الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

400 ألف قطعة نادرة في متحف بيناكي بأثينا

400 ألف قطعة نادرة في متحف بيناكي بأثينا
15 ديسمبر 2012
في وسط العاصمة اليونانية أثينا يحتل متحف بناكي ثلاثة مبانٍ، أحدها لبيع الهدايا التذكارية، إلى جانب مبنين آخرين، أحدثهما في شارع بيريه، والأقدم منهما بقرب الحديقة الوطنية. ويعتبر متحف بيناكي أقدم وأكبر متاحف اليونان، إذ إنه يضم أكثر من 400 ألف قطعة أثرية وفنية، على الرغم من أنه ملكية خاصة لا علاقة للحكومة اليونانية به. وشيد هذا المتحف أنطونيوس بيناكي، وهو يوناني ولد بمدينة الإسكندرية بمصر في عام 1873م، وعاش بها حتى أوائل القرن العشرين قبل أن يقرر العودة لبلاده في خضم محاولات اليونان للاستقلال عن الدولة العثمانية، وتأسيس اليونان الحديثة. أحمد الصاوي (القاهرة) - بدأ صاحب المتحف أنطونيوس بيناكي في شراء العاديات والتحف القديمة وهو بمدينة الإسكندرية، وكون مجموعاته الفنية الأولى وهو بمصر قبل أن يحملها معه لأثينا حيث سعى لإنشاء متحف لتنمية الوعي الوطني باليونان وحضارتها عبر العصور بدءا من العصر الروماني، وحتى الربع الأول من القرن العشرين، وتوج مشروعه الطموح بالنجاح عندما افتتح متحف بيناكي في عام 1922م. قواعد العرض يقتني المتحف اليوم أكثر من 400 ألف قطعة أثرية وفنية تتوزع على أقسامه المختلفة، التي تعتمد التقسيم التاريخي أساسا لقواعد العرض المتحفي فهناك قسم للآثار الرومانية وآخر لفترة الدولة البيزنطية وثالث لحقبة النضال الوطني منذ منتصف القرن 18م، فضلا عن قسم الآثار الإسلامية. وتبلغ مقتنيات متحف بيناكي من التحف الإسلامية أكثر من 8000 قطعة أغلبها من شراء بيناكي وقتما كان يعيش بالإسكندرية، وهي تمثل في مجملها الأقاليم الإسلامية المختلفة إذ تضم مناطق من الهند ومن أواسط آسيا وإيران وتركيا والعراق وشبه الجزيرة العربية، فضلا عن تركيا ومصر وصقلية وبلاد المغرب والأندلس. وتغطي المقتنيات كافة فروع الفنون الإسلامية تقريبا فتشمل منتجات الخزف والمشغولات المعدنية والأخشاب والنسيج والعاج والعظم والمخطوطات والزجاج. وتعرض تحف الفنون الإسلامية في “متحف الفن الإسلامي” داخل مجمع مباني التحف التقليدية الجديدة “النيوكلاسيك” والذي رعى تشييده بقلب العاصمة أثينا “لامبروس أفتاكسيس” ويعتبر هذا القسم من متحف بيناكي من المتاحف المرموقة والمهمة بين متاحف الفن الإسلامي حول العالم. ولدى متحف بيناكي بعضا من التحف الإسلامية النادرة، التي منحته شهرته العالمية، وفي مقدمتها تحف خشبية جمعها بيناكي من العراق ومصر بوجه خاص. ومن هذه التحف مصراعا باب من العصر الأموي بالعراق في القرن الثاني الهجري “8م” وقد عثر عليهما في مدينة تكريت. وتبلغ مقاييس المصراعين 300 سم ارتفاعا و120 سم اتساعا، وهما منفذان بأسلوب الحفر العميق وزخارفهما عبارة عن رسم شجرة ذات فروع كثيرة وأوراق نباتية كثيفة وفاكهة، فضلا عن عناصر هندسية ونباتية أخرى، وتعد هذه التحف الخشبية النادرة من أهم وأقدم الأعمال الإسلامية المبكرة المعروضة بالمتاحف العالمية، والتي توضح الأصول الأولى لفن الزخرفة الإسلامية. ومن التحف الخشبية بالمتحف أيضا باب خزانة من حشوات خشبية مطعمة بالعاج وهو من إنتاج مصر في القرن الثامن الهجري “14م” ويعبر بجلاء عن تقاليد الزخرفة الهندسية خلال عصر المماليك. مقتنيات نادرة من التحف المعدنية المهمة التي يقتنيها متحف بيناكي أيضا صندوق صغير من النحاس الأصفر المكفت بالفضة ويعد من بواكير التحف الموصلية المكفتة وهو يحمل توقيع صانعه “إسماعيل بن الورد الموصلي” ويؤرخ هذا الصندوق بعام 1200م. ويعتبر هذا الصندوق من الأعمال الفنية الهامة التي تؤكد دور الصناع من الموصل في ازدهار فن تكفيت المعادن خارج نطاق موطنهم الأصلي حيث اتجه هؤلاء للعمل في كل من مصر والشام بعد غزوات المغول لبلادهم. ويفخر المتحف باقتنائه لاسطرلاب أندلسي نادر يحمل توقيع صانعه “أحمد بن السراج” في عام 728هـ” 1328م”. وتنبع أهمية هذا الاسطرلاب من مكانته العلمية في تطور علم الفلك. فمن المعروف أن أول مؤلف علمي لوصف صناعة الاسطرلاب ظهر على يدي “محمد بن إبراهيم الفزاري” في القرن 2هـ”8م” أول صانع لاسطرلاب في الإسلام وفي القرن الخامس الهجري “11م” طور “أبو إسحاق الزرقالي” الاسطرلاب ووضح تحسيناته في “رسالة الزرقالة” وبقي الاسطرلاب، الذي عرف بصفيحة الزرقالة قيد الاستخدام لدى المسلمين وعنهم أخذ الأوروبيون الاسطرلاب كما طوره أبي إسحاق من الأندلس في القرن 12م. ولما جاء أحمد بن السراج صنع اسطرلابا مطورا جمع فيه ميزات كل ما سبق ويعد هذا الاسطرلاب المحفوظ بمتحف بيناكي النسخة الوحيدة الباقية من عمل أحمد بن السراج وبتوقيعه الشخصي. ومن التحف النادرة أيضا بالمتحف “مزمار” من صناعة مدينة تبريز الإيرانية في القرن الرابع الهجري “10م”. وهناك قطعة من نسيج دار الطراز بمصر خلال العصر الفاطمي، وهي تعود لفترة حكم الخليفة العزيز بالله إذ تحمل تاريخ عام 371هـ، وهي من نسيج الكتان بينما نسجت الكتابة الكوفية في وسط قطعة القماش بخيوط الحرير. ونظرا لأن اليونان كانت تحت السيطرة العثمانية فإن متحف بيناكي يعرض أعداد كبيرة من التحف التركية العثمانية مع عناية خاصة بالمنتجات التي يعتقد أن صناعا من المسيحيين اليونانيين قاموا بإنتاجها ولا سيما من قطيفة مدينة “بورصة” الشهيرة وخزف مدينة “أزنيك”، ثم المنتجات الخزفية من أطباق وحلي بيضية للتعليق بالأسقف أنتجتها مدينة “كوتاهيا” وخاصة في القرنين 17 و18 م. خزفيات رائعة من أجمل قطع الخزف التركي العثماني بالمتحف طبق من إنتاج “أزنيك” بحوافه رسوم الصدف المعروفة في هذا النوع، الذي كان يصدر لأوروبا تحت اسم تجاري هو “خزف رودس”، وبوسط الطبق رسم لسيدة بملابس يونانية تقليدية، وهي تتنسم عبير وردة على طريقة النخبة التركية العثمانية وحولها رسوم نباتية لفروع وزهور كانت شائعة في الفن العثماني. وبالمتحف أيضا عدة بلاطات خزفية من إنتاج أزنيك أيضا وهي تمتاز إلى جانب زخارفها من رسوم الورود كالسوسن والزنبق والقرنفل باللون الأحمر الطماطمي البارز وهو لون طينة الأناضول. كما توجد بعض أطباق من خزف المدينة الذي صنع تقليدا للخزف الصيني بزخارفه الزرقاء على أرضية باللون الأبيض. ويمتلك متحف بيناكي بأثينا مجموعة رائعة من خزف مدينة كوتاهيا سواء من الأطباق أو الحلى البيضية للأسقف وهي تحوي رسوما تجريدية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©