الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساركوزي وتجديد النفوذ الفرنسي في قمة بروكسل

ساركوزي وتجديد النفوذ الفرنسي في قمة بروكسل
26 يونيو 2007 00:04
كرّس الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي الدور المركزي التقليدي لبلاده في الدبلوماسية الأوروبية؛ حيث كان القوة الرئيسية وراء اتفاقٍ حال دون سقوط الاتحاد الأوروبي في أزمة حقيقية· فقد أثبت ''ساركوزي'' أنه الشخصية الأساسية خلال اجتماع ساخن، وأظهر أسلوباً نشطا للغاية ساهم في إقناع القادة البولنديين المتصلبين بالعدول عن معارضتهم الأولى· استمر اجتماع القادة الأوروبيين، الذي كان مقررا ليومي الخميس والجمعة فقط، إلى يوم السبت؛ إذ لم يتوصل المشاركون إلى اتفاق سوى في الساعة الرابعة والنصف صباحاً تقريباً· فقد كانت بريطانيا وبولندا تطالبان بإدخال تعديلات مهمة على اتفاقية ترمي إلى إعادة تحرير الدستور الأوروبي الذي رُفض في استفتاءين شعبيين في فرنسا وهولندا عام ·2005 كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مصمماً على الحصول على تنازلات اعتبرها ضرورية من أجل إقناع البريطانيين بأن الاتفاقية مختلفة اختلافاً كبيراً عن الدستور السابق، الأمر الذي سيسمح له بأن يجادل بأن الاتفاقية، وخلافاً للدستور، لا تتطلب الاستفتاء الذي كان قد وعد به الناخبين· بيد أن العقبة الحقيقة أمام التوصل إلى اتفاق تمثلت في الرئيس البولندي ''ليش كازينسكي''، الذي شارك في الاجتماع، وشقيقه التوأم ''جاروسلو''، رئيس الوزراء الذي بقي في وارسو· ذلك أنه خلافاً لبلير، الذي كان يسعى إلى الحصول على بعض التنازلات فقط، فإن البولنديين ذهبوا إلى حد الطعن في عنصر مركزي من عناصر المقترح، ألا وهو نظام التصويت· ليلة الخميس الماضي، خاطب ''ساركوزي'' وسائل الإعلام وقدم للصحافيين لمحة عن أجندة الاجتماع· كان الرئيس الفرنسي، الذي منع كاميرات القنوات التلفزيونية من دخول القاعة، يحمل ميكروفوناً على غرار من سيقدم عرضاً فردياً على خشبة المسرح· وقد كان أسلوبه المتحرر من البروتوكول، والمدروس بعناية في الوقت نفسه، متبايناً مع أسلوب سلفه ''جاك شيراك''؛ حيث كان ينتقل من جانب إلى آخر بحماس ملحوظ وسهولة كبيرة بين جنبات القاعة· وعندما بدأت المفاوضات في اليوم الثاني، شوهد ساركوزي بالقرب من ''الميدان الملكي'' في بروكسيل يتجول برفقة عشرة من مستشاريه المقربين، ومنهم وزير الخارجية ''بيرنارد كوشنار''· بعد سلسلة من النجاحات الدبلوماسية، عُد الاجتماع واحداً من أصعب الاجتماعات بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأسباب تاريخية على الخصوص· ذلك أن رفض بولندا قبول نظام تصويت استناداً إلى حجم عدد السكان مثلما تم اقتراحه كان بدافع المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادة قوة ألمانيا· وقبل بدء الاجتماع، كسر ''الأخوان كازينسكي'' القوميان واحداً من التابوهات الأوروبية حينما أشارا إلى الحرب العالمية الثانية، وجادلا بأنها تسببت في تقليص عدد سكان بولندا· وفي هذا السياق، قال ''ليش كازينسكي'': ''التاريخ هو التاريخ''، مضيفاً ''إنها حقيقة، فلو لم تكن الحرب، لكان عدد سكان بولندا أكثر من 38 مليون نسمة''· أما ''ميركل''، التي وجدت نفسها أمام هذا الحوار الصعب، فقد اختارت التعامل مع البريطانيين أولاً، حيث منحت بلير إمكانية عدم الانضمام إلى وثيقة حول حقوق المواطنين، وحمايةً خاصة لبريطانيا بخصوص الشؤون الداخلية والعدل· وبالمقابل، لم تحرز ''ميركل'' تقدماً مع ''ليش كازينيسكي''، فاختارت التصعيد، وهددت بالمضي قدماً في مفاوضات الاتفاقية بالرغم من الاعتراضات البولندية· وكادت هذه المراهنة أن تتسبب في انهيار تام للمفاوضات؛ حيث أوضح المسؤولون من جمهورية التشيك وليتوانيا في الساعة التاسعة مساء يوم السبت أنهم لن يوقعوا على الاتفاقية من دون البولنديين· وعلاوة على ذلك، انتاب الغضب بلجيكا وإيطاليا من ''ميركل'' لأنها قدمت تنازلات لبريطانيا قالوا إنها ميّعت الاتفاق· غير أنه عندما اجتمعت ''ميركل'' مع الزعماء الأوروبيين مرة أخرى على مائدة الطعام، عرض ''ساركوزي'' بذل محاولة أخيرة لإقناع البولنديين بالعودة إلى الركب· فذهب وبلير إلى قاعة الوفد الفرنسي، حيث أُجريت المفاوضات الهامة مع ''ليش كازينسكي'' الذي كان يجلس بين الزعيمين البريطاني والفرنسي، بحضور مترجمين فوريين· خلال هذا الاجتماع، عرض ''ساركوزي''، الذي كان يتحدث بالفرنسية وأحيانا بالإنجليزية، أن يقوم بزيارة إلى بولندا وإلقاء خطاب في برلمانها بهدف تسويق الاتفاق· كما أتى رئيس وزراء اللوكسمبورج ''جون كلود جانكار'' لمغازلة البولنديين· أما بلير، فقد استعمل جاذبيته المعهودة· استمرت المحادثات على مدى تسعين دقيقة، وكان الرئيس البولندي يتصل خلالها بشقيقه في وارسو بين الحين والآخر إلى أن حدث الاختراق؛ حيث قبل ''الأخوان كازينسكي'' في النهاية نظام التصويت الجديد، شريطة ألا يدخل حيز التنفيذ قبل 2014 وأن يكون لهما الحق في المطالبة باستعمال القوانين القديمة لثلاث سنوات إضافية· غير أنه بالرغم من هذا الاتفاق، لم تسلم ''ميركل'' من الانتقادات على خلفية استمرار ردود الفعل على التنازلات التي قُدمت لبريطانيا· الأدهى أن الزعيمين البلجيكي والهولندي دخلا في أخذ ورد بسبب خصام حول التنازلات الجديدة التي طالبت بها هولندا· وفي هذا الإطار، أفاد بعض المسؤولين أن ''ساركوزي'' صعد إلى الواجهة مرة أخرى، وقال للزعيمين إن موقفيهما غير مقبولين على اعتبار أنهما صادران عن عضوين مؤسسين للاتحاد الأوروبي· في الأخير، يأتّي الاتفاق بين البلدان السبعة والعشرين؛ وقدم رئيس المفوضية الأوروبية ''خوسيه مانويل باروسو'' زهوراً للمستشارة الألمانية في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في الساعة الخامسة صباح يوم السبت الماضي· غير أن ساركوزي هو الذي سرق الأضواء· قال هذا الأخير للصحافيين: ''لم نكن بعيدين عن الانقسام، ولكن يمكنني القول إن فرنسا لا تستسلم أبداً''، مضيفا ''إننا راضون جدا عن النتائج هذا الصباح''· ستيفان كاسل ودان بيليفسكي مراسلا نيويورك تايمز في بروكسل ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©