الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان: خطوات الإصلاح المطلوبة

2 فبراير 2011 21:04
قرة العين صدّيقي صحفي باكستاني اغتيل في الرابع من يناير الماضي سلمان تيسير حاكم مقاطعة البنجاب في مدينة إسلام آباد على يد واحد من حراسه الشخصيين. وبعد ذلك بفترة قصيرة استسلم الحارس القاتل مالك ممتاز حسين قادري واعترف بعملية القتل، وقال إنه قتل تيسير لأنه "ارتكب تجديفاً" من خلال انتقاد قوانين التجديف في باكستان. وينظر إلى قوانين التجديف في باكستان من قبل قطاعات كبيرة من سكان البلاد على أنها منظومة حماية ضد من تسول له نفسه الحط من قدر الدين. وينبع هذا الدعم كذلك من زعم أنها استنبطت بشكل مباشر من النص الإسلامي، على رغم أنه لا يوجد أي برهان لدعم وجهة النظر هذه. لقد أصبح موقف تيسير حول مجموعة القوانين هذه علنيّاً عندما زار آسيا نورين، وهي باكستانية مسيحية اتهمت بالتجديف، لتقديم الدعم لها. وقد حكم على نورين بالإعدام من قبل محكمة في مقاطعة نانكانا بالبنجاب، وما زال استئناف لهذا القرار قدم في منتصف نوفمبر في محكمة لاهور العليا معلقاً. وقد أثار اغتيال تيسير ورد الفعل الشعبي حول الدوافع المذكورة وراء الجريمة أسئلة أكثر حساسية. فعلى رغم أن العمل جرت إدانته في باكستان، حتى من قبل كثيرين ممن لا مشكلة لديهم مع قوانين التجديف، إلا أن ما يزيد على 300 محامٍ أبدوا استعدادهم للدفاع عن مجرم اعترف بجريمته بينما يخاف المدعون العامون على سلامتهم. وعلى رغم أن تيسير، من وجهة نظري الشخصية، لم ينتهك أي قانون عندما انتقد قوانين التجديف المذكورة وعبر عن وجهة نظره تجاهها وهذا حق يكفله القانون من حيث المبدأ، إلا أن عرضه مساندة نورين أغضب جماعات دينية وسياسية، وهنا في نظري صلب المشكلة. ولم ينته هذا الغضب بموت تيسير، فقد أصدرت مجموعة من 500 عالم ديني باكستاني تحذيراً صارماً ضد رثائه والحزن لموته، مصّرحة بأن هؤلاء الذين يحزنون لموته "ينخرطون في التجديف هم أنفسهم".وفي هذه الأثناء تستمر التحقيقات في الجريمة، وبقي أن يُتخذ قرار حول ما إذا كان قادري قد تصرف وحده أو مع مجموعة معينة. وتبحث الشرطة عن رجل دين من روالبندي يدعي قادري أنه هو من حفّزه على قتل الحاكم تيسير. إلا أن ما هو ثابت هو أن العمل بحد ذاته، ورد الفعل الذي تبعه من مختلف الأوساط الوطنية عملا على إفشال نظام العدالة الباكستاني، وسعيا لإعاقة أدائه لعمله. ويخشى أن يسهم في هز الثقة في قدرة جهات الحكم في باكستان والقضاء الباكستاني على حماية الناس، وكذلك يخشى أن ينعكس هذا على آليات وأطر التعامل مع الاهتمامات العامة والتصدي لها بشكل فاعل. وحتى يتسنى منع حدوث أمر كهذا مرة أخرى، يتعين على نظام العدالة الجزائية في باكستان أن يحقق بفاعلية التزاماته القانونية، وبالتالي أن يوضح بشكل واسع أن فاعلية وقوة السلطة القضائية سيتم الحفاظ عليهما. وبالإضافة إلى الاستمرار ضمن العملية القانونية الصحيحة في قضية تيسير، يتعين أيضاً على الحكومة وضع استراتيجية أكثر اتساعاً لتحييد نتائج عدم التسامح الديني. وعلى الدولة، بدءاً من ضرورة تطوير وتحديث آليات ومناهج السياسة والمنظومة التربوية، أن تضمن ألا يدعو، لا الأساتذة ولا المناهج، إلى الحقد أو يشجعا عليه، بأي شكل كان. وحتى يتسنى تحقيق بنية يشجع فيها النظام التعليمي ثقافة التسامح ويثبط همة العدوان، يمكن للجان المراجعة المستقلة المساهمة في تطوير وتحديث المناهج، لأنها جديرة بأن تساعد كثيراً في إنجاح جهود هذا الإصلاح المنشود. وإضافة إلى ذلك، على الدولة أيضاً أن تلتزم بالأنظمة والقوانين التي تمنع التحريض على الحقد والعنف على أسس الدين أو العرق أو اللغة أو الطائفة أو "أية أسس أخرى من أي نوع كان". وسيفرض ذلك قيوداً على أولئك الذين يصدرون بيانات دينية بشكل عشوائي ضد الأفراد والجماعات. وفي الوقت نفسه، يساعد على تشكيل مجتمع أكثر تنوراً وتسامحاً على المدى البعيد. وفي الوقت نفسه، يتعين على الدولة أن تنشر إرشادات محددة، ووفق ضوابط وترتيبات ثابتة، لرجال الدين حتى يتوقفوا عن تشجيع أية أعمال قد تذكي نار النزاع وتنتهك القوانين النافذة. ويمكن بدعم الدولة ورعايتها تحفيز القادة الدينيين على لعب دور بناء وودّي في المجتمع والتشجيع على التسامح. وزيادة على هذا على الحكومة، إلى جانب جهودها في مجال مناهضة التطرف على مستوى المجتمع المحلي أن تضمن أن يحصل جميع الأفراد والمجتمعات المحلية على الأمن والحقوق الأساسية التي يقدسها الدستور الباكستاني. وعليها أيضاً المبادرة بالتعديلات الضرورية لجعل أية قوانين خلافية أو مثيرة للجدل، بما فيها قوانين التجديف، متناغمة مع الصالح العام للمجتمع. وستساعد الحوكمة وضمان ترسيخ ممارسات الحكم الرشيد، وإحداث التعديلات المطلوبة للنظام التعليمي وتحفيز القادة الدينيين على لعب دور توحيدي أوسع في المجتمع وإجراء التعديلات الضرورية على القوانين بشكل يضمن الحقوق الأساسية للمواطنين، سيساعد كل ذلك على إيجاد بيئة من التعددية الخلاقة والتعايش السلمي، والاستقرار والتناغم والانسجام الاجتماعي والطائفي. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©