الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايلاند: لا أحد يمكنه الفوز

8 فبراير 2014 22:18
بعد مقاطعة وتعطيل الانتخابات يوم الأحد الماضي في تايلاند، تيقن المتظاهرون المنتمون للمعارضة من أن رئيسة الوزراء ينجلوك شيناواترا لا يمكنها تشكيل حكومة جديدة، والآن آن الأوان كي يقروا بأنه لا يمكنهم أيضاً فعل ذلك. وقد انتهى تصويت يوم الأحد قبل أن يبدأ، فالمتظاهرون حالوا دون تسجيل المرشحين في 28 دائرة انتخابية، وهو ما يمنع أي برلمان جديد من تحقيق النصاب القانوني. وقاطع حزب «الديمقراطيين» أكبر أحزاب المعارضة، الانتخابات بشكل كامل، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك على شرعية أي انتصار لحزب شيناواترا المسمى «فيو تاي». وفي يوم الأحد وحده، عطل المتظاهرون التصويت في 11 في المئة من مراكز التصويت، ما يعني أن أشهراً من الانتخابات الفرعية ستكون مطلوبة قبل أن يمكن انعقاد البرلمان بشكل كامل. ويبدو أن الهدف الأساسي إن لم يكن الوحيد للمعارضة التايلاندية هو إطالة عملية المصادقة على الانتخابات قدر الإمكان، وفي غضون ذلك، تجري أجهزة مناهضة الفساد تحقيقات في اتهامات فساد وخيانة ذات دوافع سياسية ضد شيناواترا والمشرعين في حزبها. وإذا تمكنت أجهزة مكافحة الفساد من إقصاء حزب «فيو تاي» الحاكم، يقول زعماء المعارضة إنهم سيشكلون حكومة تسيير أعمال مكونة من «حكماء» بهدف إجراء إصلاحات سياسية لم يحددوها، ومن ثم ستعقد انتخابات جديدة. ولكن ذلك يعتبر ضرباً من الخيال، ففي حين أن معدلات المشاركة كانت ضعيفة، بسبب عدم وجود منافسة في عدد معين من الدوائر الانتخابية، إلا أن ما يزيد على عشرين مليون ناخب تايلاندي صوتوا يوم الأحد الماضي. وربما أن بعض الناخبين أيدوا أحد الأحزاب الصغيرة الكثيرة التي وافقت -على عكس الديمقراطيين- على الدفع بمرشحين، ومن دون شك، هناك ناخبون آخرون صوتوا ولكنهم فضلوا عدم اختيار أي مرشحين. وعلى رغم ذلك، من المستحيل اعتقاد أن غالبية الناخبين من مؤيدي حزب «فيو تاي»، الذين شهدوا إقصاء حكومات منتخبة سابقة قادها تاكسين شيناواترا شقيق رئيسة الوزراء ينجلوك، سيقفون مكتوفي الأيدي أملاً في أن يحصلوا على فرصة أخرى في صناديق الاقتراع. وحتى إذا كان هؤلاء الناخبون الريفيون الفقراء سذجاً كما تصفهم المعارضة، وترشيهم الحكومة بوعود الرعاية الصحية المجانية والمساعدات الحكومية، إلا أنهم اعتادوا على إسماع صوتهم في السياسة الوطنية، ولن يتسامحوا مع إسكاته مرة أخرى عند عودة النخب إلى السيطرة على مقاليد الأمور في الدولة. وفي حين يسخر مؤيدو المعارضة من الحديث عن اضطرابات واسعة النطاق، وحتى إمكانية اندلاع حرب أهلية بين الشمال والجنوب، تراجعت بالفعل شعبية حزب «فيو تاي» بسبب سوء إدارة الحكومة للاقتصاد وخطة دعم أسعار الأرز التي تقدر بمليارات الدولارات. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن أي إقصاء غير ديمقراطي للحكومة الموجودة من شأنه مضاعفة أعداد مؤيديها، وبالتأكيد لن يستغرق الأمر كثيراً حتى يُشعل الموالون لشيناواترا حالة من الفوضى لا تقل عن تلك التي أحدثتها المعارضة في غضون الأشهر القليلة الماضية. والحقيقة هي أن أي «انتصار» قضائي للمعارضة لا يسفر عن الاستقرار والثقة المشتركة على نحو واسع النطاق لن يكون انتصاراً على الإطلاق. وفي هذه الأثناء، سيواصل المستثمرون الذين سحبوا زهاء خمسة مليارات دولار من الأسهم والأوراق المالية التايلاندية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، الفرار، وربما بصورة أسرع من قدرة «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي) على تكييف سياسياته. وقد تم خفض معدلات النمو مرتين بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة، ومن المتوقع أن تبقى ضعيفة، في حين ستواصل الدول المجاورة مثل ميانمار وفيتنام التسابق على طريق التقدم. وقد توقع البعض أن الهدف الحقيقي لزعماء المعارضة ربما يكون ضمان أنهم - وليس أفراد أسرة شيناواترا- سيكونون في السلطة عند وفاة الملك بهوميبول أديوليادج البالغ من العمر 86 عاماً كي يكون لهم تأثير في خلافته. وعلى رغم ذلك، لن يغير هذا الهدف من الواقع الديموغرافي في تايلاند، ولاسيما أن زيادة سقف الطموحات بين التايلانديين في الريف والمناطق الحضرية الجديدة لم يعد يمكن قمعه بغض النظر عمن يعتلي سدة العرش. ولا يمكن التوصل إلى أرضية مشتركة ما لم يدرك كلا المعسكرين الحاجة إلى إيجاد سبيل تفاوضي من أجل المضي قدماً على طريق حل الأزمة السياسية، ولكن بداية يتعين عليهم الإقرار -أمام أنفسهم وأتباعهم- بأنه لا يمكن لأي الجانبين أن يتصدر المشهد بمفرده. ولا يمكن الاعتماد على الأغلبية الشعبية في صندوق الاقتراع للتغلب على المخاوف المشروعة للأقلية، كما لا يمكن للأقلية أيضاً كسب الشرعية عن طريق حرمان الأغلبية من حقوقها بصورة متكررة. وإلى أن يقر الطرفان بهذه الحقائق الأساسية التي لا يمكن إنكارها، فليس أمامهما ومعهما البلاد سوى الخسارة. ‎نيسيد هاجاري بانكوك ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©