السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: اتباع الأيسر أرحم بالنفس وأفضل عند الله

العلماء: اتباع الأيسر أرحم بالنفس وأفضل عند الله
26 ديسمبر 2013 21:20
أحمد مراد (القاهرة) - الإسلام الحنيف دين يسر وسماحة، جاء بمنهج شامل في التيسير على المسلمين في كافة العبادات والمعاملات، وفي نفس الوقت يرفض رفضا تاما التعسير على الناس. وأكد علماء الدين أن الإسلام يدعو أتباعه إلى التيسير وعدم التعسير، وإلى الرفق والبعد عن العنف، وإلى التراحم والبعد عن التشدد. كما أنه يقرر لأتباعه أنه دين اليسر لا العسر، مشيرين إلى أن التيسير على البشر يعتبر من أهم مظاهر الرحمة في الإسلام، وقد كثرت أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وأقواله الخاصة على التيسير فيما يتعلق بالأعمال، والمعاملات، والعبادات، فاتباع الأيسر هو الأرحم بالنفس، والأرفق بها، والأفضل عند الله. يقول د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء: الإسلام يدعو أتباعه إلى التيسير وعدم التعسير، وإلى الرفق والبعد عن العنف، وإلى التراحم والبعد عن التشدد. كما أنه يقرر لأتباعه أنه دين اليسر لا العسر، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»، ووضح رب العزة سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنه يريد من خلقه اليسر ولا يريد بهم العسر، فقال جل شأنه: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، وما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وينأى الإسلام بأتباعه عن ظواهر الغلو والتشدد، ويغرس في قلوبهم الرفق والرحمة والتسامح، ومقابلة السيئة بالحسنة، حيث قال الله سبحانه وتعالي: «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم». موصوف بالرفق ورب العزة سبحانه وتعالى، كما يضيف د. عمر هاشم، يحب الرفق، وهو جل شأنه موصوف بالرفق فهو رفيق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق»، وبين صلوات الله وسلامه عليه ثمرة الرفق وأنه يزين كل شيء فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، ووضح أن الذي يحرم الرفق يحرم الخير كله حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير». وقد وصف رب العزة سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفق والرحمة واللين، حيث قال الله تعالي: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». وبذلك يدعو الإسلام إلى الرفق والتيسير والرحمة، وينهى عن التشدد والتزمت حتى في العبادة، فلا تستغرق العبادة في الإسلام مساحة كبيرة من الزمن، وإنما حددها رب العزة سبحانه في مواقيت معينة دون إفراط ولا تفريط، ولا شقة في أدائها ولا حرج «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها». وقال تعالى: «فاتقوا الله ما استطعتم»، وقد أمرنا الله تعالى أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً». وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة، والنبي المعصوم المقتدى به يحث على الوسطية وينهى عن المغالاة والتشدد، قال رب العزة سبحانه: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هلك المتنطعون» وهم المتعمقون الذين يتشددون في غير موضع التشديد. رفعاً للمعاناة والمشقة ويؤكد د. محمد خليفة حسن، الباحث في الشؤون الإسلامية، أن التيسير على البشر من أهم مظاهر الرحمة في الإسلام وقد كثرت أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وأقواله الخاصة على التيسير فيما يتعلق بالأعمال، والمعاملات، والعبادات، فاتباع الأيسر هو الأرحم بالنفس، والأرفق بها، والأفضل عند الله. وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اتباع طرق العسر في العبادات، والمعاملات رفعاً للمعاناة، ودفعاً للمشقة في حياة الإنسان. ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك عن التنفير الذي يؤدي إلى حدوث المشقة والمعاناة. ومن أمثلة ذلك عدم الإطالة في صلاة الجماعة ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليخفف». ويقول: الاعتدال صفة مميزة للإسلام كما يقول أحد الصالحين: «إن أحق الأديان بطول البقاء ما وجدت أحواله متوسطة بين الشدة واللين، ليجد كل من ذوي الطبائع المختلفة ما يصلح حالهم ويستجمع لهم خير الدنيا والآخرة. وكل دين لم يوجد على هذه الصفة بل أسس على مثال يعود بهلاك الحرث والنسل. ويضيف حسن: ومن مظاهر التيسير في العبادات الإسلامية حض الرسول صلى الله عليه وسلم على تخفيف الصلاة مراعاة لأحوال المصلين. عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا. فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس.. إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز. فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة»، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير، والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء»، وهناك عدد من الأحاديث النبوية التي تؤكد أن تخفيف الصلاة لا ينقصها، ومنها عن قتادة عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجز في الصلاة ويتم». وعن أنس بن مالك أنه قال: «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم». التيسير والتخفيف ومن مظاهر التيسير والتخفيف في الصوم النهي عن الوصال في الصوم، والمقصود بالوصال صوم يومين فصاعدا من غير أكل أو شرب بينها، والنهي عنه رحمة وتخفيف، والمفسدة المترتبة على الوصال الملل في العبادة، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها وآدابها وملازمة الأذكار، وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله. ومن أبواب التخفيف والتيسير الأخرى جواز الفطر في شهر رمضان للمسافر، واستحباب الفطر للحاج يوم عرفة لأنه أرفق بالحاج في آداب الوقوف ومهمات المناسك. أما مظاهر التيسير في الحج فمنها أن الإسلام جعل فريضة الحج للمسلم المكلف الحر المستطيع، ولا تجب إلا مرة واحدة في العمر، واستحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس، وجواز التقصير بدلاً من الحلق مع تفضيل الحلق، وجواز الحلق قبل النحر أو النحر قبل الرمي، ومنه سقوط طواف الوداع عن المرأة الحائض ولا يلزمها دم بتركه، ومنه أيضا جواز الحج عن العاجز بموت أو هرم، وجواز حج المرأة عن الرجل. دين الوسطية يقول د. يوسف قاسم، الأستاذ بجامعة الأزهر: الفقه الإسلامي عند أهل العلم يقوم على التيسير، والشريعة الإسلامية قائمة على اليسر ورفع الحرج، «وما جعل عليكم في الدين من حرج»، وللأسف عندما يتحدث العلماء عن الوسطية في الإسلام يظن المتشددون أن في هذا نوعاً من التفريط أو التساهل في حق الدين، وهم على خطأ لأننا ننبذ التفريط قدر نبذنا للتشدد حتى لا تختل الموازين، فالإسلام دين الوسطية واليسر فلا إفراط ولا تقصير، فلا نفرط في أي شيء من ثوابتنا حفاظا على وسطية الدين. وكان للسماحة والتيسير أثر واضح في سرعة انتشار الإسلام ودوام بقائه بين الأمم والشعوب التي اعتنقته، وروى البخاري وغيره أن أعرابياً قام فبال في المسجد، فهُرِع إليه الناس ليقعوا به، فرآهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: «دعوه، لا تزْرِموه ـ لا تقطعوا عليه بوله ـ وهَريقوا على بوله سِجْلاً ـ دلواً ـ من ماء، فإنما بُعثتم ميسِّرين ولم تُبعَثوا معسِّرين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©