الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تغرق إيران في بحر النووي؟

هل تغرق إيران في بحر النووي؟
29 يونيو 2007 00:26
بدأ المشروع النووي الإيراني في عهد الشاه محمد رضا بهلوي آخر حكام الأسرة الشاهنشاهية في إيران بدعم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا، فقد كانت تلك الدول تنظر إلى شاه إيران آنذاك باعتباره رجل الغرب في المنطقة، والرجل القادر على تنفيذ ما تريده الولايات المتحدة والغرب من سياسات دونما الحاجة إلى تجييش الجيوش، وإرسال البوارج وحاملات الطائرات كما هو الحاصل الآن· الدور الغربي لم يكن الغرب يمانع في امتلاك إيران للطاقة النووية وتطوير برنامجها النووي، وذلك طالما ظلت إيران حليفة للغرب ولا تعارض الأطماع الغربية في منطقة الخليج المكتظة بالنفط، ولكن ما أن تعارضت المصالح الإيرانية مع المطامح الغربية في المنطقة بعد حدوث الثورة في إيران عام ،1979 حتى ظهرت الأصوات في أميركا وأوروبا تحذر من خطورة البرنامج النووي الإيراني على المصالح الغربية، وكذلك خطورة إيران النووية عسكرياً على دول الجوار، وكأن الغرب لم يكن يعلم أي شيء عن البرنامج النووي الإيراني قبل ذلك··· بالرغم أن الولايات المتحدة هي أول من زودت إيران بمفاعل نووي عام ،1968 وهي التي ضمنت خضوع البرنامج النووي الإيراني للمراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أن فرنسا هي الأخرى وقعت في عام 1974 مع إيران اتفاقية تعاون نووي أصبحت إيران بمقتضاها شريكاً مع فرنسا في برنامج متخصص في عمليات تركيز اليورانيوم، وفي عام 1976 تعاقدت شركة ''سيمنز'' الألمانية على إنشاء مفاعلين نوويين بمدينة بوشهر جنوب إيران· وهكذا قام المشروع النووي الإيراني على أكتاف الغرب وبدعم لا محدود وقوي من الولايات المتحدة وحلفائها· غير أنه وبعد قيام ثورة الخميني واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، شهد البرنامج النووي الإيراني مراحل عسيرة وصعبة وتقهقرت الأمور كثيراً نتيجة تعرض الكثير من المنشآت النووية الإيرانية للقصف على يد القوات العراقية، وتوقف الدول الغربية عن تقديم المعونة الفنية والتكنولوجية النووية لإيران، وبعد أن وضعت حرب الخليج الأولى أوزارها وانشغل العراق وشغل معه العالم في حرب الخليج الثانية، ثم الحصار الذي تم فرضه على العراق، وحتى قيام القوات الأميركية باحتلال العراق عام ·2003 الدوافع الإيرانية في خضم هذا الانشغال الأميركي والعالمي بالعراق، عملت إيران على استعادة نشاطها النووي وتطوير برامجها النووية وعملت على استيراد التكنولوجيا النووية من بلدان عديدة مثل(كوريا الجنوبية - الصين- روسيا- باكستان) وخطت إيران في ذلك خطوات واسعة إلى أن انتهى الأمر بإعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن انضمام إيران للنادي الدولي النووي بعدما أصبحت قادرة على تخصيب اليورانيوم، وهو ما يعني عملياً أن إيران أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تصنيع السلاح النووي· إذ ذكر خبراء عديدون أن إيران تحتاج إلى ما لا يزيد عن عامين فقط كي تكون قادرة على امتلاك رؤوس نووية· مع هذا الجدل الدائر حول حقيقة المشروع النووي الإيراني، وهل هو مجرد برنامج يهدف إلى استخدام سلمي للطاقة النووية كما يقول حكام إيران، أو أن هناك مشروعا إيرانيا طموحا يهدف لامتلاك السلاح النووي، مما يعطيها مكانة غير مسبوقة في منطقة الخليج بصفة خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة كما يقول الغرب ··· ماهي الدوافع وراء سعي إيران لامتلاك التكنولوجيا النووية؟ يرى حكام إيران أن امتلاكها للقدرات النووية، يعزز مكانتها في مواجهة التهديدات الأميركية المستمرة لها منذ قيام الثورة في إيران، وكذلك في مواجهة إسرائيل التي تمتلك مابين 150 إلى 200 رأس نووي، وكلا من الدولتين( أميركا وإسرائيل) تناصبان إيران العداء، فالرئيس الإيراني لا يكف عن التصريحات الملتهبة التي تدعو لمحو إسرائيل من الوجود، وأمريكا هي الشيطان الأكبر الذي ينبغي الحذر منه كما يقول الإيرانيون· صانعو القرار الإيراني يرون أن البترول والغاز كمصادر للطاقة، مصيرهما إلى النفاذ مهما بلغ حجم الاحتياطي الذي تملكه إيران، ولذا ينبغي التحسب لهذا الأمر من خلال الاعتماد على طاقة بديلة (الطاقة النووية)، مما يساعد على إطالة زمن وجود البترول والغاز في إيران، وهو ما يغنيها عن أي أزمات مستقبلية متوقعة بخصوص الطاقة· فحكام إيران منذ عهد الشاه وإلى الآن يرون أن البترول أغلى من أن يُهدر في مجرد توليد كهرباء أو ما شابه من استخدامات الطاقة المختلفة، فهم يعتبرونه سلاحا بالغ القوة وينبغي استخدامه بشكل جيد للحصول على مكتسبات عديدة سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي (حرب أكتوبر أثبتت الأهمية الفعالة لسلاح البترول في التأثير على مواقف الدول الغربية أثناء الحرب)· سباق التسلح النووي على الجانب الآخر، هناك تخوفات من النوايا النووية الإيرانية ترجع إلى ما يلي: إن دعاوى إيران بشأن استخدام الطاقة النووية استخداماً سلمياً، هي دعاوى غير مقبولة وغير مقنعة لأن المفاعلات النووية الإيرانية تكلف إيران مليارات الدولارات رغم عدم جدواها اقتصاديا، لأن إيران غنية بالنفط والغاز، فهي ليست بحاجة للطاقة النووية· إيران بنت مفاعلاتها النووية في الجنوب، بينما توجد منشآتها الصناعية في الشمال، وهو ما يعني عدم الاستفادة الفعلية من المفاعلات في المجال السلمي· إيران بنت العديد من المنشآت السرية النووية، وتلك السرية تتعارض مع النوايا السلمية· في عام 2002 أعلنت المخابرات الأمريكية عن وجود منشأتين نوويتين في إيران، الأولى لتخصيب اليورانيوم في مدينة ''نطنز''، والثانية لإنتاج الماء الثقيل في مدينة أراك، وهذه المنشآت تساعد إيران على التوصل لتصنيع السلاح النووي دون الاستعانة بالخارج· في الرابع والعشرين من ديسمبر 2005 أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً يدين الأنشطة النووية الإيرانية ويعلن عدم احترام إيران لالتزاماتها في أطار معاهدة حظر الانتشار النووي· تتخوف الولايات المتحدة ومعها العديد من القوى ذات التأثير في الشأن العالمي من أن امتلاك إيران للسلاح النووي، سوف يؤدي إلى انزلاق منطقة الشرق الأوسط لسباق تسلح نووي، لأن العديد من القوى الإقليمية هناك لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء امتلاك إيران للسلاح النووي، وستسعى هي الأخرى بدورها لامتلاك ذات السلاح لتحقيق نوع من توازن القوى مع كل من إسرائيل التي تتمتع بالفعل بتفوق استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ومع إيران التي تسعى لتعزيز مكانتها الإقليمية على حساب الدول المحيطة بها· كثافة الوجود العسكري الأميركي بعد هذا العرض السريع لدوافع إيران لامتلاك التكنولوجيا النووية، وكذا التخوفات من النوايا النووية الإيرانية، ماذا عن الموقف الملتهب الآن في منطقة الخليج والذي تلوح منه بوادر حرب كارثية لا تبقي ولا تذر؟! نحن نجد أن هناك وجودا عسكريا كثيفا ومتزايدا للولايات المتحدة في منطقة الخليج، ففضلاً عن عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين الموجودين في العراق وأفغانستان المتاخمتين لإيران، قرر الرئيس الأمريكي في ديسمبر 2006 مضاعفة الوجود العسكري الأميركي في الخليج، وهناك بالفعل العديد من حاملات الطائرات الأمريكية الموجودة في المنطقة أوالتي أرسلتها أميركا في الأشهر الأخيرة إلى هناك، ومن المعروف أن كل حاملة طائرات ترافقها مجموعة من المدمرات والطرادات والسفن وقاذفات الصواريخ· الهدف·· تأمين هذه التحركات العسكرية الأميركية والتواجد العسكري الكثيف في المنطقة يشيران إلى تخطيط الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكري كبير ضد إيران من أجل تقليص نفوذها في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وإن كان بعض المسؤولين الأميركيين يرون أن زيادة القوات الأمريكية في الخليج يساعد على تحقيق استراتيجية الولايات المتحدة الرامية إلى تأمين موانئ البترول والإبقاء على الطرق البحرية مفتوحة أمام صادرات البترول والتجارة العالمية، خاصة بعد المناورات العسكرية التي أجرتها إيران في نوفمبر 2006 واستعراض قوتها العسكرية في رسالة تحمل في طياتها إنذاراً بالتحكم في مضيق هرمز وخنق تجارة البترول عالمياً إذا ما اندلعت أي مواجهات عسكرية بين أميركا وإيران· خطورة الخيار العسكري يرى هؤلاء المسؤولون أن تكثيف الوجود العسكري الأميركي قد يدفع إيران إلى التفاوض وحل مشكلاتها مع الولايات المتحدة، التي تأمل أن تكسب بالضغط والتهديد باستخدام القوة ما قد لا تكسبه بالحرب، خاصة أن أي عمل عسكري ضد إيران هو عملية خطيرة وليست مأمونة العواقب، نظراً لما يلي: 1- طهران تملك من القوة العسكرية والبشرية والتكنولوجية ما تستطيع من خلاله إلحاق أضرار خطيرة ومؤثرة في من يفكر في مهاجمتها· 2- العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية قد يكون غير ذي جدوى، لأن هذه المنشآت قد تكون غير معروفة بالكامل، وحتى إن كانت معروفة، فربما لا تتمكن الولايات المتحدة من تدميرها تدميراً كاملاً، بحيث تستطيع إيران إعادة تأهيل هذه المنشآت· 3- أميركا لم تستطع السيطرة على العراق وهو بدون جيش، فماذا يكون الحال مع إيران التي تتحسب منذ قيام ثورة الخوميني لاصطدام متوقع مع أميركا، وتعمل على امتلاك القوة اللازمة للدفاع عن نفسها في حالة حدوث هجوم أميركي عليها· أخيراً وفي ظل الوجود العسكري الأميركي المتعاظم، والرغبة الأميركية في عدم وجود إيران نووية في المنطقة، وفي ذات الوقت تشدد إيران وتمسكها بحقها في امتلاك القدرات النووية، فإن الوضع في الخليج شديد التوتر وهناك تخوف من أن يؤدي أي خطأ غير محسوب يصدر عن أيً من الطرفين إلى اندلاع حرب لا تحمد عقباها، تكون ذات نتائج كارثية، ليست على الشرق الأوسط فقط، بل إن آثارها قد تمتد إلى العالم بأسره·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©