الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القضاء الأميركي والسجال القانوني في الحرب على الإرهاب

القضاء الأميركي والسجال القانوني في الحرب على الإرهاب
3 يوليو 2007 00:05
على محكمة الاستئناف الفيدرالية في ''ريتشموند'' أن توافق بسرعة على طلب وزارة العدل القاضي بإعادة النظر في الحكم الذي أصدرته الشهر الماضي في قضية ''المري ضد رايت''- وهو حكم رفض وجود الفئة القانونية المعروفة بـ''المقاتلين الأعداء غير القانونيين'' في نزاع الولايات المتحدة مع القاعدة· (لا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه المسألة ليست موضوع خلاف في قضايا معتقلي جوانتانامو التي وافقت المحكمةُ العليا مؤخراً على النظر فيها الخريف المقبل)· ذلك أن التحليل المنطقي في قضية ''المري'' كان مشوباً بعدة عيوب، ومن شأن تبنيه على نطاق واسع أن يُضعف هدفاً أساسياً من أهداف قوانين الحرب، ألا وهو نزع الحصانة عن جرائم الحرب· فالحكم لم يُضعف الأمن القومي للولايات المتحدة فحسب، وإنما أتاح أيضاً إمكانية عدم تطبيق أي مجموعة قوانين على النزاعات بين فاعلين لا دوليين- وهو ما من شأنه أن يجعل من متابعة مسلحي ''حماس'' قضائياً، على سبيل المثال، والذين قتلوا مقاتلي ''فتح'' ومدنيين فلسطينيين في قطاع غزة، أمراً مستحيلاً· القضية تدور حول اعتقال علي صالح كحلة المري، وهو رجل تعتقد الولايات المتحدة أنه عميل لـ''القاعدة'' وتعتقله منذ 2003 باعتباره ''مقاتلاً عدواً''· غير أن قاضيين من القضاة الثلاثة الذين نظروا في قضيته خلصا إلى ضرورة معاملة ''المري'' باعتباره مدنياً مدعى عليه متهماً بالإجرام، على اعتبار أن ''القاعدة'' ليست دولة، وقالا إن هذا الموقف يجد ما يدعمه في قرار المحكمة العليا في قضية ''حمدان ضد رامسفيلد''، والذي اعتبر أن الحرب في أفغانستان ليست سوى نزاع داخلي- كما اعتبرا أن التصنيف القانوني للمحاربين الأعداء لا يوجد في مثل هذه النزاعات· يتمثل الأساس الوحيد لهذه الخلاصة في بيان صدر في 2005 عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي عُرفت بانتقاداتها لحرب الولايات المتحدة على الإرهاب، وجاء فيه أنه ''لا وجود لوضع محارب في النزاعات المسلحة غير الدولية''· غير أن المثير للسخرية هو أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سعت على مدى سنوات إلى منح المشاركين في النزاعات الداخلية، التي يشارك فيه فاعلون لا دوليون صفة محارب، وذلك خشية أن يُعامَلوا معاملة أسوأ بكثير في حال اعتُبروا مدنيين مدعى عليهم متهمين بالإجرام· كما ارتكبت المحكمة خطأ آخر لا يقل فداحة عندما أشارت إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون في حرب مع ''القاعدة'' إلا عندما يكون هذا التنظيم منتمياً إلى حكومة ما· وإذا كانت الدول قلما تطبق قوانين الحرب بخصوص الفاعلين اللادوليين، فإن الأساس القانوني لمثل هذه النزاعات ثابت· فوفق المحكمة العليا، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تكون في ''حرب'' مع كيانات لا دولية مثل القبائل الهندية· ثم إن المحكمة العليا نفسها اعترفت أيضاً خلال الحرب الأهلية- وهي حرب أخرى جمعت الولايات المتحدة وطرفا ليس له وضع الدولة- بأن مسألة ما إن كانت الولايات المتحدة في حرب ومع أي طرف هي مسألة من اختصاص الأجهزة السياسية، وبخاصة الرئيس· والحال أنه وفق التحليل المنطقي في قضية المري، فإن كل من حاربوا من أجل الجنوب خلال الحرب الأهلية الأميركية مدنيون لأنه لا أحد منهم كان ''ينتمي إلى دول معترف بها''· ومن أجل التفريق بين ''المري'' وقرارها السابق في قضية عميل ''القاعدة'' المفترض ''خوسيه باديلا''، الذي كان مقاتلاً عدواً، أكدت المحكمة على أن ''باديلا'' قاتل إلى جانب حركة ''طالبان''- قائلة إن الأخيرة كانت حكومة أفغانستان ''بحكم الواقع''· وهذا نوع من الاعتراف الدبلوماسي، الذي رفضت الولايات المتحدة (والمجتمع الدولي بصفة عامة) منحه للحركة· ومما يجدر ذكره هنا أن الدستور الأميركي يمنح الرئيس حق منح أو سحب مثل هذا الاعتراف· وعلاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة -حسب التحليل المنطقي للمحكمة - لا تخوض اليوم نزاعاً مسلحاً ملموساً وقانونياً مع ''القاعدة''- إذ لا تنتمي ''القاعدة'' اليوم إلى أي بلد، بعد فرار ''طالبان'' الذين كانوا يرعونها، باستثناء ما يسمى ''دولة العراق الإسلامية''· الواقع أنه فقط حينما يتم تطبيق قوانين الحرب ستستطيع الولايات المتحدة أن تأخذ بشكل قانوني وضع الهجوم ضد ''القاعدة''، وتبحث عن عملائها وتقتلهم في أفغانستان والعراق وغيرهما· وعلاوة على ذلك، إذا لم تطبَّق قوانين الحرب على الصراعات التي يشارك فيها فاعلون لا دوليون، فإنه لا يوجد نظام قانوني يحكم النزاعات بين المجموعات في مناطق - مثل قطاع غزة- حيث لا توجد سلطة معترف بها للدولة· إنها حصانة حقيقية· باستبدالها إرادة الكونجرس وإرادة الرئيس بإرادتها، تكون المحكمة قد نزعت من القوات الأميركية المبادرة وحوّلت الحرب على الإرهاب إلى رد فعلي أمني- وهو بالضبط الوضع الذي كانت عليه الولايات المتحدة صباح الحادي عشر من سبتمبر· لقد كتب القاضي روبرت جاكسون في الماضي يقول إنه بالرغم من كل فضائل الدستور ومزاياه، إلا أنه ليس اتفاقاً على انتحار جماعي· والواقع أنه يتعين على المحكمة أن تعدل عن هذا القرار بسرعة حتى تبقى كلمات جاكسون محافظة على معناها· ديفيد ريفكين ولي كيسي محاميان عملا في وزارة العدل في إدارتي رونالد ريجان وجورج بوش الأب ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©