الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

طفرة الغاز الصخري تضع صناعة الكيماويات الأوروبية في مأزق

طفرة الغاز الصخري تضع صناعة الكيماويات الأوروبية في مأزق
27 ديسمبر 2013 21:32
تجبر طفرة الغاز الصخري الأميركية، منتجي البتروكيماويات الأوروبيين على التحول من إنتاج المواد البتروكيماوية منخفضة الربح إلى منتجات تخصصية عالية الربح. ويخشى مصنعو البتروكيماويات الأوروبيون من أزمة صعبة تحشرهم بين منتجي الشرق الأوسط منخفضي التكلفة وصناعة كيماويات ناهضة بالولايات المتحدة التي هبطت بها أسعار الخامات المغذية والطاقة عقب اكتشافات الغاز الصخري. وبعد عقد من شبه انعدام توسعات البتروكيماويات بالولايات المتحدة شجع الغاز الصخري شركات من أمثال داو كيميكال وليوندلباسل وشيفرون فيليبس واكسون موبل كيميكال على استثمار مليارات الدولارات في زيادة سعة تصنيع الايثلين على ساحل الخليج الأميركي. ومن المنتظر أن تصل إمدادات أميركية جديدة من البتروكيماويات أهمها مشتقات الايثلين مثل البوليثلين وكلوريد البوليفنيل (بي في سي) إلى أسواق التصدير العالمية في السنوات المقبلة. يأتي هذا في وقت ينتظر لشركات الكيماويات بالشرق الأوسط التي طالما كان لديها ميزة توفر الخامات اللازمة والطاقة منخفضة التكلفة مقارنة بأوروبا أن تواجه صعوبة في التصدير إلى الولايات المتحدة الأكثر تنافسية وأن تبحث بدلاً من ذلك عن عملاء أوروبيين. منعت المخاوف البيئية وكثافة التلوث المتزايدة أوروبا من تطوير احتياطياتها من الغاز الصخري الأمر الذي ينذر بفقدان قدرة منتجي الكيماويات الأوروبيين على المنافسة في الأجل القريب. يذكر أن أسعار الغاز الطبيعي بالولايات المتحدة تبلغ حوالى ثلث سعره في أوروبا. في أوروبا تميل شركات البتروكيماويات إلى تشغيل مصانع النافتا عالية التكلفة المشتقة من النفط الخام. ورغم اعتقاد بعض الاقتصاديين بأن فوارق السعر بين النفط والغاز الطبيعي ستضيق مستقبلاً إلا أن الشركات الأميركية في الوقت الحالي تستفيد كثيراً من هذه الفوارق. وقالت مؤسسة برنستاين البحثية إن كلاً من أسعار النفط المرتفعة والغاز الرخيص عملا على زيادة أرباح شركات الكيماويات الأميركية التي تستخدم مصانع الايثين بمقدار 6 مليارات دولار أو نحو 14% من إجمالي أرباح هذه الصناعة في الولايات المتحدة في عام 2011. وقال بول هودجز رئيس مؤسسة انترناشيونال اي كيم للاستشارات الصناعية إن هناك صراعاً شديداً يدور في أسواق تصدير البتروكيماويات بين المنتجين الأميركيين والمنتجين الأوروبيين. وقالت ستاندرد اند بورز إنه سيتعين على المنتجين الأوروبيين أن يواجهوا هذا التغير الحاصل في ديناميكيات هذه الصناعة بمجموعة من الإجراءات الضرورية اللازمة لرفع كفاءة الإنتاج وتحسين أوضاعهم من حيث التكاليف. وتواجه شركة سولفاي المتمركزة في بلجيكا المنافسة الأميركية وقلة الطلب في سوق (بي في سي) في أوروبا من خلال إغلاق مصانعها المنتجة لهذه المادة في مشروع مشترك مع مصانع منافستها شركة اينيوس حيث تعتزم سولفاي التخارج من اتفاقية ذلك المشروع في السنوات القليلة المقبلة. وقال جان بيير كلاماديو رئيس تنفيذي سولفاي إن هذه الخطوة تعكس جزئياً المنافسة القادمة خصوصاً من منتجي أميركا الشمالية الذين يستفيدون من ميزة توفر الطاقة والمواد الخام بأسعار منخفضة. وتعتزم شركة لانكسس الألمانية تسريح 1000 عامل بحلول عام 2015 نتيجة تناقص المطلوب من المطاط الاصطناعي في صناعة السيارات حيث ترتبط 40% من مبيعات الشركة بصناعتي السيارات والإطارات. وقال اكسل هايتمان رئيسها التنفيذي: «تعاني لانكسس حالياً من ضعف سوق الإطارات وخصوصاً سوق السيارات». وأضاف أنهم يكثفون جهودهم أكثر من أي وقت مضى على التكنولوجيا والابتكار بسبب أن منتجات الفئة العليا أقل تأثراً بضغوط الأسعار. غير أن صعود منافسين بالشرق الأوسط وآسيا خلال العقد الماضي أقنع شركات الكيماويات الأوروبية بعدم إمكانية نجاحها في الكيماويات السلعية. وقد اقتضى ذلك سنوات من إعادة الهيكلة وإدارة متأنية للمحافظ لا تزال مستمرة حتى الآن تعويضاً للتحدي الذي تشكله الشركات الصينية الساعية إلى تصنيع مواد وسيطة معقدة بدلاً من مجرد كيماويات أساسية. وقال انطون تكين أحد شركاء فالنسن جروب المؤسسة المتخصصة في تقديم الاستشارات الكيماوية: «أغلبية الشركات في أوروبا توجهت نحو مجالات تخصصية أكثر تركيزاً على التكنولوجيا ومتطلبات العميل حفاظاً على أوضاعها. فعلى سبيل المثال عقدت شركة بي إيه إس إف الألمانية مؤخراً شراكة مع أديداس لتوريد مادة فوم رغوية مخصوصة ذات تكوين جزيئي فريد تساعد حذاء الركض على امتصاص الصدمات. ويقول كيرل بوك رئيس تنفيذي بي ايه اس اف إن شركته التي هي أكبر مصنع مواد كيماوية في العالم من حيث المبيعات ستظل قادرة على المنافسة رغم تطور طفرة الغاز الصخري بسبب أنها تخلت إلى حد كبير عن الكيماويات ذات الأساس الإيثيليني. غير أن منتجي الكيماويات الأوروبيين يدركون أنه من غير الممكن أن يتجاهلوا ما يستجد من تطورات بالولايات المتحدة ويؤكدون جميعاً أنه لابد لأوروبا أن تفعل شيئاً إزاء قدرتها التنافسية في مجال الطاقة وإلا ستذهب الاستثمارات إلى مناطق أخرى. يمكن أن تشكل تكاليف الطاقة أكثر من نصف تكاليف إنتاج شركات الكيماويات. فعلى سبيل المثال يستخدم مصنع مادة الكلورفنيل التابع لشركة انيوس والمتمركز في رنكورن قدراً من الطاقة يساوي كل ما تستهلكه مدينة ليفربول المجاورة. كما قالت تاتا للكيماويات في شهر أكتوبر إنها تعتزم أغلاق مصنع كربونات الصوديوم التجارية في نورثويتش بالمملكة المتحدة مع تسريح 220 عامل بعد أن زادت أسعار الطاقة إلى أكثر من الضعف في السنوات القليلة الماضية. غير أن شركات الكيماويات الأوروبية لا تدع منافسيها الأميركيين تحظى بكل مزايا انخفاض أسعار المواد الخام والطاقة. إذ تنشغل بي اي اس اف في تعديل مصنع نافتا في بوت آرثر ليعمل على الإيثيلين. كما تعتزم ليند شركة الغازات الصناعية الألمانية استثمار 200 مليار دولار في موقع بتكساس لإنشاء أكبر مجمع تصنيع غاز طبيعي تركيبي في العالم كمادة وسيطة. كذلك لم يحن الوقت بعد للحكم على مدى جدوى التوسع البالغ لإنتاج الكيماويات بالولايات المتحدة في الأجل الطويل. إذ قال الخبير هودجز: «نظرتي إلى صناعة الكيماويات الأوروبية ليست بالغة التشاؤم لأني لا أعتقد أن هناك سبباً أساسياً معقولاً للفارق الكبير بين أسعار الغاز الطبيعي وأسعار النفط الخام». وأضاف هودجز: «تضيف الولايات المتحدة 10 ملايين طن من سعة الإيثيلين الموجه للتصدير ولكن لمن ستصدره؟ أعتقد أن الأمر محكوم عليه بالفشل بالنظر إلى عدم وجود سوق محتملة لتلك الكميات». عن: فايننشيال تايمز ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©