الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: إعادة هيكلة الاقتصاد لعلاج العجز المالي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية

مصر: إعادة هيكلة الاقتصاد لعلاج العجز المالي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية
26 مارس 2016 21:23
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) يكشف البرنامج الاقتصادي الذي تعرضه الحكومة المصرية على مجلس النواب اليوم، حزمة إصلاحات اقتصادية تعتزم الحكومة في تشكيلها الجديد، تطبيقها خلال السنوات الثلاث المقبلة حتى العام 2018، أول ثلاث سنوات من رؤية مصر 2030 التي أطلقها الرئيس المصري مطلع الشهر الحالي. ووفقاً للشكل الجديد للحكومة والذي جاء بثلاثة وزراء جدد في المجموعة الاقتصادية وهم وزراء المالية والاستثمار والسياحة، فضلاً عن عودة وزارة قطاع الأعمال العام، تتجه الحكومة نحو إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد المصري تركز على وضع حلول جذرية للعجز المزمن في الموازنة العامة للدولة، وتهيئة المناخ الاستثماري لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة، ومحاولة إنقاذ قطاع السياحة الذي يتهاوى من حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية أكتوبر الماضي. المالية والاستثمار ويتوقع حسب البرنامج الحكومي الذي سيعرضه رئيس الوزراء شريف إسماعيل على مجلس النواب أن تعلن الحكومة إجراءات تعتزم تنفيذها في مجال المالية العامة والسياسات الضريبية من خلال رفع كفاءة الحصيلة الضريبية والجمركية، إلى جانب تطبيق ضريبة القيمة المضافة، فضلاً عن إحداث تناغم بين السياسات المالية والنقدية، والذي أدى افتقاره في الفترة الأخيرة بين وزارة المالية والبنك المركزي إلى إطاحة وزير المالية هاني قدري الذي كثيراً ما تحفظ على قرارات المركزي المصري بشأن خفض قيمة الجنيه. وجرى اختيار عمرو الجارحي وزيراً للمالية لتحقيق غرض التناغم المالي والنقدي، حيث شغل الجارحي منصب العضو المنتدب لبنك الاستثمار القومي الذراع المالية والمصرفية للحكومة، فضلاً عن عمله في شركة القلعة للاستثمار، إحدى أبرز شركات الملكية الخاصة، ويمتلكها نجل الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل. وقال إسماعيل في تصريحات صحفية عقب الإعلان عن التشكيلة الجديدة لحكومته، إن الحكومة تسعى إلى الحد من العجز المتفاقم في الموازنة العامة، والذي تصل نسبته إلى 11,5% من الناتج المحلي الإجمالي. وحسب اقتصاديين، فإن التشكيلة الجديدة لوزراء المجموعة الاقتصادية، والتي جاءت بأربعة وزراء من شركات خاصة شهيرة محلية ودولية مثل هيرميس والقلعة وأوراسكوم، تكشف عزم الحكومة المصرية في التخلص من البيروقرطية الحكومية التي تحول دون تطبيق رؤيتها القصيرة والطويلة الأمد حتى العام 2030 خصوصاً في مجال الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما يظهر من تولي داليا خورشيد المديرة التنفيذية لشركة أوراسكوم للإنشاءات المملوكة لرجل الأعمال الشهير ناصف ساويرس، حقيبة وزيرة الاستثمار. وكثيراً ما يشتكي المستثمرون الأجانب والمحليون من الروتين الحكومي الذي ضرب الإدارة المصرية، ويحول دون استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ويتردد أن فشل سياسة وزارة الاستثمار في تهيئة المناخ أمام رجال الأعمال الخليجيين كانت سبباً في إطاحة الوزير اشرف سالمان والاستعانة بخورشيد التي تأتي من واحدة من أكبر شركات الإنشاءات الخاصة في مصر. وقالت خورشيد في أول تصريح إن وزارتها ستسعى إلى استعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري بما تتضمنه من إجراءات إصلاحية في البيئة التشريعية الحاكمة لمناخ الاستثمار، وتطوير إجراءات التيسير على المستثمرين، وتمهيد الطريق لحجم مشاركة أكبر للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية الذي ينعكس بدوره على خفض معدلات البطالة وزيادة معدلات النمو. وتتطلع الحكومة المصرية في برنامجها الاقتصادي إلى استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 15 مليار دولار خلال العام 2020 تتضاعف إلى 30 مليار دولار بنهاية العام 2030 مقارنة مع 6,4 مليار دولار حالياً، وذلك في محاولة من جانبها لإيجاد حلول لمشكلة ندرة العملة الأجنبية. تصحيح المسار ويقول الدكتور أحمد أبو السعود أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية، إن التعديلات الجديدة على تشكيلة الحكومة المصرية، والتي تركزت في معظمها على الوزارات الاقتصادية، يؤكد عزم الحكومة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية لتصحيح مسار الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات هيكلية، ستؤدي إلى تراجع معدلات النمو، ما لم يتم الإسراع في إيجاد الحلول المناسبة. وأضاف أن الحكومة مطالبة بأن تركز في إصلاحاتها المرتقبة على تعظيم الإنتاجية في كل القطاعات الاقتصادية، وعدم إعطاء اهتمام أكبر لمشكلة سعر الصرف، خصوصاً أن الاهتمام بالصناعة والتصدير، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية والعمل على تعافي قطاع السياحة من شأنه أن يحل أزمة نقص العملة الأجنبية. وأشار إلى توقف العديد من المصانع المصرية منذ أحداث يناير 2011 إما بسبب التعثر المالي مع البنوك أو العجز عن توفير مستلزمات الإنتاج التي ارتفعت أسعارها بسبب قفزة سعر الدولار، مضيفاً أن تسهيل أمور المصدرين مطلب مهم في الفترة الحالية، خصوصاً أن انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار من شأنه أن يعزز من جاذبية الصادرات المصرية أمام المنافسة في الأسواق الخارجية، بعدما أصبحت أسعارها أرخص مقارنة بمثيلاتها الأجنبية. وحسب الإحصاءات هناك أكثر من 1000 مصنع متوقف عن العمل منذ سنوات، وتضع الحكومة ملف المصانع المتوقفة عن العمل ضمن أولوياتها في برنامجها الاقتصادي للسنوات الثلاث المقبلة. وأفاد أبو السعود أن الوضع الاقتصادي للبلاد أصبح في موقف صعب للغاية، وهو ما تعترف به الحكومة، إذ تسجل كل المصادر الأساسية لحصيلة النقد الأجنبي تراجعاً ملموساً وهى السياحة، ورسوم عبور قناة السويس، والصادرات غير النفطية، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن تفاقم حجم الدين المحلي الذي يتجاوز تريليوني جنيه، وارتفاع الدين الخارجي. وأعرب عادل محمود الأعصر عضو اتحاد الغرف السياحية عن أمله في أن يتضمن البرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية الذي يعرض على مجلس النواب اليوم، عزماً واضحاً للحكومة على دعم قطاع السياحة الذي يعاني حالياً منذ حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية أكتوبر الماضي، وفشلت الجهود الحكومية حتى الآن في إعادة الحركة السياحية من جديد، بسبب استمرار تعليق الرحلات السياحية من روسيا وبريطانيا إلى منتجعي شرم الشيخ والغردقة. وأضاف أن القطاع السياحي أبرز القطاعات الاقتصادية الذي في إمكانه أن يساهم في حل أزمة الدولار التي يعاني منها الاقتصاد المصري، موضحاً أن القطاع يتكبد خسائر فادحة. وقدر هشام زعزوع وزير السياحة السابق والذي أعفي من منصبه لصالح الوزير الجديد يحيى راشد خسائر قطاع السياحة المصري شهرياً بنحو 2.2 مليار جنيه، بما يعادل 11 مليار جنيه (1,2 مليار دولار) بعد مرور خمسة أشهر على حادث سقوط الطائرة الروسية. وبلغت قيمة الإيرادات السياحية بنحو 6 مليارات دولار خلال العام الماضي انخفاضاً من 7.2 مليار دولار خلال العام 2014، وسط توقعات بأن تسجل تراجعاً كبيراً يصل إلى النصف خلال العام الحالي، بعد انتهاء الموسم السياحي الشتوي الذي يعتبر الأهم بالنسبة للقطاع السياحي، حسب ما قال الأعصر. وأضاف أن السياسة التي انتهجها وزير السياحة السابق هشام زعزوع لم تنجح في دعم القطاع السياحي الذي يشهد الآن عمليات إغلاق للعديد من الفنادق في شرم الشيخ والغردقة بعدما انخفضت نسب الإشغال دون 20%، في وقت لا يزال أصحاب المنشآت السياحية يواجهون صعوبات مع البنوك ومستحقات الكهرباء والمياه والتأمينات. تريليونا جنيه قيمة الدين العام القاهرة (الاتحاد) قال مصدر مسؤول في وزارة المالية إن الوزير الجديد عمرو الجارحي كلف نائبيه الجديدين كل من الدكتور محمد معيط نائب الوزير لشؤون الخزانة العامة، وأحمد شرف نائب الوزير للسياسات المالية، وضع تصور لعلاج تضخم حجم الدين العام الذي تجاوز تريليوني جنيه. ويمثل تضخم حجم الدين العام المحلي تحدياً كبيراً للاقتصاد المصري، وتصل نسبته إلى 92,7% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2014/‏‏2015، ويرجع ارتفاع حجمه إلى استخدام الدين المحلي القصير الأجل لتمويل عجز الموازنة. وأضاف المصدر لــ«الاتحاد» إن الدين المحلي سيكون أحد أبرز البنود مع عجز الموازنة على رأس اهتمامات وزير المالية الجديد الذي طلب مراجعة مشروع موازنة العام المالي الجديد الذي كان سلفه هاني قدري قد انتهى منه. وتطرح الحكومة المصرية أسبوعياً عطاءات أذون خزانة تكتب فيها البنوك الحكومية التي تُفضل البنوك إقراض الحكومة نتيجة الفارق بين سعر فائدة الإقراض والعائد على السندات الحكومية، الأمر الذي يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص إلى جانب مضمونيتها. وتشجع الحكومة غالباً البنوك المملوكة لها على شراء أذون الخزانة التي تستهدف في الأساس تمويل عجز الموازنة التي تصل قيمته إلى 240 مليار جنيه في العام المالي السابق، ويتوقع أن يصل في العام المالي الحالي إلى قرابة 300 مليار جنيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©