الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تنشئ هيئة مستقلة لحل نزاعات المستثمرين

الحكومة المصرية تنشئ هيئة مستقلة لحل نزاعات المستثمرين
17 ديسمبر 2012
قرر مجلس الوزراء المصري بدء الإجراءات التنفيذية لإنشاء هيئة مستقلة للوساطة التجارية تتولى حل النزاعات مع المستثمرين تفادياً للجوئهم إلى التحكيم الدولي. ومن المنتظر أن يجري إنشاء هذه الهيئة تحت مظلة وزارة العدل عبر إجراء تشريعي يصدر مطلع العام القادم ويهدف إلى تحسين المناخ القانوني لبيئة الأعمال والاستثمار في مصر، حيث سيتضمن التشريع الجديد سلسلة من الإجراءات من بينها إنشاء هيئة الوساطة التجارية. وسوف تتمتع الهيئة الجديدة باستقلالية كاملة سواء عن الأجهزة الحكومية الإدارية أو منظومة التقاضي في البلاد ويحق للشركات والمستثمرين المتضررين من أي قرارات حكومية تتعلق بالأراضي أو التراخيص أو مستحقات مالية متأخرة أو غيرها التقدم لهذه الهيئة للفصل في هذه المنازعات. كما ستتولى الهيئة فحص القضايا المرفوعة أمام التحكيم الدولي من جانب بعض المستثمرين العرب والأجانب ضد الحكومة المصرية وطرح مقترحات وحلول وعرضها على هؤلاء المستثمرين للتوصل إلى اتفاق بشأنها تمهيداً لسحب دعاوى التحكيم الدولية التي تلقي بظلال سلبية على صورة مناخ الاستثمار في مصر. وجاء التحرك الحكومي الأخير بعد تزايد دعاوى التحكيم التي أقامها عدد من المستثمرين العرب والأجانب “يزيد عددها على 10 دعاوى” ضد الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة سواء بسبب سحب أراضي سبق تخصيصها لهؤلاء المستثمرين أو فسخ عقود بيع شركات أو سحب تراخيص وحقوق امتياز الأمر الذي ألقى بأعباء كبيرة على الحكومة التي اضطرت إلى الاستعانة بمكاتب قانونية دولية للدفاع عن قراراتها. وبالتالي جاءت فكرة الهيئة المستقلة للوساطة التجارية لتعزيز الجهود الحكومية في هذا المجال ومنع وصول المزيد من الدعاوى إلى التحكيم الدولي وتحسين صورة مناخ الأعمال المصري أمام دوائر الاستثمار الأجنبية وبث نوع من الثقة والطمأنينة لدى المستثمرين الذين ينفذون مشروعات حالياً في السوق المصرية. وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن الهيئة الجديدة سوف تضم إلى جانب الخبراء القانونيين لجاناً فنية تختص كل لجنة بأحد الملفات المتنازع عليها مع المستثمرين على أن تستعين هذه اللجنة بمن تراه من الخبراء الماليين ومسؤولي التقييم المحايدين إلى جانب ممثلي البنوك في حالة وجود مديونيات على هؤلاء المستثمرين أو وجود مشاركة من جانب بعض البنوك في هذه المشروعات العائدة لهؤلاء المستثمرين. وحسب هذه المعلومات أيضاً فإن قرارات هذه الهيئة سوف تكون ملزمة لكافة الوزارات والهيئات الحكومية المصرية بشرط قبول المستثمرين قرارات هذه الهيئة كتابة مع سحب دعاوى التحكيم مقابل تعهد حكومي مكتوب بتنفيذ القرارات الصادرة لصالح هؤلاء المستثمرين خلال جدول زمني لا يزيد على ستة أشهر. ويجري حالياً وضع اللمسات الفنية الأخيرة وتحديد الآليات التنفيذية للمشروع حيث إن الهيئة المستقلة للوساطة التجارية هي الحل الوحيد لفض الاشتباكات القائمة في الوقت الراهن ومنذ اندلاع الثورة مع عدد كبير من المستثمرين في مقدمتهم شركات “داماك” الإماراتية وجميل القنبيط المستثمر السعودي صاحب صفقة شراء شركة “عمر أفندي”، وكذلك المستثمر السعودي عبدالإله الكعكي الذي اشترى شركة طنطا للكتان. وكذلك شركة “سيمكس” الدولية للأسمنت التي قامت بشراء شركة أسمنت أسيوط إلى جانب الشركة الأسترالية صاحبة حق امتياز استغلال منجم السكري للذهب والتي صدر حكم قضائي مؤخراً بفسخ العقد، إلى جانب دعاوى تحكيم أخرى من جانب شركة شرق المتوسط للغاز المملوكة لرجل الأعمال الهارب حسين سالم بسبب وقف إمدادات الغاز عبر الشركة إلى إسرائيل والأردن بسبب أحكام قضائية ونحو 15 تفجيراً طال خط الغاز بمنطقة شمال سيناء. ويؤكد مسؤولون حكوميون أن قرار إنشاء هيئة مستقلة للوساطة التجارية يستهدف استعادة الثقة بين المستثمرين المحليين والأجانب بعد تراجع حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة إلى البلاد خلال العام الجاري 2012، حيث تدنت هذه التدفقات لأقل من 1,8 مليار دولار. وجاء معظم هذه التدفقات عبر اتفاقيات للتنقيب عن النفط والغاز ولم يذهب منها إلى مجالات الاستثمار المباشر سوى أقل من 400 مليون دولار مناصفة بين إحدى الشركات التركية التي تعتزم إنشاء منطقة صناعية ومصنع أسمنت بالبحر الأحمر وإحدى الشركات الكورية “سامسونج” التي قررت إنشاء مصنع تابع لها في محافظة بني سويف جنوب القاهرة لتصنيع المنتجات والأجهزة المنزلية وأجهزة الهاتف الجوال بهدف إعادة تصديرها إلى الأسواق الأفريقية. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه المبادرة الحكومية تمثل تحركاً إيجابياً لطمأنة السوق ودوائر الاستثمار الأجنبية في ظل هذه الظروف السلبية حيث لا تزال التصنيفات المنخفضة من جانب المؤسسات الدولية لمصر قائمة وهناك مؤسسات كبرى تسعى للخروج من السوق ومنها بنوك عالمية مثل بنك “بي إن بي باربيا” الفرنسي وكذلك البنك الأهلي سوستيه جنرال. وقال هؤلاء إن هذا في حد ذاته مؤشر خطر ويبعث برسائل سلبية إلى الخارج ومن ثم فإن إنشاء الهيئة بشرط أن تكون مستقلة فعلاً سوف يمنح أملاً جديداً للمستثمرين بشأن التزام الحكومة بتعهداتها والعقود التي سبق أن أبرمتها حكومات سابقة وفي الوقت نفسه ينزع فتيل الصراع القضائي القائم في مصر حالياً بين مختلف الأطراف ويهدئ من روع هؤلاء المستثمرين. وتؤكد الدكتورة أمنية حلمي مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن فكرة الهيئة المستقلة لفض منازعات الاستثمار موجودة في عدد كبير من بلدان العالم، كما أن الفكرة ذاتها معمول بها في مصر منذ سنوات طويلة في شكل لجان فض المنازعات في معظم الوزارات التي تتعامل مع المستثمرين، لاسيما وزارات الصناعة والتجارة والزراعة والإسكان والبيئة وغيرها. وأضافت: ولكن الجديد في مشروع الهيئة الذي طرحته وزارة العدل واعتمده مجلس الوزراء هو استقلال هذه الهيئة عن أعمال الحكومة التنفيذية أي أنها ستكون ذات صفة قضائية متخصصة وأحكامها ملزمة ومن ثم سوف تكتسب ثقة أكبر من جانب أصحاب المنازعات وبالتالي سوف تلعب الهيئة المقترحة دوراً فاعلاً في إنهاء العديد من المنازعات ومنع الكثير منها من الوصول إلى التحكيم الدولي، وهو التوجه الذي أضر كثيراً بسمعة مناخ الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة وأثر على جهود جذب الاستثمار الأجنبي بالبلاد وهو ما بدا واضحاً في الأرقام الأخيرة الصادرة عن وزارة التخطيط. وقالت: “من المهم أن تنجز هذه الهيئة كافة الملفات المعلقة أو معظمها حتى يتم بعث رسالة إيجابية إلى مختلف الأطراف وتسهم على نحو عملي في تخفيف أجواء الاحتقان في بيئة الأعمال لاسيما أن التوترات السياسية الأخيرة أثرت سلباً على مجمل الأوضاع الاقتصادية بالبلاد”. وأوضحت أن معدلات الخروج من السوق تتزايد في الفترة الأخيرة لأسباب قهرية ونتيجة الضغوط الواقعة على أصحاب الأعمال وتوقف البنوك عن ضخ تمويل جديد وكل ذلك خلق مناخا غير موات في بيئة الأعمال الأمر الذي يستلزم بذل المزيد من الجهود الحكومية التي تسهم في ترميم هذه الأوضاع واستعادة الثقة في السوق ومساعدة مختلف الأطراف على التغلب على هذه الظروف الاستثنائية، لاسيما أن معدلات البطالة والتضخم والفقر تزداد في المجتمع حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء وهي معدلات لن يتم التغلب عليها إلا عبر تعزيز دور القطاع الخاص في العملية الاقتصادية وإزالة المعوقات من أمامه ودعمه عبر التشريعات والإعفاءات وإتاحة التمويل وغيرها من الأمور المتعلقة بضبط توازن المعادلة الاقتصادية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©