السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة يوسف العلي: الأم والطفل مغيبان عن إبداعات الأدب العربي والخليجي

فاطمة يوسف العلي: الأم والطفل مغيبان عن إبداعات الأدب العربي والخليجي
10 يناير 2009 00:29
ذكرت الأديبة الكويتية والكاتبة د· فاطمة يوسف العلي أن الطفل هو مشروع صناعة للمستقبل داعية كل المجتمعات العربية الى الاهتمام بالطفل وتنمية قدراته والسعي إلى خلق بيئة ثقافية تنموية قادرة على أن تخلق إنساناً واعداً في شخص الطفل الصغير · وأشارت إلى أن المناهج التعليمية في المجتمع العربي تعاني من الجمود، ولفتت إلى أن مناهج التعليم في الكويت بها العديد من الثغرات ودعت إلى ضرورة تغييرها وتعديلها· كما أكدت ضرورة عدم الاعتماد على العمالة المنزلية في تربية الأبناء لما تختلف تلك العمالة في عاداتها وتقاليدها عن مجتمعاتنا العربية والخليجية مما يؤدي الى تنشأة جيل من الأطفال يتحدث بلهجة مخلوطة تختلف تماما عن اللهجة العربية أو الخليجية· وأوضحت د·العلي ضرورة إقامة مشاريع تنموية للطفل كالمجلات التي تعنى بالطفل والبرامج الخاصة بهم، مستذكرة أثناء حديثها برنامج ''افتح يا سمسم'' حيث كان يهدف إلى تعزيز ثقافة اللغة العربية الأم لدى الأطفال· وشددت على أهمية اهتمام الأمهات بأطفالهن وخلق بيئة سوية لهم حتى تنمو شخصياتهم، ويحققوا طموحات الآباء والأمهات في تكوين شخصيات مثقفة· ودعت إلى ضرورة اشراك أدب الطفل في إبداعات الأدب العربي، لما له من دور في نشر ثقافة يستفيد منها الأطفال في قراءاتهم· ''دنيا الاتحاد'' حاورت الأديبة والكاتبة الكويتية د·فاطمة يوسف العلي حول الطفل في المجتمعات العربية وفي المجتمع الكويتي وفيما يلي نص الحوار : ؟ كيف ترين تعامل مجتمعاتنا العربية والمجتمع في الكويت مع الطفل؟ ؟؟ في البداية أحب أن أذكر أحد المواقف التي حصلت معي ذات مرة، والتي ستبين لنا مدى اهتمام المجتمعات الغربية بالطفل ومشاعره وطريقة الحديث معه، فقد كنت في أحد المطارات الأجنبية ورأيت أباً مع طفله ذي العامين من عمره، والذي كان يرغب بشرب الحليب فقبل أن يعطي الأب لطفله الحليب قال له '' دعنا نقوم بعمل مؤتمر عن الحليب'' وبدأ يسرد له أهميته لما يحويه من فيتامينات ومكونات لبناء الجسم بأسلوب غير مباشر شيق ومغر، ووجدت الطفل بعد ذلك السرد يأخذ الحليب من يد والده ويشربه كاملاً· تلك الحادثة تبين لنا أهمية التخاطب مع عقل الطفل وتقدير إنسانيته مهما كان صغيراً في السن· ولا أعني بذلك أننا لدينا عقدة التمثل بالأجنبي وجلد الذات ولكن الطفل كائن حساس ولاقط يستوعب كل شيء · وقد توصل العلماء إلى أن الطفل يشعر في بطن أمه بالموسيقى و بكل شيء وتؤثر عليه حالة الأم النفسية· ؟ ماذا عن برامج الطفل، كيف تقيمينها، وما البيئة التي يحتاجها الطفل حتى يمارس طفولته بالشكل الصحيح؟ ؟؟ أكثر برامج الطفل في يومنا هذا مسطحة وفارغة من المضمون والهدف، ونحن لا نطلق أحكاماً عامة إنما في الغالب نرى ذلك حيث إن آخر مانفكر به أثناء إعداد البرامج وانتقائها هو الطفل، وكيفية تكوينه ونتناسى أنه هو مستقبل الصناعة، وأنه مشروع صناعة للمستقبل، لذلك مع الأسف الشديد حتى العلماء العرب أو الجهابدة أو العقول الاستثنائية تهاجر للخارج لممارسة هذا العقل· أما من حيث البيئة فأولاً يجب أن يكون هنالك تضحية من قبل الأب والأم، وذلك بتأجيل طموحاتهم وأحلامهم من أجل تنمية الطفل لأنه في الفترة الأولى هو المحك، حتى نخلق منه إنساناً واعداً وبالتالي تتحقق أمنية كل أب و أم، ليكون أبناؤهم أشخاصاً مثقفين أو حرفيين مميزين، وأنا أرى أن الطفل مسؤولية كبيرة ويجب الاهتمام به منذ وجوده في رحم أمه · ؟ ما الفرق بين تعامل المجتمعات العربية والغربية مع عقلية الطفل؟ ؟؟ هناك فارق كبير بين التعامل مع عقل الطفل العربي والأجنبي، فحتى عند شراء الحذاء نجد الوالدين يشركان الطفل ليختار، أما في بعض مجتماعتنا العربية يتم فرض الشيء على الطفل وهذا أمر خاطئ، فيجب فتح آفاق كل شيء للطفل من عدة جوانب حتى من حيث الهوايات، فعندما تتبلور تلك الهواية في شخصيته وتكوينه يجب ان يعطى الحرية في اختيار نوع الهواية من السباحة أو الكرة أو المبارزة، وحتى نتقصى ونعرف هواياته يجب أن نعطيه أوراقاً و ألواناً و نمنحه أداة من أدوات الموسيقى، ومن ثم هو يترك بعض الألعاب ويتمسك ببعضها ويصبح لديه هدف معين · ؟ بصفتك أديبة وكاتبة كيف ترين مشروع الكتابة للطفل في مجتمعاتنا العربية وفي الكويت ؟ وما مدى تأثير ذلك على الطفل وشخصيته؟ ؟؟ عند الحديث عن الكتابة للطفل نسترجع مشروع ''هاري بوتر'' الذي در الملايين على المؤلفة، وكيف استطاعت أن تخلق جيلاً من الأطفال النابهين لقراءة هذا المشروع· نحن أيضا عملنا في فترة مشروع ''افتح يا سمسم'' وكان مدخلاً للطفل لتعلم لغته الأم · فنتائج كل مرحلة وكل حقبة و إفرازاتها وتداعياتها وما يطرح من ثقافة فيها، هي التي تعطي المكتسبات للطفل سواء في أن يتعلم ما هو جديد وثقافي أو أن لا يجد شيئاً فيكون ضحية ·وأرى أن المجتمعات الواعية والتي تملك ثقافة اجتماعية ووعيا، هي التي استطاعت ان تخلق علاقة وطيدة وجميلة ومنتوجا عقليا من خلال ارتباط الطفل بوسائل تكنولوجية جديدة، كالإنترنت والكمبيوتر وكل مفردات التكنولوجيا، واستفدنا من ذلك ولكن أيضا خسرنا الكثير، عندما تركنا الأطفال يستفردون بهذه الآله فأعطى نتائج سلبية، وعندما كبروا انحرفوا عن الخط المستقيم، فبقدر ما نجد شباباً واعدين هناك شباب بلا رؤية وفارغون وبلا أفكار · ؟ ماذا عن مناهج التعليم وأثرها على الطفل ؟ وهل ترين أن مناهج التعليم في الكويت جيدة للطفل؟ ؟؟ عملية المناهج قضية هامة جداً، فمناهجنا العربية بشكل عام لازالت تشكو من الجمود والانغلاق، فمجالات الحرية والفهم والثقافة فيها ضعيفة، وأمضينا سنوات ونحن نتحدث عن منهج الكمبيوتر وأهمية ادخاله ضمن التعليم، بحيث نستبدل الحقيبة الدراسية الثقيلة بالكمبيوتر الخفيف، والذي سيتضمن بالطبع المنهج الدراسي والواجبات، بحيث يتيح هذا المنهج الحضاري للأطفال اكمال عمل اليوم الدراسي ·أما مناهجنا في الكويت بشكل خاص أرى أن بها الكثير من العراقيل والتأخر، ولقد كنت عضوة في لجنة المناهج للمرحلة الابتدائية وأنجزنا كتباً متقدمة لتلك المرحلة، لكن للأسف نامت تلك الكتب في المخازن وتم مناقشة هذه القضية في مجلس الأمة، وتحوي تلك الكتب رؤية حديثة ومستبقة ممن سبقونا في برامج عالمية حيث استفدنا من مناهج مختلفة، ولكن بعدما صرفنا عشرات الآلاف من الدنانير على الكتب وتركنا التزاماتنا لمدة عامين على حساب مصالحنا وقمنا بإنشاء هذه الكتب، أصبحت الآن تأكلها الديدان والصراصير وأصبح الطفل والمواطن هما اللذان يدفعان الثمن · ؟ ذكرت أن مناهج التعليم في الكويت تعاني من بعض التأخر ··باعتقادك كيف يعالج المواطن الكويتي هذا الأمر لتقديم تعليم أفضل لأبنائه؟ ؟؟ من خلال توجه بعض المواطنين لإدخال أبنائهم مدارس خاصة أو مدارس في الخارج، أيضا لتكوين الطفل علمياً بشكل أفضل حتى يصل الى شيء متقدم من حيث بنائه الداخلي ومن حيث حصوله على العلم والثقافة والمعرفة وحضور الشخصية وصحة البدن والنفس بحيث لا يكون فارغاً أو زيادة عدد، بل يضيف شيئاً بالمكان الذي هو فيه ويكون له وجود وحس· ؟ ماذا عن ظاهرة الاعتماد على العمالة المنزلية في تربية الأبناء ؟ ؟؟ هذه الظاهرة عربية خليجية وتثير الاستغراب، فلقد أصبح لدينا أجيال لهجتهم مختلطة، فيها مفردات آسيوية غير عربية أو خليجية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنانية بعض الأمهات اللاتي فضلن اهتمامهن بأنفسهن أكثر من اهتمامهن بأطفالهن، وأصبح بعض الأمهات تلجأ للتجميل والمصحات والنوادي ويتركن أولادهن تحت أيدي العمالة المنزلية التي لديها من العادات والتقاليد ما هو مختلف عنا تماما، وبالتالي يتلقى الطفل تلك العادات وذلك السلوك من الخادمة، وذلك لبقائه معها لمدة طويلة من الزمن ·ونحن نعلم أن الأمومة ليست مجرد عطاء وإنما أخذ وعطاء، ولكن يفترض أن تهتم الأم بمرحلة تأسيس الطفل حتى يصل إلى مرحلة الاعتماد على النفس حتى ينشأ جيل واع وصالح لمجتمعه· ؟ وقعت الكويت على العديد من الاتفاقيات العالمية في مجال حقوق الطفل والإنسان بشكل عام ··كيف ترين واقع تطبيق تلك الاتفاقيات في المجتمع الكويتي؟ ؟؟ مجتمع الكويت ليس بالمدينة الفاضلة ولو قسنا حاله على مجتمعات أخرى فيعد مجتمع الكويت أفضل من كثير من المجتمعات، فليس لدينا معتقلات ولا انتهاكات ولا ممارسات فردية شاذة تمارس سطوتها وهذا موجود في بعض المجتمعات، ولكن طبقا للقوانين أخذنا على سبيل المثال اتفاقية ''سيداو'' وهي مقاومة لكل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة ولكن أخذنا منها البنود التي تتفق مع كل معتقداتنا وتناسبها، فلا نستطيع أن ننسلخ من جلدنا حتى نجامل ··فلدينا عادات وقيم يجب احترامها وأنا أرى أننا في مجتمع الكويت بخير فيما يخص حقوق الإنسان إلا ما ندر من بعض الحالات وهي موجودة في كل المجتمعات، نتمنى لقضايا كثيرة أن تفرج خاصة على صعيد قضايا المطلقات والأرامل والارتفاع بثقافة المجتمع ووعيه، فلقد طرأ على المجتمع الكثير من الفلسفة والتغيير، ففي مرحلة الستينات والسبعينات كان هناك التزام بالقيم الإنسانية اكثر و التوادد والسلام، ودخلت الآن علينا مفردة الخوف وهي شاذة· يجب أن نبحث عن أسبابها وندرسها حيث أصبح هناك نوع من العزلة بين الناس وشرائح المجتمع وهناك مجموعة بشعة تؤكد الطبقية وتفصل المجتمع من فئة نخبة ومتوسطة ومتواضعة، وهذا خطير في زمن العولمة والانفتاح على العالم، فيجب محاربة الطبقية بكل الوسائل ونكشف الجماعات او الفئات التي تروج لها، ونحن في عصر قضية العانس والمطلقات والأرامل ولابد أن نبني مشاريع ودراسات ونؤهل مراكز الأبحاث، وأن نوعي المجتمع بأن المطلقة والعانس والأرملة حالات سوية وهذه طبيعة الحياة أن لا تكون أحيانا الزيجات ناجحة، فتوفير وخلق ظروف لتعيش هذه الفئات بشكل سوي ضروري جدا، بحيث لا تكون منبوذة أو خارج السياق الاجتماعي ··فأنا أرى أن المنظور الاجتماعي متخلف عندما تُخرج تلك الفئات من إطار المجتمع· ؟ ما أثر الطلاق على الطفل ؟ ؟؟ من المؤكد أنه عندما تكون الأسرة مكتملة الأطراف والأعمده سيشعر الطفل بالدفء والوئام والسلام والتفاهم بين أفراد الأسرة، وهذا هو الجو الأكثر طبيعية للطفل وبالتالي أي مؤسسة ناقصة الأطراف أو تفتقد لعمود ما مؤكد سيؤثر على الطفل ونموه وتكوينه وعقليته وأمانه الاجتماعي، لكن دور الأب والأم كبير في انتشال الطفل من الهشاشة النفسية أو الخلل النفسي، فنحن لا نستطيع أن نخلق مجتمعات مكتملة المؤسسات الأسرية· صحيح أن ذلك الفراق الأسري له تأثير ولكن اشغال الطفل بالتعليم والهوايات وتربيته وتوعيته، يحقق له جزء من الأمان في قضية المؤسسة الفاقدة لعناصرها الكاملة في حالات الطلاق أو اليتم · ؟ كونك أديبة وكاتبة ··هل ترين أن الأدب العربي يهتم بالطفل والمرأه من حيث الكتابات والروايات؟ ؟؟ في الأدب العربي و الأدب في الخليج الأم غائبة إلى حد كبير في الإبداع العربي، أكثر روايتنا و قصصنا حول المجتمع وعلاقات الحب أو حركات مختلفة الأنواع ومنها الحراك الاجتماعي السياسي والثقافي والتاريخي، لكن الأم والطفل على وجه الخصوص مغيبان كثيرا عن الإبداع العربي بما فيه الابداع في الخليج، ولقد لمست ذلك فكتبت روايتي الأولى ''وجوه في الزحام'' والتي صدرت عام 1971 م، وهي أول رواية نسوية في الكويت وقصدت أن يكون الموضوع الأساسي فيها هي الأم المرأة، وكانت والدتي هي التي رأيتها في الرواية، حيث كانت أمية لم تتوفر لها فرص التعليم الإلزامي فذهبت لمحو الأمية حتى تعرف الكتابة والقراءة ··فالأم لها دور كبير في الحياة وهذه حقيقة، ولابد من استخدامها في ابداعنا وأدبنا حتى في المجاميع القصصية، ولقد شدت المجتمع الغربي مجموعتي القصصية ''تاء مربوطة'' وتبدأ بقصة بعنوان الموزة وهي تعني الأم، واستغربت أن جامعة عالمية في قسم اللغات الشرقية مثل جامعة سيدني تقررالمجموعة على الطلبة، واستدعوني لإلقاء محاضرة وناقشوني الطلبة فيها ولقد وجدت أن الاهتمام في الأم له مردود عند النقاد وأساتذة الأدب، وحتى نحن عندما نرجع لروايات الأدب الروسي والروايات العظيمة التي لم تتكرر وتركت بصمة قوية في الإبداع العالمي، نجدها قد اهتمت بالأم في الاعمال الروائية والأدبية·· ولقد حاولت دون تخطيط أن أترك أثراً في كتاباتي حول المرأه في شخص الأم، وليس فقط المرأه كأنثى، بل الأم التي هي أساس تكوين المجتمعات، واعتقد انني توفقت فعلى العدد القليل الذي انتجته الا انه كانت هناك ردود طيبة في الغرب والشرق· ؟ كلمة أخيره ولمن توجهيها؟ ؟؟ أتمنى أن نحاول تعويض الطفل العربي أو الكويتي مما فاته من مشاريع مستقبلية أخرى، وما لم نستطع تحقيقه في أبنائنا من الضروري أن نحققه في أحفادنا،وضروري تفعيل دور الحديقة العامة بين كل منطقة ومنطقة لأنها مصدر تفريغ وتسلية للطفل ونكون أكثر أمانه في تجهيز مكتبات له ونحقق مشاريع كتابية له·على سبيل المثال مجلة العربي قد خصصت ملحقاً للطفل بمنتهى الروعة، والكاتبة كافية رمضان قامت بإصدار مجلة للطفل ولقد انتشرت على المستوى العربي، لكن اتمنى وجود مشاريع مشابهة أكثر كأن مثلاً تكون هنالك وزارة للطفل تقوم عليها مجموعة من الباحثين والمتخصصين في مجال الطفل، وبعض الجهود تحتاج الى رؤوس أموال واهتمام الروابط الأدبية بها والجمعيات الثقافية واهتمام الأعضاء والأطفال لتنميتهم · نحن بحاجة الى مشاريع لبناء الطفل لأنه مشروع مستقبل الأسرة، حتى نخلق أسراً ناجحة، تستطيع ان تتحدى العواصف ورياح التغيير والتحديات والاحباطات والحروب الخارجية والداخلية، وأن تتصدى للنوازع الشريرة في النفوس البشرية وللأشرار ومشاكل الضعف الإنساني·
المصدر: الكويت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©