الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانسحاب من العراق··· واستراتيجيات الخروج إلى الجحيم

الانسحاب من العراق··· واستراتيجيات الخروج إلى الجحيم
27 يونيو 2007 23:58
الانسحاب من العراق لايزال أخطر من البقاء فيه كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن يوست'' يبدو أن التاريخ استقر على بعض الانتقادات بشأن الطريقة التي أديرت بها الحرب في العراق أثناء بدايتها الأولى· فقد قيل، نظرياً على الأقل، إن أميركا قادرة على تحرير العراق ثم مغادرته، فتم خفض عدد القوات قبل أوانه، وتم نقل المسؤولية الأمنية إلى العراقيين قبل أن يكونوا مستعدين لذلك، كما أن التخطيط للتحديات المستقبلية كان غير واقعي· أما تحقيق ''الانتصار في العراق'' كما أخبرني أحد المسؤولين في سلطة التحالف المؤقتة بعد مرور سنوات على ذلك، ''فإنه كان يعني الإطاحة بالنظام، ولم يعتبر أحد أن الانتصار يعني إقامة بلد قادر على الاستمرار بعد ستة أشهر على الغزو''· واليوم يطلع علينا ''الديمقراطيون''، الذين يتنافسون على الفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية، بخطط جديدة حول العراق وصلوا إليها بعد تفكير طويل· فهم يريدون خفض عدد القوات الأميركية قبل الأوان، وتسليم المسؤوليات إلى العراقيين قبل أن يجهزوا لذلك، ولا يطرحون أية خطط للتعامل مع حالة الفوضى التي قد تندلع بعد انقضاء ستة أشهر على الانسحاب· وهكذا يبدو أن ''الديمقراطيين'' اختاروا في المحصلة النهائية استنساخ ذات الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس بوش· فقد تحول نقاش ''الديمقراطيين'' حول العراق إلى سباق محتدم لبلورة استراتيجيات الخروج· وفي هذا الإطار تشير ''هيلاري كلينتون'' إلى ''خطة من ثلاث خطوات لإرجاع القوات إلى الوطن بدءاً من الآن''، ويتعهد السيناتور ''باراك أوباما'' بسحب ''جميع القوات بحلول 31 من شهر مارس من السنة المقبلة''· ومن ناحيته يرغب السيناتور السابق ''جون إدواردز'' في تحديد ''جدول زمني للانسحاب'' يضمن بقاء ''بعض الحضور العسكري لحراسة السفارة الأميركية في بغداد''· ومع أن لا أحد يستطيع التنبؤ على وجه الدقة بتداعيات انسحاب متعجل من العراق، إلا أن العلامات لا تبشر بالخير· فحسب رأي الخبراء مثل ''جريد كاجان'' من ''معهد أميركان إنتربرايز'' من شأن انسحاب شامل للقوات الأميركية أن يؤدي إلى تطهير عرقي واسع لن يترك سنيا واحدا في بغداد، كما يتوقع مقتل مئات الآلاف من العراقيين· ومن غير المستبعد أن يتملك القوى المجاورة إغراء التدخل لصالح الأطراف العراقية المتصارعة، ما يهدد بتصاعد وتيرة الحرب الأهلية وتحولها إلى صراع إقليمي· ''وحتى إذا ما بقيت الحرب على مستوى القوى العراقية الداخلية ومورست بالوكالة'' كما يقول ''كين بولاك'' من ''معهد بروكينز'' إلا أن ''حروب الوكالة قد تكون مدمرة بالنسبة للبلدان المجاورة للعراق''· ويُضاف إلى ذلك أن انزلاق العراق إلى حالة من انعدام القانون سيمكن الإرهابيين من إقامة إماراتهم المستقلة، فحسب تقرير ''الاستخبارات الوطنية'' الصادر خلال شهر يناير الماضي ''ستسعى القاعدة إلى استخدام أجزاء من الأراضي العراقية، لا سيما محافظة الأنبار للتخطيط لهجمات داخل العراق وخارجه''· وعندما يواجه المرشحون ''الديمقراطيون'' بهذه التداعيات الخطيرة لانسحاب مبكر من العراق، فإنهم يردون كما يرد السيناتور الديمقراطي السابق ''جون إدوارد'': ''إن سحب قواتنا من العراق، لا يعني أن نغادر المنطقة''· ويرى أصحاب هذا الرأي أن أميركا قادرة على حماية مصالحها الحيوية من مسافة آمنة في الكويت، لكن ما مدى فاعلية حربنا على الشبكات الإرهابية الباكستانية ونحن بعيدين؟ وما مدى فاعلية الحد من ارتكاب المجازر في السودان ونحن نتفرج عن بعد؟ والحقيقة أن ما يسوقه ''الديمقراطيون'' هو تهرب من تحمل المسؤولية أكثر منه حجة مقنعة· وهناك بعض خبراء السياسة الخارجية من الحزب ''الديمقراطي'' من يسعى إلى التقليل من مواقف مرشحيهم باعتبارها موجهة للاستهلاك المحلي، لكنهم فقط يبرهنون مرة أخرى على عدم مصداقيتهم أمام الرأي العام الأميركي· فحسب هذا الرأي سيعلن الرئيس ''الديمقراطي'' بسهولة أمام الشعب الأميركي أن ''الظروف هي أسوأ مما كان يخشى'' وسيسارع إلى تبني خطة تدريجية وأكثر مسؤولية· بيد أن مشكلة أخرى تبرز جراء هذه المقاربة تتمثل في تغذية الميول الانعزالية الطبيعية الموجودة في أميركا· فمع أنه لا توجد دولة تريد إرسال أبنائها للقتال في صحراء بعيدة، إلا أن ذلك قد يولد حالة من عدم المسؤولية تخرج عن نطاق السيطرة· ففي عام 1974 قطع الكونجرس تمويله لكمبوديا وجنوب فيتنام ما أدى إلى سقوط سريع لحلفائنا، وهو ما يشير إليه ''هنري كيسنجر'' في مذكراته من خلال قصة رئيس الوزراء الكمبودي السابق ''سيريك ماتاك'' الذي رفض ترك بلاده· ''أشكرك جزيل الشكر'' كتب مخاطباً ''كيسنجر'' على اقتراحك بنقلي إلى الحرية، لكني لا أستطيع مع الأسف ترك بلدي بهذه الطريقة الجبانة· أما فيما يتعلق بك وببلدك العظيم، فإنه لم يتبادر إلى ذهني قط أنكم ستتخلون عن شعب اختار الحرية· لقد رفضتم حمايتنا ولا نستطيع فعل شيء إزاء ذلك، وكل ما أتمناه أن تعيش بلادكم حياة ملؤها السعادة· وعليكم أن تتذكروا شيئاً واحداً أنه إذا كتب عليَّ الموت هنا، فإنني لا أبالي لأننا نولد ونموت، لكن خطأي الوحيد هو إيماني بكم أيها الأميركيون''· وفي الأخير بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الهند الصينية لقي ما بين مليون ومليوني شخص حتفهم على يد ''الخمير الحمر''، أما رئيس الوزراء ''ماتاك'' فقد أصيب بطلق ناري في معدته ومات بعد ثلاثة أيام· لذا فإن السلام الذي تتوق إليه أميركا قد يتسبب في أشباح تلتهم الآخرين· ممايكل مايكل جيرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن يوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©