الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المبادئ الأساسية الخمسة للتربية الفعالة للأطفال

المبادئ الأساسية الخمسة للتربية الفعالة للأطفال
1 ابريل 2009 23:06
يعد كتاب ''كيف نبني العائلة: المبادئ الأساسية الخمسة للتربية الفعالة للأطفال'' من أهم أنواع الكتب، لأنه يوجه الوالدين في تربية النشء أو الطفل، لا سيما وأنه يتناول مرحلة هامة جداً من مراحل حياة الطفل، التي تتحدد فيها المعالم الرئيسية لشخصيته، فما يكتسبه الطفل في سنوات عمره الأولى، يؤثر في تكوين شخصيته وأفكاره واتجاهاته في المستقبل· يزودنا المؤلف في كتابه بالمهارات اللازمة لإجادة تطبيق خمسة مبادئ أساسية لمعرفة ماهية تربية الطفل باختصار· ويعرض لحالة يظهر من خلالها الفرق بين الماضي وجيل اليوم، فأثناء سفره إلى مدينة ميامي التقى سيدة متقدمة في العمر ذاهبة لزيارة عدد من أحفادها· وأثناء تبادلهما الحديث عن نفسيهما اكتشف أنها وزوجها رزقا سبعة أولاد ناجحين في حياتهم، ولا يعانون أي خلل في أوضاعهم· رغم أن هذه السيدة وزوجها، بحسب ما قالت، بدآ حياتهما من لا شيء وعرفا قدراً لا يستهان به من الصعاب في مطلع مشوارهما· في هذه الأثناء خطر ببال المؤلف أن الآباء والأمهات اليوم يميلون إلى الاعتقاد بأن تربية الأطفال مهمة شاقة· غير أن السيدة كانت تروي قصتها ببساطة وكأنها لم تعرف شيئاً خارجاً عن المألوف· أسئلة كثيرة طرحها عليها حول كيفية تربية الأطفال وصعوبتها وشعورها أثناء تنشئتهم، فكانت سائلة تارة، ومجيبة تارة أخرى، وثالثة تجيبة على قدر سؤاله، وهكذا استنبط منها الفوائد محلاة بالتعليقات الطريفة· وباختصار، كانت تربية الأطفال جزءاً من هذه السيدة على امتداد عمرها المليء بالتجارب والواجبات والمسؤوليات· والنتيجة أنها كانت والدة عظيمة بامتياز، رغم أنها لم تسمح لتربية الأطفال بأن تستهلكها مثلما يحدث لأمهات كثيرات اليوم· لقد حافظت هذه السيدة على مهمة تربية الأطفال ضمن إطارها الصحيح، فأولت احتياجات أطفالها العناية اللازمة، لكنها لم تبالغ في التركيز عليهم ولم تجعلهم مركز حياتها، فتمكنت بالتالي من ممارسة واجباتها كأم بطريقة غير معقدة بل مريحة، والمؤلف هنا يعرض التباين بين هذه السيدة وبعضاً من أمهات أيامنا هذه· الأهم قبل المهم يقول المؤلف في المقدمة أن تربية الأطفال لم تتغير مع تغيير الأزمنة، ويسأل عن السبب وراء تحول التربية من أمر كان بسيطاً إلى عمل معقّد ومجهد وصعب، ويشرح للقارئ قبل الوصول إلى المبادئ الأساسية ماهية تربية الطفل ككل· ذلك أن المبادئ يجب أن تكون موجهة إلى هدف ما لأنها الوسيلة لتحقيقه· ويوضح أن معظم الآباء والأمهات اليوم لا يستطيعون أن يقولوا ما هو الهدف الذي يريدون تحقيقه· لذلك أراد المؤلف من خلال هذا الكتاب أن يضع المبادئ الأساسية الخمسة للتربية الفعالة للأطفال بشكل بسيط موضوعي لتكون في متناول جميع الناس على اختلاف مستوياتهم، العامل في مصنعه، والمدير في مصرفه، وربة البيت، وكل من يقرأ ويطالع ويرغب في المزيد من العلم والمعرفة· ''العمل على الأهم قبل المهم''، مبدأ أساسي للرعاية الوالدية، بمعنى أن الغاية هي الأسرة كلها لا الأطفال فقط· يقول المؤلف إنه ''ينتمي إلى جيل من الأطفال الذين نشأوا في أسر كان الزواج بحلوه ومره يحتل مركز الصدارة في حياتها· كانت الأم هي الزوجة، ربة البيت لا مجرد ''ماما'' تدور في فلك أطفالها وحتى لو عملت خارج المنزل، فلم تألف أمهات الماضي العودة من الوظيفة إلى المنزل وهن محملات بمشاعر ذنب يحاولن تنفيسها بتركيز كل اهتمامهن على أطفالهن· كذلك لم تكن لدى الأب عند عودته إلى المنزل نيّة لتمضية الأمسية كلها في اللهو مع أطفاله من أجل تجديد الروابط''· كانت العلاقة في ما مضى أقوى بين الوالدين وأطفالهما· وبذلك، أراد المؤلف التنبيه إلى ضرورة وضع العلاقة بين الزوج والزوجة في مرتبة أعلى من العلاقة بين الوالدين والطفل· فما من شيء يفقد الطفل شعوره بالأمان أكثر من خوفه من أن تكون العلاقة بين والديه مهتزة، وبالتالي ما من شيء يعزز شعور الطفل بالأمان أكثر من معرفته أن العلاقة بين والديه قوية وصامدة في وجه أي صعوبات أو خلافات· مشيراً إلى أن تغليب العلاقة بين الزوج والزوجة على ما سواها يعطي الطفل البدء في تهيئة انطلاقته للحياة· فهو جزء حيوي من رفاه والديه· وفي أحيان أخرى يتخذ التحرر شكل ''طلاق'' مؤلم يصعب على جميع الأطراف المعنيين الشفاء منه تماماً مدى العمر· يرى المؤلف بأن أعظم سعادة توفرها الأبوة، هي مراقبة طفل يترعرع ليصبح انساناً راشداً ذا قيم خلقية تقليدية متينة وحميدة، أي مواطناً صالحاً· كانت جدته تقول: ''المواطنية الصالحة تبدأ في المنزل''، ليس في ملعب كرة القدم وليس في دار الرعاية النهارية بل في المنزل الذي هو غرفة الصف بالنسبة إلى العائلة· ويعلق على ما أبلغته به أمهات عديدات من أن وجود أطفالهن في الرعاية النهارية أفضل لهم، بأن هذه شهادات شخصية، والمنطق السليم يؤكد أن رعاية الأم لطفلها أفضل عموماً من رعاية موظف يعمل بأجر، ويرى أيضاً أن الرعاية النهارية ''الحضانة'' تولد سلوكات عدوانية أكثر من الرعاية المنزلية· ويضرب مثالاً على ذلك أن المشكلات السلوكية لدى الأطفال تزداد تواتراً وحدة مع ازدياد عدد الأطفال الذين يذهبون إلى مراكز الرعاية النهارية، ولا يعني ذلك أن الرعاية النهارية هي التي تسبب جميع هذه المشكلات، لكن لها دوراً في ذلك· الأمهات الحاكمات يعرض المؤلف في كتابه أيضاً لفكرة الأمهات الحقيقيات الحاكمات· فالمفارقة بين الأمس واليوم أن الأم في الماضي كانت تحاول كل يوم تقليل تعاطيها مع طفلها قدر الإمكان وكان من الممتع أن يحظى الطفل بأم لا تتدخل في تفاصيل حياته، أم تراقب· فكانت النتيجة أن هؤلاء الأطفال تعلّموا الاعتماد على أنفسهم· أما أم اليوم فهي تخوض معارك طفلها وتتحمل الصعاب عنه· ويشير إلى أنه ''قبل خمسين عاماً كان الطفل يخاف من أمه···''، أليس وضعاً مؤسفاً للرعاية الوالدية أن أم اليوم تعاني من مشكلة في تأديب طفلها، هذا لأنها لا تريد أن يخاف طفلها منها· أما عن الآباء فيضع بين أيدي القراء الفوارق بين الأمهات والآباء من حيث أساليب التواصل والتفاعل مع أطفالهم، بالنسبة للموقع احتلت الأم في جميع الحضارات البشرية الدور الرئيسي كراعية للأطفال منذ الولادة، وخلال أيامنا هذه نرى الأب العادي يقوم بدور ''المساعد الرعائي''، لهذا فإن وجود الأب في حياة أطفاله مشاركاً في التربية يعطيه في المستقبل عدم الاستعداد للوقوع في المشاكل السلوكية بالمقارنة مع الأطفال ذوي الآباء المتغيبين، ولسوء الحظ سيصبح حوالي نصف الأطفال أقل أهلية وليس لديهم ثقة بأنفسهم، يضاف إلى ذلك الأزمة المتصاعدة اليوم، والمتمثلة في أولئك الآباء المطلقون الذين نادراً ما يرون أطفالهم، أو لا يرونهم نهائياً· ويعطي المؤلف ست وسائل تجعل الأب ذا نفوذ أقوى على حياة طفله، منها : أن يعثر الأب على نشاط واحد يمكن له ولطفله أن يستمتعا بممارسته معاً، وأن يساعد طفله على تطوير هواية له مع تشجيعه على ممارستها· كما ينصح المؤلف في أن يكون تفكير الطفل مع قاعدة إن الزواج مكوّن من شخصين لا من ثلاثة، ولهذا السبب البسيط ينبغي أن ينام الطفل في سريره الخاص سواء أراد ذلك أم لا· هذا هو المثال على العلاج الواقعي وما من شيء يشفي المشكلات السلوكية أسرع من جرعة معتبرة من الواقع· كيف نؤدبهم؟ المبدأ الثاني في تربية الأطفال هو أمر التأديب، والمهم في هذا المبدأ التواصل لا التبعات، والقيادة لا العلاقة· ويشرح بأن التأديب لا يتكون من مجموعة تقنيات أو أساليب تستخدم، فالتأديب الفعال هو وجهة نظر، هو سلوك ونبرة صوت معينة تتسم بالهدوء والثقة الذاتية، ولعل وضوح الكلام أهم ما يصدر عن هذا السلوك· فالطفل يحكم على أمر التأديب بحسب طريقة عرضه عليه، وبناء على توجيهاتنا سيكبر وهو يحب القائد والقيادة وسيكون مطيعاً لأنه اكتشف أن والديه يؤدبانه بسبب حبهما له فهو هنا يتقبل حكمهما على الأمور· خلاصة القول إن على الوالدين أن يسعيا للسيطرة على الطفل، لأنهما يفهمان ما عنته امرأة ربت أطفالاً قبل خمسين عاماً عندما قالت: ''لكل طفل عقلية خاصة به''· وهنا يوضح المؤلف، هناك والدان يحاولان السيطرة على ما لايستطيعان ، ووالدان يفشلان في السيطرة على ما يستطيعان، ووالدان يسيطران على ما يستطيعان· إن هذا الكتاب جدير بالاهتمام لأنه يدعم الآباء والأمهات الراغبين في تربية أطفالهم حسب المفاهيم التقليدية في التواصل لا النتائج، في احترام الآخرين لا الاعتداد، في المسؤولية التي هي الأهم لا حسن الأداء· وهو قراءة بل دراسة ومادة سهلة من العناوين والمبادئء لتحقيق الغاية في العملية التربوية والرعاية الوالدية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©