السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المشاعر

المشاعر
13 مارس 2008 03:25
تشكل المشاعر مركزاً رئيسياً من مراكز إنتاج الأدب، وكذلك إنتاج الفنون، كالموسيقى والتشكيل والرقص؛ فالمنجز الإنساني الإبداعي حين يكون خالياً من نسمات الشعور، فإنه يعد جافاً لا روح فيه ولا نبضات يمكنها أن تجعله يتنفس ويعيش في دوامة الإسمنت والحديد التي تطوق حياتنا· فمنذ الإنسان الأول ( البدائي)، حيث المشاعر منفلتة غير محددة وغير مكتشفة النوع، منذ ذلك الوقت، بدأ الإنسان في محاولات عديدة يحدد ويفند ويفصل هذه المشاعر، إلى أن بلغ حداً هائلا من اكتشافه للكنز الثمين الذي تحتويه الجيفة البشرية· أي أن الإنسان في مسيرة التاريخ، تمكن من تحديد نوع مشاعره، ولكنه عمل على تشذيبها كي تتناسب ومساحة السياج الأيدلوجي الذي ضربه حوله، ولقد اختلف هذا التشذيب من شعب إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى، فهناك من أمعن في تقييد المشاعر وقمعها، وهناك من قنن من انطلاقها، وهناك من شوهها، وذلك بحكم معدل الجهل، ومساحة الحرية الضيقة، والمفتوحة حد الفضاء الشاسع· المشاعر هي المساحة التي تحتوي كل تفاصيل حياتنا وكل دواخلنا، من اختلاجات الحب والفرح والغيرة والكره والحزن والحقد والغل والحسد، فكل هذه المشاعر وغيرها موجودة لدينا كبشر، كلها تزوبع وتتحرك جامحة أحياناً وبطيئة في أحيان أخرى، منها ما يؤدي بنا إلى أقصى الجمال، ومنها ما ينهي حياتنا· تشكل هذه المشاعر حياتنا حين نكتسب معدلات كبيرة منها، سواء من خلال الوسط الذي نعيش فيه، أو من خلال الخالق حين شكلنا عند لحظة الخلق، من النطفة، ثم العلقة، ثم الجنين والطفل والصبي والشاب والعجوز، تكبر مشاعرنا مع مرورنا في الزمن؛ فإن كانت مشاعر حب وفرح وسعادة، فإنها تعطي للعمر معنى جميلا، معنى تتحقق فيها إنسانيتنا، وتتلمس فيه عيوننا الجمال مجرد أن تحط عليه، وتشعر أناملنا بالحياة ما إن تلمس يد الحبيبية، والريشة، وأصابع الأكورديون، وتر العود وصوت الناي وحبات المطر· تلك هي مشاعر الجمال التي يجب أن تطلق إلى أقصاها حتى تزين الحياة بالحب بمعناه المفتوح حد اتساع الكون كله· أما تلك المشاعر المتمثلة بالحقد والغل والحسد والكره ، وهي المشاعر التي تتفق الشعوب كلها على إنها المشاعر السلبية لدى الإنسان ، فإنها تشوه المعنى الجميل للحياة في عيون من يحملها، ويصير لا يرى أبعد من حدود المساحة التي يضع خطوة فيها· لكن في كلا الحالتين يمكن أن تكون المشاعر قاتلة (فمن الحب ما قتل ـ ومن الكره ما قتل) ذلك حين لا يمكننا إدراكها (المشاعر) وتحديد مسارها من خلال جعلها تنتشي إلى حد الرقص أو تذوب كالملح في نهر· فهل من الضرورة تدريس المشاعر في سنوات الإنسان الأولى ومن خلال المنهج المدرسي مثلا؟ بما أن هذه المساحة لا تتسع لمزيد من الاستطراد، أعتقد نعم، فعملية التثقيف بالمشاعر وكيفية استيعابها وإدراكها بعيداً عن القيم المكتسبة البالية، التي لم تعد تصلح للزمن الجديد، يمكن بالتثقيف، أن نذهب بكل شيء إلى المنطقة الأجمل· saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©