الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أكثر قوة وازدهاراً من مواطني الولايات المتحدة

1 يوليو 2007 03:22
يقول النائب الجمهوري ''توم تانكريدو'' (من ولاية كولورادو الأميركية)، وهو رجل معروف بمواقفه المناوئة للهجرة: ''إن تأثيرات الهجرة -القانونية وغير القانونية- على الوظائف والتعليم والصحة والبيئة والأمن القومي··· جميعها خطيرة''، مضيفاً أن ''خطرها الأكبر هو تهديد الثقافة، لذلك أرى أننا في صدام حضارات''· والواقع أن ''تانكريدو'' محقٌّ في العبارة الأخيرة؛ فنحن بصدد صدام حضاري، ويوماً ما قد تغيّر ثقافة المهاجرين بعض جوانب الثقافة الأميركية· ويجدر بنا أن نتوقع حدوث ذلك· فنحن بدن متفسخ يزداد بلادة كل يوم؛ فأمد حياتنا الذي ارتفع على مدى القرنين الماضيين، متوقف لأن الكثيرين منا يعانون من مشكلة السمنة· وبينما يعرف معظمنا كل ما ينبغي معرفته بخصوص الممثلة وعارضة الأزياء باريس هيلتون، فإننا لا نكاد نعرف شيئاً حول التاريخ والجغرافيا والسياسة الدولية، بل وحتى آليات اشتغال حكومتنا· في الثقافة الأميركية، تنتشر لعب الفيديو ''إكس بوكس'' بين الأولاد؛ ونسوّق السراويل الداخلية الخليعة للفتيات قبل سن البلوغ؛ ويعتقد عدد متزايد من الكبار أن المنزل الذي لا يحتوي على حمام لكل فرد من أفراد العائلة، هو قمة الحرمان· لقد طوّع أسلافنا الغرب الأميركي، ولكن معظمنا لا يستطيع اليوم تطويع حتى كيس ورقي· ولو اضطررنا إلى عبور البلاد في عربات كتلك التي استعملها أسلافنا، لقُضي علينا قبل أن نبلغ نهر الميسيسيبي· لكن دعونا الآن نقارن ثقافتنا بـ'' بثقافة المهاجرين الجدد''؛ فعلى جميع الأصعدة، يبدو المهاجرون أفضل حالاً منا بكثير· فالمهاجرون يُبدون شجاعة فائقة· فأن يترك المرء وطنه وكل ما يعرفه -حتى وإن كانت البطاقة الخضراء في انتظاره- أمرٌ يتطلب الكثير من الشجاعة ورباطة الجأش· أما بالنسبة للمهاجرين غير القانونيين، فمجرد الوصول إلى الولايات المتحدة يعكس شجاعة فائقة؛ إذ يتحمل المهاجرون غير القانونيين كثيراً من الحرمان والخطر، فقط من أجل فرصة تحسين أحوالهم المعيشية عبر القيام بأعمال شاقة ومنهِكة لا تقبل بها سوى قلة قليلة من الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة· وبينما نطالب نحن بمنازل كبيرة وواسعة، تجدهم يقتسمون شققاً ضيقة ومكتظة· وبينما نغرق نحن حتى آذاننا في القروض الاستهلاكية، يقومون هم بتوفير كل دولار تقريباً من أجل إرساله إلى أقاربهم وذويهم في بلدانهم الأصلية· والواقع أن الجيل الشاب من المهاجرين غير القانونيين مبهِر حقاً· فكل عام، يعبر آلاف الأطفال الحدود إلى الولايات المتحدة تاركين ذويهم· ثم إن العديد منهم يأتي إلى هنا مشياً على الأقدام من قراهم وبلداتهم في السلفادور وغواتيمالا· فهل يستطيع أطفالنا الذين لا بد لهم من مرافق يرعاهم، القيام برحلة كهذه بمفردهم؟ وعلاوة على ذلك، فإن المهاجرين يميلون إلى الاستقامة بصفة عامة· فقد وجدت دراسة أنجزتها منظمة ''بابليك إيجندا'' المستقلة، أن أغلبية ساحقة من المهاجرين ترى أن عليها واجب ''العمل بجد وعدم العيش على مساعدات الدولة'' و''احترام الناس من مختلف الخلفيات الدينية والعرقية''· كما وجدت دراسة لجامعة هارفارد، أن لدى الطلبة المهاجرين أيضاً مواقف أكثر إيجابية من التعليم مقارنة مع الشباب المولود في الولايات المتحدة· وخلافاً للتصورات السائدة على نطاق واسع، فإن احتمال ارتكاب المهاجرين لجرائم هو أقل من احتمال ارتكاب غير المهاجرين لها· فقد وجدت دراسة في شيكاغو، ركزت على المهاجرين المكسيكيين بصفة خاصة، أن ''مهاجري الجيل الأول (أي المهاجرين الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة) أقل ميلاً إلى القيام بأعمال العنف بنسبة 45% مقارنة بأميركيي الجيل الثالث''· بل إن ''روبرت سامبسون''، وهو أستاذ مادة علم الاجتماع بجامعة هارفارد، يرى أن زيادة الهجرة قد تكون عاملاً في تراجع معدلات الجريمة خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي· هذا، ووجدت دراسة أخرى في مدينة نيويورك أن المهاجرين يتمتعون بصحة أفضل عموماً· فمقارنة مع أقرانهم المولودين في الولايات المتحدة، مثلاً، يعد ''المراهقون المولودون في الخارج أقل معاناة من الربو والسمنة، وأقل تغيباً عن المدرسة، وأقل تورطاً في استعمال المخدرات والجنس والانحراف والعنف''· وعموماً فإن المهاجرين، في المتوسط، يعيشون أطول منا - نحن بقية الأميركيين- بثلاثة أعوام· ولذلك كله، فلا غرو أن يفزع تانكريدو وأنصاره من المهاجرين! إن المهاجرين يُخجلوننا· فهم أكثر قوة وازدهاراً وشجاعة، ويتمتعون بصحة أفضل· ولذلك، فإذا لم نتمكن من جعلهم ينصهرون، فقد يغيّروننا· وإذا كان من شأن وأد مشروع إصلاح قانون الهجرة، بسبب التلكؤ والمماطلة -والذي أنهى إمكانية فتح الطريق نحو اكتساب الجنسية بالنسبة لـ12 مليون عامل غير قانوني- أن يبطئ التغيير الثقافي، إلا أنه لن يوقفه· ومن حسن طالعنا -نحن الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة- أن معظم المهاجرين مستعدون للتغاضي عن عيوبنا والانصهار في ثقافتنا· فحسب الدراسة التي أنجزتها ''بابليك إيجندا''، فإن 80% من المهاجرين يعتبرون الولايات المتحدة ''بلداً فريداً يمثل شيئاً خاصاً في العالم''، و87% يقولون إنه ''من المهم للغاية تحدث اللغة الإنجليزية وفهمها''· غير أنه علينا أن نتوقف قليلاً قبل أن نشدد على ضرورة انصهار المهاجرين؛ ذلك أن الدراسات نفسها التي تُظهر أن المهاجرين أقل عنفاً وأفضل من حيث الحالة الصحية، تشير أيضاً إلى أن التأثيرات الوقائية لوضع المهاجرين إنما تضعف وتتبدد بمرور السنين· إذ أننا لن نستطيع رصد أي فرق من الفروقات التي سبق ذكرها عندما نصل إلى أحفاد المهاجرين· بعبارة أخرى: أيها المهاجرون احذروا! إن الانصهار في الثقافة الأميركية قد يكون خطيراً على صحتكم وقيمكم· أما بالنسبة لبقيتنا، فبدلاً من التشديد على ضرورة أن ينصهر المهاجرون في ثقافتنا، فربما يتعين علينا أن نبحث إمكانية أن ننصهر نحن في ثقافتهم· فربما تكون تلك هي الطريقة الوحيدة لاستعادة قيم أسلافنا، أولئك الذين كانوا هم أنفسهم مهاجرين، مثلما يعرف الجميع· روزا بروكس كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©