السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سارا الجسمي: إذا عاد بي الزمن للوراء سأختار دراسة الطب

سارا الجسمي: إذا عاد بي الزمن للوراء سأختار دراسة الطب
26 ديسمبر 2011 00:34
شاءت الأقدار أن تبقى سارا محمد الجسمي في الدولة وتنتسب إلى كلية التقنية بدبي لتدرس الإدارة المالية، ذلك بعد عدم قبولها ضمن الطلاب المقبولين للابتعاث، كان الأمر محزناً في البداية ولكنها آمنت بقدرها وقررت تأجيل سفرها للخارج، وهي على يقين بأنها ستحققه يوماً ما، لأن طموح الدراسة في الخارج كان هاجساً يراود أحلامها بعد النجاح في الثانوية العامة. بعد تخرجها في كلية التقنية وحصولها على شهادة الدبلوم العالي، التحقت بالعمل في أحد المصارف، وأثناء ذلك قامت بتقديم أوراقها للابتعاث لأن فكرة الدراسة في الخارج ظلت تراودها وتم قبولها حينئذٍ، وعن هذه الخطوة تقول سارا: «أدركت حينها أن من يرسم له هدفا ويحاول الوصول إليه، سيحققه إذا كان مثابراً ومصراً عليه، مهما كانت الظروف التي منعته سابقا، فأراد الله أن أكمل دراستي في الخارج بخبرة أكثر سواء على الصعيد الدراسي أو الثقاقي أو حتى العملي». وتضيف: «كنت الفتاة الإماراتية الوحيدة في قسم الإدارة المالية في المصرف، ما أعطاني الخبرة في التعامل مع مختلف الجنسيات، والحمد الله أثبت وجودي في العمل خلال سنة واحدة، وأعطاني المصرف إجازة دراسية لأكمل دراستي وأعود للعمل به». حلم دراسة الطب وتدرس سارا الجسمي إدارة الموارد المالية والاستثمارية في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا بمدينة برسبن في أستراليا، وهي في الفصل الأخير حالياً حيث تتهيأ للتخرج والعودة إلى عملها في المصرف. ومع أن حلمها في الطفولة كان يسير نحو دراسة طب الأطفال أو الأسنان، إلا أن ميولها لإدارة الأعمال المالية وحبها للأرقام والتحليل، دفعها لاستكمال الدراسة في هذا المجال. موضحة: «لو رجع بي الزمن للوراء فسأختار تحقيق حلمي والدخول إلى عالم الطب لأنه ليس حلمي فقط بل حلم والديّ الذي لم أستطع تحقيقه». ومع أن سارا كانت في وظيفة يتمنى الكثير الحصول عليها ولكن دوافعها وطموحها كانا أكبر، وتقول: «كنت أطمح لأن أوسع معرفتي بالدراسة مع طلاب من مختلف الثقافات والجنسيات، بالإضافة إلى رغبتي في تطوير نفسي على كافة الصعد، ووددت الاعتماد على نفسي، والاهم من ذلك أردت إثبات وجود الفتاة الإماراتية في الخارج وقدرتها على التطوير والمساهمة في مسيرة نجاح الدولة». اختيار الجامعة اختارت سارا الجامعة بعد بحث مضنٍ، فقد أرادت تعديل شهادة الدبلوم التي قامت بدراستها في كلية التقنية اختصاراً لوقت الدراسة، وبعد اختيارها لإحدى الجامعات في ملبورن التقت أحد الطلبة أثناء حضورها الملتقى الطلابي الذي تنظمه وزارة التعليم العالي سنويا، فنصحها بجامعة أخرى في مدينة برسبن، وعن ذلك تقول: «كان من الصعب تقبل الفكرة بالانتقال إلى مدينة أخرى ولكن بعد حصولي على برنامجي الدراسي في هذه الجامعة تبين أنني قمت باختصار سنة كاملة»، وتضيف: «دفعني ذلك لتغيير موعد سفري حوالي 3 أشهر لاختصار هذه الفترة، وأنصح جميع الطلاب بحضور الملتقيات الطلابية حيث يمكن الاستفادة من جميع الخبرات وأخذ النصائح والإرشادات». وقد خفف سفر والدة سارا معها وأختها الصغرى الكثير من مشاعر الخوف والحزن، فقد مكثتا حوالي ثلاثة أشهر معها، وبعد عودتهما سافر إليها أخوها ليمكث شهراً آخر، بعدها بدأت رحلتها مع الوحدة والغربة». تفاؤل ومصاعب وعن اختبارها لأول يوم في الجامعة، تقول سارا: «كنت سعيدة جدا وفي قمة تفاؤلي ورغبتي في العطاء والنجاح، ولكن مع قليل من التوتر، لقد كان من أطول الأيام بالنسبة لي، لن أنساه أبدا، ولكني كنت حائرة بين عنوان الجامعة وعناوين الشوارع التي أمر بها، ومقر سكني». وتوضح سارا أن أولى الصعاب التي قد يواجهها المبتعث، تتمثل في الحصول على سكن مناسب، والدخول في معترك الدراسة، وتقول: «يعتقد البعض أن تكوين الصداقة في الغربة أمر سهل، ولكني أرى أن التعارف سهل والمعارف كثر ولكن من الصعب أن تنتقي الصديق الوفي الذي تحتاجه عند الضيق». وتشير سارا إلى أنها كونت العديد من العلاقات الجيدة مع طلاب من دول مجلس التعاون ومن جنسيات أخرى مختلفة، وبدأت صداقة مع العديد منهم، كما زارتها إحدى العائلات الأسترالية في الإمارات، وعرفت أفرادها بأهلها، وأطلعتهم على أهم معالم الدولة. أول تحد وتتعامل سارا الجسمي مع محيطها بكل احترام، ومهما كان التصرف الذي تواجهه فإنها تنصح بالتحكم بردة الفعل والتصرف بعقلانية، لأنها تعتبر نفسها سفيرة لدينها ولدولتها، ومع أنها واجهت بعض التصرفات التي تنم عن عنصرية إلا أن ردة فعلها كانت السبب في تغيير المفهوم والانطباع، وتروي سارا أحد المواقف قائلة: «ُطلب منا كتابة أحد البحوث. وكان علينا اختيار المجموعة للمشاركة معها في البحث، ولم أرد حينها أن أفرض وجودي على أي مجموعة، واستغربت أنه لم يأت بمجموعتي أي أحد، كما لم يكن هناك أي طالب عربي في هذا المجال، عندها اختار لي المحاضر مجموعة أحسست منهم بنظرة عنصرية في البداية، ومع مرور الأيام بدأنا بالانسجام والحديث عن أمور كثيرة. وبعد تسليم البحث قال لي أحدهم إنهم كانوا متخوفين من العمل معي، ولكنني استطعت أن أغير مفهوم الدين الإسلامي والعادات والتقاليد العربية في مخيلتهم، فكان حديثه بمثابة نجاح لي وتحد أيضاً». حوادث لاتنسى ولن تنسى سارا الخوف الذي انتابها عندما أضاعت المنزل في ثاني يوم لها في الدراسة، وذلك عند عودتها وحيدة من الجامعة، وتقول: «كانت أسماء الشوارع جديدة بالنسبة لي، ودونتها في مذكرتي كي أتذكرها، ولكن في ذلك اليوم نسيت مدونتي، وقررت الاعتماد على ذاكرتي وحاولت الوصول إلى مقر السكن وحدي، ولكن تبين لي أنني أضعت الطريق، وقمت بالدوران في نفس المنطقة لمدة تزيد على ساعتين، فقررت سؤال أحد المارة، وكم كان موقفي مضحكاً، عندما علمت أن سكني كان في الجهة الخلفية من نفس الشارع، ولم استغرق إلا دقائق للوصول إليه، لذلك تعلمت أن أسال من دون إحراج عن أي شيء لا أعرفه». وعن بعض المفاجآت التي حصلت لها، تقول: «كثيرا ما كنت أشاهد كوارث الفيضانات على التلفاز، ولم أكن أتوقع أن أشاهد ذلك في نفس المدينة التي أسكن فيها. كان المنظر مخيفاً ومحزناً للغاية، لقد أحسست بانتمائي لهذه المدينة وحزنت لما حدث لها، ولكن الحمد الله كنا في أمان من خلال توجيهات ومبادرات السفارة والملحقية الثقافية، ومدى حرصهما على سلامة جميع الطلبة والطالبات». لا اختلاف أكاديمياً وقد وجدت سارا أنه لايوجد اختلاف حقيقي في المجال التعليمي حيث تشير قائلة: «كوني إحدى خريجات كليات التقنية العليا، فأنا بكل فخر أقول إن من خلال تجربتي الدراسية في أستراليا من ناحية المستوى الدراسي أنه لا يختلف كثيرا عن المستوى التي تلقيته في وطني، بل لدينا أدوات ووسائل متطورة وحديثة، الاختلاف الوحيد هو أن التعليم في أستراليا يعتبر ذاتياً تماماً فأنت المسؤول كلياً عن مستواك ومردودك، ولكن ما جربته في الأعوام السابقة غلب عليه طابع الـ «spoon feeding» فأنت تعطى جميع المعلومات وعليك تطبيقها بوجود رقيب، ولكن ما تعلمته في كلية التقنية سهل مهمتي الدراسية في الخارج وكنت أشاهد طلاباً آخرين يعانون من مشاكل دراسية لم أمر بها، كوني خريجة هذه الكلية التي دائماً ما افتخر بها، لهذا أود العودة إليها بعد تخرجي.. كي أرد القليل من فضلها وفضل دولتي الحبيبة عليّ». أنشطة وفعاليات تقوم سارا بجميع الأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف، وهي أمور لم تكن تقوم بها في منزلها، وهي ممتنة لذلك موضحة: «الغربة علمتني الكثير».. وعن المواقف الطريفة التي تذكرها، تقول: «في أول أيام الغربة كنت دائماً أقوم بالاتصال بأمي لأخذ مقادير طبخة معينة، ولما كنت أسألها عن الكمية كانت تقول لي بالنظر، كنت أرتبك حينها، ولكن مع مرور الأيام تعلمت واكتسبت هذا «النظر» بالتجربة والخبرة». وتوضح سارا أنها تهوى القراءة والرسم، كما تجيد صنع العديد من الأعمال اليدوية، وتقوم بممارسة هوايتها في أوقات الفراغ أو عندما تحس بضغط الدراسة، وذلك للتنفيس والتغيير. وفي عطلات الأسبوع كثيرا ما تجتمع لدى إحدى الطالبات للقيام برحلة لاكتشاف المناطق السياحية في برسبن والجولد كوست، بالإضافة إلى الاجتماعات والأنشطة التي يقيمها نادي طلبة الإمارات في برسبن مثل التجمعات في الأعياد واليوم الوطني. وتتواصل سارا مع معظم الطالبات في برسبن بالإضافة إلى البعض في ملبورن، وتزور أهلها مرتين في السنة. طبق الهريس الإماراتي تحن سارا الجسمي كثيراً إلى بيتها ووطنها، وتشتاق إلى طبق الهريس الإماراتي في غربتها، وتعتبر جدها الراحل من أكثر الأشخاص الذين تفتقدهم، وتعتقد أنها أصبحت أكثر حساسية بعد الغربة لأنها تبكي تجاه أي موقف تتعرض له بين جدران الوحدة والغربة. ولدى سارا طموح لا سقف له، وعن ذلك تقول: «أطمح إلى أن أكمل دراستي للحصول على الماجستير، أما على الصعيد العملي فأطمح إلى العودة لوظيفتي لأكتسب المزيد من الخبرة وأثبت وجودي، كما أود أن يكون لي مشروعي الخاص، وسوف أسعى بكل قوة لأحقق كل أحلامي، طالما أمتلك سلاح الإصرار والعزيمة».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©