الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إغلاق الحدود درسٌ عجزت واشنطن تماماً عن الاستفادة منه

إغلاق الحدود درسٌ عجزت واشنطن تماماً عن الاستفادة منه
1 يوليو 2007 03:20
شهدت ''البنتاجون'' عرضاً في 2003 لـ''معركة الجزائر العاصمة''، وهو فيلم يحكي قصة سيطرة القوات الفرنسية على العاصمة الجزائرية· ويقول الرئيس الأميركي جورج بوش إنه قرأ خلال الآونة الأخيرة كتاباً للمؤرخ البريطاني ''أليستر هورن'' حول الحرب الجزائرية، يحمل عنوان ''حرب وحشية من أجل السلام''· وفي الخريف الماضي، ألقى ''كريستوفر هارمون''، الذي يُدرس مادة حول الحرب الجزائرية في ''جامعة القوات البحرية'' (إم· سي· يو) في واشنطن، محاضرة حول النموذج الجزائري على قوات ''المارينز'' في العراق· الواقع أن بعضاً ممن شاركوا في تلك الحرب هنا في الجزائر لا يرون نفعاً كبيراً في عقد المقارنة؛ ولكن الجيش الأميركي- والجمهور الأميركي- يواصلان دراسة حرب الجزائر من أجل الاستقلال (1954-1962) بغية استخلاص الدروس والعبر بخصوص كيفية محاربة التمرد في العراق· وفي هذا السياق، يقول ''توماس إكس هامز''، الخبير الأميركي في التمرد ومؤلف كتاب حول حرب العصابات بعنوان ''المقلاع والحجارة'':''هناك أمثلة قليلة جداً جداً للتمرد الحديث؛ وبالنسبة لأعمال التمرد في المدن، هناك مثال هذه الحرب''· ومن جانبه، يرى ''هارمون''، رئيس مركز التمرد والإرهاب بجامعة القوات البحرية، أنه إذا كانت فرنسا قد انسحبت من الجزائر في نهاية المطاف، فإن الفرنسيين ''قاموا بمحاربة التمرد على نحو فعال بصفة عامة''، مضيفاً أن ''الجيش الأميركي مهتم بهذا النموذج منذ وقت طويل ··· إنها مقارنة جيدة جداً''· في النموذج الجزائري، وعلى غرار العراق، قام جيش أجنبي غير عربي في جزئه الأكبر باحتلال بلد عربي واجهت فيه القوات الفرنسية حركة تمرد طويلة لجأت - يقول ''هامون''- إلى ''استعمال كبير وممنهج للإرهاب''، وتلقت المساعدة من بلدان مجاورة· وفي ردهم على هذه الأعمال، أنشأ الفرنسيون نظاماً معقداً من الحواجز أحكم إغلاق الحدود الجزائرية· وفي معركة الجزائر العاصمة، جمع الفرنسيون معلومات حول سكان المدن وشبكاتهم الاجتماعية· وساعد فهم المجتمع هذا في السيطرة على العاصمة وتفكيك المجموعات الناشطة هناك· كما حددوا الزعماء المحليين الذين كانوا يحاسبونهم في حال قام أحد في المناطق الخاضعة لهم بمهاجمة أحد الفرنسيين· وكانت مجموعات صغيرة من الجنود الفرنسيين ترابط بين التجمعات السكانية، ما مكنها من فهم المجتمع الذي كانت تحاول السيطرة عليه· ويُشار هنا إلى أن هذا التكتيك الأخير مستعمل حالياً في بغداد· يقول ''هارمون'' و''هامز'' إن العديد من الخطوات التي اتُّخذت في الجزائر تمثل دروساً قيّمة بالنسبة للعراق، ولكنها ليست كلها قابلة للتطبيق· ذلك أن حركات التمرد الجزائرية والعراقية مختلفة على غرار الاختلاف الموجود بين القوات الفرنسية والأميركية وأهدافهما الاستراتيجية· فقد ذهب الفرنسيون إلى الجزائر بقوات كبيرة، مصممين على السيطرة على الجزائر سيطرة دائمة· وهكذا، احتل نحو 500000 جندي فرنسي بلداً يبلغ عدد سكانه 9 ملايين نسمة، يساعدهم في ذلك جنود جزائريون مدربون يدعون ''الحركي''· أما في العراق، فيوجد 150000 جندي تقريباً في بلد، يبلغ عدد سكانه نحو 26 مليون نسمة وحيث كانت لجهود تدريب قوات أمن عراقية قوية ووطنية نتائج متفاوتة· وفي هذا الإطار، يقول ''هارمون'' إن إغلاق الحدود درسٌ ''عجزت الولايات المتحدة تماماً عن الاستفادة منه ··· وتلك مشكلة من مشاكل الذهاب إلى العراق بقوة صغيرة، مثلما اختار وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد أن يفعل''· بيد أن ''محمد دباح'' يشكك في قدرة التجربة الجزائرية على تقديم أجوبة عديدة لحالة العراق· ويقول ''دباح''، الذي غادر المدرسة الثانوية في 1956 من أجل الانضمام إلى المتمردين الوطنيين الجزائريين أو ''المجاهدين''، إن المتمردين العراقين غير موحَّدين؛ حيث يقاتل الشيعة والسُنة بعضهم بعضاً، إضافة إلى قوات التحالف التي تتزعمها الولايات المتحدة· وفي هذا السياق، يقول ''دباح''، وهو في مكتبه بوزارة المجاهدين، التي تقدم معاشات لقدماء المحاربين ومعلومات تاريخية حول الحرب الجزائرية:''لا توجد أوجه شبه لأنه لا توجد مجموعة واحدة في الصراع مع الأميركيين في العراق· إنها فوضى عارمة··· أما نحن، فقد نجحنا لأنه لم تكن لدينا هذه الاختلافات الدينية''· ''دباح'' لفت إلى أنه كانت ثمة مجموعاتٌ جزائرية تبدي اختلافا بخصوص ما إن كان ينبغي محاربة الفرنسيين أو التفاوض معهم، قبل أن يضيف ''ولكننا وحّدنا كلمتنا في النهاية لأننا كنا ندرك أن ذلك هو السبيل الوحيد لمحاربة فرنسا''· وخلافاً لحركات التمرد العراقية، ساعدت تلك الوحدة زعماءَ حركة ''التمرد'' الجزائرية على خوض حملة قوية لإضعاف الدعم السياسي للاحتلال الفرنسي؛ حيث أقاموا علاقات دبلوماسية رسمية مع بلدان في أفريقيا وآسيا؛ وضغطوا على الأمم المتحدة من أجل المساعدة على إنهاء الحرب ومنح الجزائر استقلالها· كما كانت ثمة هجمات في فرنسا من قبل المتمردين الجزائريين أسفرت عن مقتل نحو 5000 شخص، وذلك بهدف - يقول ''هارمون''- ''إخافة الفرنسيين وحملهم على وقف الحرب''· غير أن عدداً من خبراء محاربة التمرد يرون أن الفرنسيين أنفسهم هم الذين وجّهوا أكبر ضربة للدعم لحملتهم في الجزائر· ذلك أن استعمال الجيش الفرنسي الممنهج للتعذيب والقتل من دون محاكمات قضائية ساهم في خسارة فرنسا للحرب السياسية في الداخل وفي الجزائر· وفي هذا الإطار، يقول ''هارمون'':''لقد هزم الفرنسيون الميليشيات عسكرياً؛ غير أنهم لم يستطيعوا التعامل مع الزخم السياسي للثورة· وهذا الاختلال الكبير بين النجاح العسكري والفشل السياسي مفيد ومهم بالنسبة للأميركيين''· ففي مطلع الستينيات، احتدم السجال في فرنسا حول الحرب إلى درجة أن بعضهم وصف البلد بأنه بات على شفا حرب أهلية· وقد لعبت المعارضةُ السياسية للحرب دوراً مهماً في قرار الرئيس شارل ديجول بأمر الجيش بالانسحاب عام ·1962 غير أن القرار ساهم بالمقابل في خلق انقسام كبير في العلاقات المدنية-العسكرية· الحقيقة أن الولايات المتحدة لم تواجه نفس الاضطرابات والقلاقل داخلياً بسبب الحرب في العراق، غير أن الحرب الجزائرية تمثل درساً حول أهمية الدعم السياسي من أجل الفوز في الحرب بصفة عامة· بالمقابل، يتفق ''هارمون'' و''هامز'' على أن المقارنة ليست دقيقة تماماً حيث يرى ''هامز'' أن النموذج الجزائري ''يقدم بعض الدروس، ولكنني لست متأكداً بخصوص ما إن كانت الدروس المناسبة تستخلص منه''· ويضيف أن النموذج ينظر إليه كثيراً نظرة ضيقة؛ والحال أن ''كل تمرد هو وليد ثقافة وتاريخ ووضع البلد الذي يوجد فيه· فعلى غرار التاريخ العسكري، فإنك لا تبحث عن'' أجوبة معينة وإنما عن أفكار وأنماط للتفكير· من الواضح أن الجمهور الأميركي يبدي اهتماماً كبيراً بهذه الأفكار· فقد نفد كتاب ''حرب وحشية من أجل السلام'' من المكتبات قبل أن تبدأ مؤسسة ''نيويورك ريفيو بوكس كلاسيكس'' في طباعته الخريف الماضي· وبمعايير الكتب التاريخية، فإن الكتاب يلقى إقبالاً ملحوظاً حيث بيعت منه 20000 نسخة حتى الآن، وفق إيدوين فرانك، مدير التحرير في المؤسسة الناشرة· جيل كارول مراسلة كريستيان ساينس مونيتور في الجزائر ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©