الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: الاقتراض الخارجي ورقة حكومية لسد عجز الموازنة المتفاقم

مصر: الاقتراض الخارجي ورقة حكومية لسد عجز الموازنة المتفاقم
9 يناير 2016 21:08
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) يتخوف اقتصاديون مصريون من أن يؤدي الاقتراض الحكومي المتزايد من قبل مؤسسات دولية وإقليمية إلى تصاعد الدين الخارجي للبلاد، والذي ارتفع خلال العام الماضي بنحو ملياري دولار، ليصل إلى 48.2 مليار دولار، مقابل نحو46.1 مليار دولار خلال عام 2014، بحسب إحصاءات البنك المركزي. وتقول الحكومة التي تعاني من تآكل احتياطياتها من النقد الأجنبي ومن ارتفاع العجز في ميزانيتها، إنها تستهدف من وراء الاقتراض الخارجي، الذي تصفه بالسهل والميسر مقارنة بالدين الداخلي الذي تجاوز تريليوني جنيه، علاج العجز في الموازنة الحكومية، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية. وقالت مصادر حكومية إن حكومة المهندس شريف إسماعيل تعتزم، بعدما تحصل على موافقة البرلمان الجديد على الاستمرار في عملها، أن تتقدم لصندوق النقد الدولي للحصول على قروض تصل إلى 6 مليارات دولار لدعم الموازنة من جانب، وتوفير غطاء دولاري لدعم الاحتياطي النقدي الذي تراجع إلى 16,4 مليار دولار، يغطي بالكاد واردات 3 أشهر. قروض دولية وخلال ثلاثة أشهر من سبتمبر وحتى نهاية العام الماضي، ومنذ تعيينها وزيرة للتعاون الدولي، حصلت الدكتورة سحر نصر على نحو 8 مليارات دولار قروضاً ومنحاً لمصر من قبل جهات تمويل إقليمية ودولية، آخرها 4,5 مليار دولار من كل من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، يذهب جزء منها لتمويل عجز الموازنة الذي تستهدف الحكومة خفضه في العام المالي الحالي 2015/‏2016 إلى 251 مليار جنيه بما يعادل 8.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع عجز بنحو 279,5 مليار جنيه بما يعادل 11,5% من الناتج المحلي الإجمالي في موازنة العام المالي الماضي. وقالت وزيرة التعاون الدولي، في حوار سابق مع «الاتحاد» حول المخاوف من ارتفاع الدين الخارجي لمصر جراء زيادة الاقتراض الخارجي، إن الحكومة تدرس الأمر جيداً قبل الإقدام على طلب أية قروض والتي تذهب إلى تمويل مشاريع محددة توفر فرص عمل للشباب، فضلاً عن أن الاقتراض الخارجي أقل كلفة وبفائدة ميسرة عن الاقتراض الداخلي، حيث يتراوح سعر الفائدة بين 1% وأقل من 2% ولفترات سداد طويلة تصل إلى 35 عاماً، كما في حالة القرض الأخير من البنك الدولي والبالغة قيمته 3 مليارات دولار. غير أن الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، قال لـ«الاتحاد» إن ارتفاع الدين الخارجي للبلاد، يشير إلى أن الحكومات المتعاقبة على البلاد تستسهل الاقتراض الخارجي، الذي يذهب لسداد العجز في الموازنة العامة، وليس للاستثمار أو زيادة الإنتاج. وأضاف أن مصر ملزمة سنوياً بتوفير نحو 5,7 مليار دولار لسداد أقساط الديون المستحقة عليها، وغالبيتها ديون قصيرة الأجل ، فضلاً عن فوائد هذه القروض التي تصل إلى 750 مليون دولار، وهذا الرقم يعادل 20% من قيمة الصادرات المصرية التي بلغت في أفضل حالاتها 30 مليار دولار، الأمر الذي يعد مؤشراً خطيراً. وأفاد بأن مصر تعاني من الاقتراض السهل الذي بدأ أوائل الثمانينات ولا يزال يتواصل حتى الآن، وإن كان الاقتراض الأخير من البنك الدولي مختلف تماماً، حيث أنه ولأول مرة، يوافق البنك الدولي على برنامج اقتصادي مساند لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، بدون المرور والحصول على موافقة صندوق النقد الدولي وبفائدة أقل من 1%، فضلاً عن منحة بمبلغ مليار دولار لسد احتياجات مصر من المواد البترولية، الأمر الذي يطرح سؤالاً هاماً: هل الحكومة جاهزة لاستغلال هذه الأموال واستثمارها في البنية التحتية لجذب الاستثمارات؟ الاستغلال الأمثل يخشى د. عبدالمطلب ألا تحسن الحكومة المصرية استغلال القروض التي حصلت وستحصل عليها من جهات التمويل الدولية الاستغلال السليم، موضحاً أن كلا من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية اشترطا ضرورة الاستغلال السليم للقروض، لأنه في حال العكس لن يتم، ليس فقط استكمال دفع باقي أقساط القرض، بل تحميل مصر سداد كامل القرض وفوائده، الأمر الذي يفرض على الحكومة استكمال المشاريع الممولة بهذه القروض. الخبيرة الاقتصادية وعضو مجلس النواب الدكتورة بسنت فهمي، تتفق مع عبدالمطلب في، أن لجوء الحكومة إلى الاقتراض سيؤدي إلى زيادة ديون الدولة، مما يجعلها عاجزة عن سدادها في السنوات القادمة، وسيؤدي ذلك إلى تفاقم عجز الموازنة وانهيار الاقتصاد المصري، في ظل انخفاض الصادرات وارتفاع الواردات. ودعت الحكومة بالتوقف عن الاقتراض المستمر، وترشيد الاستيراد بحيث يقتصر فقط على السلع المهمة اللازمة للاقتصاد ولمعيشة المصريين، وهو ما بدأ كل من البنك المركزي ووزارة التجارة والصناعة في تطبيقه، حيث وضع الأول قيوداً على استيراد سلع معينة، وحظرت الثانية استيراد 50 سلعة غير ضرورية من الخارج. وأضافت فهمي أن الاستيراد العشوائي هو الذي يضغط على الاحتياطي النقدي لمصر، الأمر الذي يفرض وقف استيراد السلع غير الأساسية، وكذلك تحفيز الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية. وتراجع الاحتياطي النقدي لمصر إلى 16,4 مليار دولار من نحو 36 مليار دولار قبل أحداث يناير 2011، وسط توقعات بأن يتأثر بتراجع حصيلة البلاد من السياحة التي تراجعت منذ سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر الماضي. غير أن الدكتور عبد المطلب يعول كثيراً على الاستغلال الجيد للقروض التي حصلت عليها الحكومة في تمويل المشاريع التنموية علاوة على محاولتها جذب الاستثمارات الأجنبية، مضيفاً أن مصر تتمتع بمناخ استثماري جيد، وبها الكثير من الفرص الاستثمارية التي تحقق أعلى عائد على الاستثمار في العالم. وبين أن الاقتصاد الذي أخرج من مدخرات المصريين 68 مليار جنيه خلال 9 أيام لتمويل قناة السويس الجديدة، قادر على توفير ضعف هذا الرقم من خلال التوجه إلى المصريين والمستثمرين لتمويل المشاريع وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، شريطة أن تلتزم بالشفافية التي أقنعت البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية في إقراضها وفقا لبرنامج إقراض ميسر. وقال إنه في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، فإنه يتعين على الحكومة أن تحفز المصريين على الإنتاج من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وتسهيل الإجراءات بعيداً عن الروتين والبيروقراطية، وفي هذه الحالة فإن الاقتصاد المصري يمكنه ليس فقط أن يحقق نسبة النمو المستهدفة 5% ولكن 7% كما حدث قبل ثورة يناير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©