الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموصل.. همزة الوصل بين العرب والعجم

الموصل.. همزة الوصل بين العرب والعجم
27 ديسمبر 2013 21:16
القاهرة (الاتحاد) - الموصل منذ نشأتها الأولى نقطة اتصال استراتيجي عصية على التجاهل أو الذبول فهي بالجغرافيا الطبيعية تصل بين ضفتي نهر الدجلة عند نشأتها، وبالجغرافيا البشرية تصل بين العرب في العراق والعرب في الشام، ثم هي وبجدارة نقطة التلاقي بين العرب وبين العجم من الأتراك والأكراد، بل وبين العرب النصارى والمسلمين، ولا عجب بعد ذلك أن تكتسب عن جدارة اسمها الأخير الموصل، والذي طالما عبر عن نفسه بالتقاليد الفنية المميزة التي تفردت بها الموصل في منتجاتها من المخطوطات المصورة والمعادن بل والخزف أيضا. عرفت المدينة قديما باسم نينوى التي كانت حاضرة مزدهرة في عهد الأكاديين قبل أن يغلب عليها الاسم العربي، الذي يعكس غلبة العناصر العربية التي تنتمي لخمس قبائل كبيرة هي شمر والجبور والدليم وطيء والبقارة. وتعرف المدينة بين سكانها من العرب والأكراد والتركمان بعدة أسماء إلى جانب اسمها العربي، فهي تعرف بأم الربيعين لاعتدال الطقس بها في فصلي الربيع والخريف، كما تعرف بالحدباء نسبة للمئذنة الحدباء الخاصة بالجامع النوري الذي شيده الأتابك نور الدين محمود زنكي أو لاحتداب نهر دجلة لدى مروره بها. ولعبت الموصل أدواراً مهمة في تاريخ العمارة والفنون الإسلامية، خاصة مع تقلب الأسر الحاكمة عليها من العرب مثل الحمدانيين أو الأتراك والأكراد، ويعزى استقرار الأمور بها لجهود الأتابكة الكبار، وهم قادة عسكريون كانوا يدينون بالولاء لبقايا السلاجقة، وأهمهم عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود الذي شيد عدة مبان مهمة بالمدينة، أهمها الجامع النوري الذي تميل مئذنته الأسطوانية بشكل لافت حتى صارت تعرف باسم الحدباء. وبعد فترة من سيطرة الأيوبيين على حكام المدينة ظهر على مسرح الأحداث مجاهد الدين قيمز الذي حكمها بشكل مستقل، وخلفه ابنه بدر الدين لؤلؤ الذي رعى في بلاطه الفنون، وظهرت صورته وهو جالس على عرشه في مخطوطة من كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني. وعلى الرغم من استسلام المدينة بلا قتال لهولاكو؛ فإنها لم تسلم من نهب المغول لها الأمر الذي دفع صناع المعادن بالمدينة إلى الهجرة خارجها باتجاه أراضي الدولة المملوكية في كل من الشام ومصر، حيث نشروا أسلوبهم المميز في إنتاج الأواني والأدوات المعدنية المكفتة بالفضة والذهب، وهي تقنية ينظر إليها كابتكار موصلي بالدرجة الأولى. والشهرة الفنية للمدينة في عالم العصور الوسطى لا تعود لصنعة التكفيت، بقدر ما تعود لانتشار الأقمشة الحريرية الرقيقة التي عرفت باسم الموسيلين نسبة للموصل. وتزخر المتاحف العالمية بمنتجات من التحف المعدنية يحمل بعضها توقيعات لصناع عملوا بدمشق والقاهرة ألحقوا بأسمائهم صفة الموصلي، ويؤكد علماء الفنون الإسلامية أن بعض هؤلاء جاء من الموصل بالفعل، والبعض الآخر انتحل هذه الصفة ليمنح بضاعته سمعة من الجودة والجمال الفني، التي اشتهرت بها منتجات الموصل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©