الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

كيف تفوح «الدخون» عطراً وصحة.. وخطراً ؟

كيف تفوح «الدخون» عطراً وصحة.. وخطراً ؟
25 مارس 2016 23:24
أحمد السعداوي (أبوظبي) تعتبر الدخون واحدة من أبرز ملامح التراث الإماراتي بفعل ما ارتبط بها من عادات وتقاليد ضاربة في جذور التاريخ، من خلال استخدامها في تعطير البيوت بمختلف أشكالها وفي ضرورة توافر المداخن بأحجامها المتنوعة في المناسبات المختلفة تعبيراً عن كرم الضيافة والاحتفاء بالزوار عبر منحهم زخات من روائح عربية محببة للجميع تضفي أجواء طيبة على أي مكان تحل فيه، غير أن استخدام الدخون يجب أن يتم وفق أساليب صحية وطرق سليمة تكفل الاستمتاع بتلك الروائح الطيبة دونما أي تأثير غير مرغوب فيه على الصحة العامة ولا سيما ما يتعلق بالجهاز التنفسي والشعب الهوائية التي ربما تصيبها بعض الأضرار نتيجة بعض الاستخدام السيئ للبخور والدخون. أنواع مختلفة عن عالم الدخون الساحر تدعو مها الودامي، «خبيرة العطور والبخور»، إلى وجوب التفرقة بين الدخون والبخور، فالأول ينقسم إلى ثلاثة أنواع، دخون عربي ودخون فرنسي ودخون عربي فرنسي، ومن ناحية الشكل إلى نوعين دخون ملون ودخون أسود. وقد يمتد التقسيم أيضاً إلى شكل الدخون فأحياناً أقراص أو على هيئة مسحوق أو سائل. أما البخور وهو ما يطلق على العود، فهو عبارة عن قطع العود وينقسم إلى ثلاثة أصناف أولها عود حطب وهو العود الخام، والصنف الثاني هو العود المعطر، وهو عبارة عن قطع العود المضاف إليها العطور الزيتية ذات الروائح المختلفة، أما النوع الثالث والأخير فهو العود المبخر. احتراق الزيوت وفيما يتعلق باستخدام الدخون بشكل سيئ وما يؤدي إليه من أضرار على الصدر وعلى صحة الإنسان، تذكر الودامي، أن الدخون والبخور لهما أضرار على الصحة كونهما ناتجين عن احتراق زيوت عطرية وأخشاب، وهو ما يبث طبعاً غازات ضارة تؤثر سلباً على صحة الإنسان ولا يمكننا أن نتجاهل هذا الأمر، وفي الوقت نفسه من الصعب التوقف عن ممارسة هذه العادة إذ نشأنا ونحن نرى الأجداد يمارسونها ويعتبرونها من الممارسات اليومية بل ومن إكرام الضيف أيضاً، لكن يمكن تجنب الإفراط في استخدام الدخون وتقليل عدد المرات المعتادة، كما يمكن الاقتصار على المناسبات الخاصة فقط. الأنواع الجيدة وللتعرف على الأنواع الجيدة من الدخون، تقول مها الودامي، إن الدخون ما هي إلا مزيج من سحال العود والمسك والسكر وخليط العطور الزيتية والعنبر، ولكي نتجنب الحصول على دخون سيئة يجب أن نقوم بإحراق القليل من المراد شراؤها والنظر إلى لون الدخان الصادر منها فإذا كان اللون أصفر فاتح أو أصفر مائلاً إلى البني. يجب حينها عدم شرائها لأن ذلك يدل على عدم جودة الدخون وخطرها على الصحة، كذلك أن اشتعلت النار في المدخن بعد وضع الدخون يفضل أيضاً عدم شرائها لأن ذلك دليل على زيادة كمية المسك الذي يضر استنشاق دخانه بعد الحرق، أما إذا كان لون الدخون أبيض فهذا هو في الأغلب النوع الجيد لجودة محتوياته وقلة نسبة المسك فيه والسكر، كما يجب الابتعاد عن الدخون التي يدخل في صناعتها ماء الورد، حيث يستخدم البعض أنواعاً غير جيدة لعجن الدخون وتقليل كمية العطور الزيتية المضافة، وهو ما قد يؤدي بعد فترة زمنية إلى ما يعرف بـ«عفن الدخون» وهو مادة بيضاء تؤدي إلى تغير رائحة الدخون وتدفع للتخلص منه. مهيجات الشعب يقول الدكتور عمرو بدرالدين حمدي، طبيب الأمراض الصدرية في أحد المراكز الطبية في أبوظبي، إن البخور يعتبر من مهيجات الشعب الهوائية، ولذلك يجب على مرضى الجيوب الأنفية أو المصابين بالربو أو الحساسية أو غيرها من الأمراض الصدرية الابتعاد تماماً عن استنشاقه، وهذا يدعونا إلى عدم استخدام البخور في الأماكن المغلقة على رغم أن القصد الحقيقي هو التعبير عن كرم الضيافة وإضفاء أجواء طيبة على المكان . وعن وجود طريقـــة آمنـة لاستخدام البخـور بأنواعه المختلفة، أكد أستاذ الأمراض الصدرية أن أفضل أساليب استخدام البخور والدخون هو الأماكن المفتوحة سواء في حديقة المنزل أو في أي مكان يحظى بتهوية جيدة بحيث لا يسبب أي تهييج للشعب الهوائية، مشيراً إلى أن طول فترة استخدامهما لسنوات طويلة قد تكون سبباً للإصابة بحساسية في الصدر، وهو ما يجب الانتباه إليه. وبالنسبة إلى البيت الذي يحضن أطفالاً يجب استخدام البخور بعيدا منهم لأنه قد يكون سبباً رئيساً في إصابتهم بالحساسية التي قد تلازمهم فترة زمنية طويلة، ومن الأفضل عدم استخدامه مطلقاً خاصة خلال فترات الطفولة المبكرة التي يستطيع أن يعبر فيها الطفل عما يشعر به من آلام وأوجاع قد يعانيها سواء في الصدر أو غيره من أنحاء الجسد. وفيما يتعلق بالمدخنين، خاصة لمن هم مصابون بـ«سدة شعبية» عليهم احذر من استنشاق البخور والدخون بقدر الإمكان لما في ذلك من آثار سلبية عليهم، خاصة أنهم يعانون أساساً متاعب في الجهاز التنفسي وليسوا في حاجة إلى مزيد من المتاعب. السنع والمواجيب تورد فاطمة التميمي الخبيرة التراثية ومديرة الأنشطة النسائية في نادي تراث الإمارات، أن الدخون تعتبر من الملامح التراثية المهمة في المجتمع الإماراتي وتستخدمه غالبية البيوت بشكل يومي مرتين إلى ثلاث مرات يومياً وحتى في أماكن العمل، بحيث لا تبدأ يومها في العمل إلا بعد إشاعة الدخون في المكان كي تستشعر بجو الأصالة الإماراتية خاصة وأنها تعمل في التراث منذ سنوات طويلة وتدرك جيداً قيمة الدخون في السنع والمواجب لدى أهل الإمارات . وتعني «السنع والمواجيب أصول وعادات وتقاليد إكرام واستقبال الضيف»، وذلك بتقديم الدخون إليه بعد تناوله الفوالة والقهوة العربية، في حين نقدم للرجال خشب العود بعد إشعاله كي يعطي روائح طيبة في المكان، ونقدم للنساء الدخون التي تصنعه الأمهات الذي يكون غالباً من العود المطحون «شدارة العود»، ويتم صنعه على هيئة أقراص مضافاً إليها بعض أنواع العطور والمسك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©