الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفل المكتئب.. "صاعقة" تزلزل البيت

الطفل المكتئب.. "صاعقة" تزلزل البيت
1 يوليو 2007 01:46
يعتقد الكثير من الناس أن الأطفال لا يمكن أن يعانوا من شيء اسمه ''الاكتئاب''، وأنهم ملائكة صغار يعيشون في عالم البراءة والطفولة، لكن الحقيقة العلمية والدراسات المختلفة تثبت غير ذلك، حيث تشير إلى أن الاكتئاب أصبح أكثر انتشارا بين الأطفال، وأن أكثر الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي يكونون عادة في سن العاشرة أو أكثر بقليل، أكثر من ذلك، تؤكد الدراسات والبحوث العلمية أن نصف المصابين بالاكتئاب يخضعون لعلاج مماثل لما يخضع له البالغون الذين يعانون من التقلبات المزاجية· ويبدو أن الضغوطات النفسية والمؤثرات المختلفة التي تحفل بها الحياة المعاصرة لم تترك حتى الأطفال في حالهم، لكن المأزق في حال اكتئاب الطفل يتمثل في خطورة الحالة وما يمكن أن تتركه من أثر سيئ على شخصية الطفل يرافقه مدى الحياة··· لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي أعراض اكتئاب الأطفال؟ ما هي أسبابه؟ كيف يعرف ذوو الطفل أنه مكتئب؟ وكيف يتعاملون معه؟ وكيف يمكن علاج الطفل المكتئب؟ يمثل اكتئاب الطفل مشكلة مؤرقة للوالدين إن لم نقل إنها عاصفة تزلزل كيان الأسرة، وصاعقة تنزل على رأس العائلة في حال لم يكن لديها الوعي الكافي للتعامل مع هذه الحالة، فالأسرة التي لديها طفل مكتئب تعيش مأساة حقيقية لما لهذا المرض من تأثير على جميع أفراد العائلة، إذ تحتاج الأم وقتا كبيرا للعناية به على حساب بقية أفراد العائلة، مما يقلب حياة الأسرة رأساً على عقب، خاصة عندما يلوم أحد الوالدين الطرف الآخر بأنه يهمل القيام بواجباته وتأدية مهامه، وغالبا ما تكون الأم هي الضحية إذا كان الأب لا يقدر معاناتها وما يعتمل في صدرها من الألم وهي ترى طفلها يختلف عن بقية الأطفال الذين هم في مثل سنه، هم يذهبون إلى المدرسة، ويملؤون المنزل مرحاً وفرحاً، بينما طفلها يتألم ويعاني الأمرين في عزلته، فضلاً عن كونه يحيل المنزل إلى مكان مزعج، أو ساحة للمشاكل بسبب مرضه· أعراض الاكتئاب تعرف الأخصائية النفسية أمل الحمادي الاكتئاب: بأنه شعور بالحزن مصحوبا في الغالب بانخفاض الفاعلية، وقد لوحظ وجود عدد متزايد من الأطفال المكتئبين ممن هم دون الثانية عشرة· والاكتئاب يمكن أن يكون سببا لكثير من المشكلات السلوكية لدى الأطفال مثل التبول الليلي، ونوبات الغضب، والشعور بالإرهاق والانحراف، والمشكلات الجسمية النفسية· أما أعراضه فتشبه الأعراض لدى الكبار مثل: الانسحاب الاجتماعي، بحيث يبدأ الطفل بالانفصال عن الآخرين ويعتزلهم ويفضل النشاطات الذاتية والصمت والسكون، وعدم الرغبة في مزاولة الحياة الطبيعية مثل الذهاب إلى المدرسة أو الخروج مع العائلة أو ممارسة الأنشطة اليومية، وكثيرا ما يشعر بالذنب وبأنه غير محبوب، ولديه تدنٍّ في مفهوم الذات، بالإضافة إلى شعوره الدائم بقلة الحيلة والعجز في مواجهة مشاكل الحياة والناس، حيث يتوقع الأسوأ دائما، ويشكو باستمرار· ولا يقتصر الأمر على ذلك، فالأطفال المكتئبون نادرا ما يظهرون الفرح والسرور، ويتحدثون بصوت رتيب ولديهم اضطراب مزاجي، واضطراب في النوم، وهم سريعو البكاء، بائسون، منعزلون ويبدو عليهم القلق الزائد مع أعراض جسمية كالصداع وآلام المعدة، ولا يشعرون بأي رغبة في عمل أي شيء، ويفتقدون الاهتمام بالرياضة أو اللعب، وكثير من الأطفال من عمر (8 -12) يهددون بقتل أنفسهم أو إيذائها· لذلك فالطفل الذي تنطبق عليه هذه الأعراض لمدة تزيد عن أسبوعين يعتبر مصابا بالاكتئاب، بالإضافة إلى ذلك تلعب العوامل الكيميائية الحيوية دورا في حدوث استجابة للاكتئاب، حيث تحدث تغييرات في الأمينات الدماغية عند المرضى المصابين به· أسباب الاكتئاب وتشير الأخصائية أمل الحمادي إلى وجود أسباب كثيرة (نفسية واجتماعية) تجعل الطفل يشعر بالاكتئاب، منها الضغوطات كالضغوط النفسية المدرسية، حيث نرى أن النظام المدرسي الذي يقوم على العقاب والقسوة والضرب والتوبيخ يؤدي إلى شعور الطفل بالخوف من المدرسة، كما أن الإحباط له تأثير، فالأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم بشكل مباشر نحو الآخرين يميلون إلى توجيه غضبهم نحو ذواتهم، ويلجأون إلى الاعتداء على أنفسهم بطريقة ما· ومن أهم الاسباب فقدان الوالدين أو أحدهما حيث يؤدي ذلك إلى حالة من الحزن الشديد، لأن الوالدين يمثلان عند الطفل شعور الحب وإذ اختفى هذا الشعور من الوجود يؤدي إلى الشعور بالحزن والاكتئاب· علاوة على رغبة الطفل في جذب انتباه الآخرين حيث يصبح الطفل شديد الغضب عندما يشعر انه لا يحصل على الحب الكافي· أما بالنسبة للأسباب الاجتماعية فتتمثل في التفكك الأسري، والتنشئة الأسرية، وشعور الطفل بالعزلة· علاج الاكتئاب وترى الحمادي أن علاج الاكتئاب عند الأطفال يكون بالعمل على تعزيز مفهوم الذات عند الطفل، من خلال الاتصال بالآخرين ومدحه، وتشجيعه، وتنويع المهارات التي يمكنه القيام بها ليعزز ثقته بنفسه، وتقبل الطفل والسماح له بالتعبير عن انفعالاته خاصة مشاعر الرفض والغضب، والاهتمام والإنصات له وتعديلها بالحوار والإقناع· ومساعدة الطفل ليشعر بالكفاءة والفاعلية، بوضع هدف معين ومساعدته على تحقيق هذا الهدف مع تقوية قدرته على مواجهة مشكلته، ومحاولة إشراكه في الأنشطة المختلفة· ولا يمكن أن ننسى ما يتركه الانسجام العائلي داخل الأسرة، وخلق جو من الألفة والحب والاستقرار من نتائج إيجابية على شخصية الطفل وسلوكه، ومن هنا يأتي التأكيد على ضرورة ابتعاد الوالدين عن الحزن والاكتئاب حتى لا تتعزز هذه المشاعر عند الطفل عن طريق التقليد والمحاكاة، بالإضافة إلى الحرص على إبلاغ المدرسة في حال كانت لدى الطفل أي مشاكل صحية أو نفسية، وذلك لتوعية المعلمين بالطريقة الصحيحة في التعامل مع الطفل· وفي نهاية المطاف، إذا لم تفلح كل هذه الجهود، وبعد فشل كل الوسائل يجب البحث عن العلاج الدوائي أو العلاج السلوكي والنفسي تحت إشراف طبي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©