود تدفقا إلى الأسواق العالمية والمحافظة على الاستمرارية من المنبع إلى المصب رغم العواصف والحروب التي وجهتها المنطقة خلال العقدين الماضيين، كما أنها رغم تذبذب الأسعار في الأسواق هبوطا وصعودا، ظلت التنمية فيها متواصلة خاصة إمارة أبوظبي، وهذا يؤكد ضرورة الاهتمام بالتجربة ليس فقط لنجاحاتها المحليّة والإقليمية والعربيّة، وإنما لكونها ثراء وإضافة متميّزة لتجارب الدول المتقّدة في مجال الصناعة البترولية · مع ذلك كلّه فإن الكاتب يذهب إلى الكشف عن السياسة البترولية في دولة الإمارات، حين يقول: '' الجدير بالّذكر أن دولة الإمارات العربيّة المتّحدة ليست لديها سياسة بترولية اتحادية واحدة، كما أنه ليس لديها أيّ تشريع بترولي اتحادي يحدّد مقّدما الشروط التي تحكم منع التنقيب عن البترول وتطويره، وتتولى كل إمارة تصريف شؤونها البتروليّة الخاصة، وبينما هناك في دولة الإمارات وزارة بترول اتحادية، فإن دورها الحالي يقتصر على تمثيل الدّولة في المجتمع البترولي الدّولي مثل الأوبك والأوابك والمنظّمة العربيّة للموارد المعدنيّة، لهذه الأسباب لا يمكن اعتبار الإمارات العربيّة المتّحدة إطارا قانونيا موّحدا لتنمية المصادر البترولية'' ويبين الكتاب خلفية اختياره للبحث في التجربة البترولية لإمارة أبوظبي، خصوصا الجوانب المتعلّقة بالشّق القانوني، وكأنه يود الإشارة إلى أن هناك سببا موضوعيا وراء تأليفه لكتابه هذا، حيث يقول: '' ·بما أن إمارة أبوظبي هي، إلى حدّ بعيد أكبر الإمارات إنتاجا للنفط، كما أن لديها أكبر احتياطي للنّفط، وأغنى تجربة في الصّناعة النّفطيّة، وأطول تاريخ في العلاقات بالشّركات البتروليّة الأجنبيّة ، فإنها المرشح؛ الأكثر منطقيّة من بين الإمارات الأخرى لدراسة تتناول الإطار القانوني لتطوير الموارد البتروليّة، والتّجارب ذات العلاقة في هذا الحقل''· تجربة·· وإضافة الكاتب هنا استند إلى التجربة كما ذكر ويستند إلى الحقائق أيضا، إذ من بين الإمارات السبع التي تؤلّف دولة الإمارات، فإن أبوظبي تملك أكبر احتياطيات النفط والغاز ، كما أنه المنتج الرئيس لهما، وبينما تقدر احتياطيات النفط المؤكدة حاليا في دولة الإمارات بحوالي 97 مليار برميل، في أبوظبي تملك بمفردها حوالي 92,2 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام، ورغم بعض الاكتشافات الدورية التي تتم من وقت إلى آخر في الإمارات الأصغر، فإن إمارة أبوظبي ستظل تحتل مركز الصدارة من حيث احتياطيّات النّفط الخام وإنتاجه، وتتم من وقت إلى آخر اكتشافات جديدة في الإمارة وتتكشّف تكوينات جديدة في الحقول القائمة، ولدى الإمارة القدرة على تعزيز مستويات مرتفعة نسبيا من الإنتاج على المدى الطّويل من خلال استخدام التقنياّت الحديثة لاستخراج النّفط· من ناحية أخرى فإن الكتاب يقدم تجربة أبوظبي البترولية ضمن السياسة الدولية للاعبين في صناعة النفط في الشرق الأوسط ، لجهة التأثر بالجانب الوطني لهذه الصناعة وتطورها والعوامل والظروف نفسها التي أثرت على البلدان الأخرى المنتجة للبترول في الشرق الأوسط ، كما أنها شهدت تطورات وتحولات مشابهة إلى حد بعيد لذلك رأى من المناسب تقديم لمحة عن نشوء الصناعة البترولية في الشرق الأوسط وتطورها اعتبره خلفية تاريخية لدراسة الصناعة البترولية في أبوظبي· على العموم فإن الكتاب يعد إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال التجارب البترولية لدول العربية، ومن هنا نعود للتأكيد على خصوصية تجربة أبوظبي وتميزها، وتفاعلها أيضا مع تجارب العالم، إضافة إلى أن الكتاب يساهم في رؤية مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لمجمل القضايا المحلية والخليجية والعربية· من هو عاطف سليمان؟ ـ يحمل الدكتور عاطف سليمان شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة القاهرة، ودرجة الدكتوراه من جامعة باريس ـ يتقن اللغات التالية: العربية، الإنجليزية، الفرنسية ـ يشغل عضوية نقابة المحامين الأردنيين ورابطة المحامين الدوليين وجمعية القانون الدولي والهيئة العربية للتحكيم التجاري الدولي، وهو أيضاً عضو في قائمة المحكمين في نظام غرف التجارة العربية ـ الأوروبية في باريس، وجمعية التحكيم الأميركية، ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ومركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي في مملكة البحرين، ومركز أبوظبي للتوفيق والتحكيم التجاري، وقام بإعداد العديد من الأبحاث والدراسات حول الجوانب القانونية والاقتصادية للصناعة البترولية ـ كان خلال عمله بدولة الإمارات العربية المتحدة أحد أعضاء اللجنة التشريعية التي أنشأتها وزارة العدل، لصياغة مختلف القوانين الاتحادية، ومن بينها القانون التجاري البحري وقانون الشركات التجارية وقانون المعاملات التجارية· ـ تعامل المؤلف مع الجوانب القانونية والاقتصادية لصناعة النفط على مدى أكثر من 40 عاماً وذلك من خلال عدد من المناصب المختلفة التي شغلها في بعض الدول العربية الرئيسية المنتجة للنفط، فقد عمل مستشاراً قانونياً ثم مديراً للدائرة القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية (1957 ـ 1964 ) ثم مستشاراً في وزارة الطاقة والصناعة بالجزائر( 1964 ـ 1965 )، ثم مشاركاً في مكتب الطريقي للاستشارات البترولية في بيروت، ثم مستشاراً بترولياً للشؤون القانونية والاقتصادية في شركة البترول الجزائرية ''سوناطراك'' (1968 ـ 1974)، وذلك قبل التحاقه بشركة أبوظبي الوطنيّة ''أدنوك'' مستشاراً عاماً ومديراً للدائرة القانونية في الفترة ما بين (1974 ـ 1997) بترول ونفط·· وعرب يشير الدكتور''عاطف سليمان'' في هامش مقدمة كتابه إلى ما يلي: ''ينبغي التوضيح أن مفردة ''البترول'' ولا سيّما في اللغة الإنجليزية، ذات معنى أوسع من مفردة النفط، فاللفظة الأولى تشمل النفط الخام والغاز والمنتجات الهيدوكربونية الأخرى، بينما تنصرف اللفظة الثانية عادة للدلالة على النفط الخام، إلا أنه من الملاحظ أن بعض البلدان العربية المنتجة للبترول يستخدم كلمة ''بترول'' وبعضها كلمة ''النفط'' للدلالة على المعنى نفسه، ففي العراق والكويت مثلا تستعمل مفردة النفط بالمعنى العام الذي يشمل النفط الخام والغاز بينما في إمارة أبوظبي تستعمل مفردة البترول، وكذلك في المملكة العربية السعودية ومصر، ولذا استخدمت في هذا الكتاب أحيانا عبارة الصناعة البترولية وأحيانا الصناعة النفطية المعنى نفسه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©