الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المضحكات المبكيات!

3 يوليو 2007 00:01
ترى ما هو عدد المسلسلات التاريخية التي تتناول الحياة الفرعونية أو الإسلامية وهي بعيدة عن حقيقة تلك العصور؟ ليس لقصور بالقصة أو خلل في سرد الأحداث التاريخية أو كتابة السيناريو إذا افترضتا أن تلك المعطيات مثالية، وإنما بسبب الأخطاء الفادحة المضحكة التي تفقد تلك الأعمال الدرامية رزانتها وتفرغها من مضمونها، فلا تعود لها أي هيبة تذكر! فإذا ما ألقينا نظرة على المسلسلات الفرعونية، سنجد أخطاءً رهيبة في ديكورات القصور العامرة بغرف النوم الإيطالية ذات الخشب المضغوط و''ملاحف التِرْتِرْ''! أما الملابس فسنجد فيها الياقات والأكمام ذات التصاميم الفرنسية الحديثة، بالإضافة إلى ساعات اليد السويسرية بالأطواق الجلدية، كما سنجد في ديكورات غرفة العرش والمعابد الأصباغ الحديثة وتقنية ''الرش البخّاخ''، بالإضافة إلى الأواني الفخارية الصينية واليونانية التي لا تنتمي للحضارة الفرعونية!!· أما إذا نظرنا للماكياج، فسنجد في زينة المرأة كل ما يخطر على بالنا من اثار الماكياج الحديث كأحمر الشفاه وبودرة الخدود و''الماسكارا'' والرموش الصناعية، وصولاً لاستخدام أقلام تحديد العين والشفاه إلى جانب طبقات سميكة من كريم الأساس ''الفوندي''، وأما الكحل وظلال العيون فحدث ولا حرج ''بنفسجي على وردي على أخضر وأصفر''! بينما كان الماكياج الشائع لدى نساء الفراعنة هو كحل ''التوتيا الزرقاء'' المائل للأزرق السماوي، وبعض الألوان البسيطة والزيوت العطرية· وحين نيمم وجوهنا صوب المسلسلات الإسلامية، سنجد مختلف الستائر ذات التشكيلات الحديثة في بيوت الديكور اليوم، وسنجد ملابس الملوك والأمراء والولاة مصنوعة من أقمشة ''البوليستر والساتان والأورجنزا والشيفون'' ومزينة بالخرز البلاستيكي التايواني، في حين تكون تسريحات وألوان شعور زوجاتهم وبناتهم وجواريهم عامرة بصبغة ''الميش'' ومرصعة بمصاغات الإكسسوارات المعاصرة· كذلك هو الحال مع الموائد وأواني الفاكهة، حيث نجد الأطقم والسكاكين والملاعق ''الستانليستيل'' التي تحدث عنها الناقد الإنجليزي الراحل ''هربرت ريد'' في كتابه الشهير ''الفن والصناعة''!· لا شك أن إحياء أجواء عصور سابقة في فيلم أو مسلسل فني، أمرغاية في التعقيد ولا يستطيع أحد الالتزام به بصورة مثالية مطلقة فتحدث الكثير من الاجتهادات والمقاربات، غير أن الأمر الذي لا نكاد نشك فيه هو أن عرب هذه الأيام من الفنانين والمخرجين نادراً ما يكون لديهم فريق فني متخصص يبحث هذه الأمور بالرجوع لخبراء ومراجع قديمة، بل أغلبهم لا يولون هذا الأمر أي أهمية، وتكون النتيجة عملاً فنياً أنفق على إنتاجه مبالغ طائلة وجرى تسويقه بمثلها ولكنه يطل على الجمهور كعمل مهلهل يبعث على الضحك والسخرية، بدلاً من اندماج المشاهد معه لمعايشة أحداثه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©