الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر وسيناريوهات مابعد الانتخابات

24 ديسمبر 2011 20:51
الإخوان المسلمون والسلفيون قادمون للبرلمان المصري، فمع انتهاء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، وإعلان النتائج الرسمية لها، وحصول قوائم حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان" على نسبة 40 بالمائة من الأصوات، و36 مقعداً من بين 56 مقعداً فردياً بنسبة 66 بالمائة، بما يؤشر لحصول الحزب" الإخواني" على الأغلبية البرلمانية المطلقة في نهاية المطاف، أو أن يقترب منها ويضطر للتحالف مع حزب "النور" السلفي الذي يليه ترتيباً في نتائج المرحلة الأولى (بنسبة 20 بالمائة من الأصوات للقوائم). اللافت أنه بمجرد ظهور مؤشرات تفوق الحزب "الإخواني"، بدأت قيادات الجماعة والحزب، حملة "علاقات عامة" عبر وسائل الإعلام، تطالب بأحقيتهم في تشكيل الحكومة، وسرعان ما لحق بهم قادة حزب"النور" السلفي مطالبين بأن يكونوا شركاء الحكم، باعتبارهم جاؤوا في المرتبة الثانية بعد "الحرية والعدالة"، وإذا كان معلوماً، أن جماعة "الإخوان" تؤمن بأن الإسلام "دين ودولة"، فإن هذا كله يعني أننا مقبلون على "معركة" يشعلها التيار الإسلامي للفوز بتشكيل الحكومة عقب انتهاء الانتخابات بمرحلتيها الثانية والثالثة في شهر يناير المُقبل، وهو ما يفرض مناقشة الخيارات المتاحة في هذه المعركة المنتظرة. لدينا الإعلان الدستوري الصادر بمرسوم عسكري يوم 30 من شهر مارس الماضي، الذي يجعل للبرلمان سلطة التشريع أي سن القوانين ويعطى للرئيس أو بديله (المجلس العسكري) سلطة إصدار هذه القوانين أو الاعتراض عليها، كما أن للبرلمان سلطات رقابية مُحددة حصرياً. وليس من حق الأغلبية سواء كانت منسوبة للتيار الإسلامي أو غيره تشكيل الحكومة، إذ إن هذا يحدث في النظم البرلمانية فقط، مثل بريطانيا، بينما تسير مصر وفقاً للنظام الرئاسي، مثل أميركا وفرنسا.. ذلك أن الإعلان الدستوري يمنح "المجلس العسكري" سلطة تعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ولم يمنحها للحزب الحائز "الأغلبية البرلمانية" .. وواقع الحال أن مجلسنا العسكري المصري، لم يستحدث هذا النظام الرئاسي، بل إنه موجود بالدساتير المصرية التي جاءت بعد ثورة يوليو 1952. في ظل إلحاح التيار الإسلامي بجناحيه "الإخواني" و"السلفي"، على تشكيل الحكومة، فإنه قد يكون هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة وقابلة للتطبيق: أولها .. أن يتمسك المجلس العسكري بصلاحياته المقررة بالإعلان الدستوري، بأن يختار هو إعادة تكليف الجنزوري أو غيره بتشكيل الحكومة، وهنا فقد تتعاون الأغلبية البرلمانية مع الحكومة، لتسيير شؤون الحياة في المجتمع وحل المشكلات العالقة، أو أن نواب الأغلبية قد يقفون بالمرصاد لكل قرار يصدُر عن الحكومة ويعارضونه ويثيرون حوله قدراً من البلبلة والإرباك، ومن شأن ذلك، أن يخلق حالة من الإحباط والإعاقة لمسيرة النشاط الحكومي، وإثارة الرأي العام وتحريكه، وهذا التيار له قدرة على الحشد لأنصاره، وبما قد ينتهي إلى استقالة بعض الوزراء أوالحكومة نفسها، خاصة ونحن أمام شارع صار في حالة رفض دائم وحركة ثورية مستمرة، ولم يعد من الممكن تجاهل مثل هذه الحركة. وهو ما يعيب هذا السيناريو، أي عدم تعاون الأغلبية مع الحكومة. ثاني السيناريوهات أن يرضخ المجلس العسكري لمطلب "الإخوان"، ويترك لحزب الحرية والعدالة تشكيل الحكومة، بأن يقوم الحزب باعتباره صاحب الأغلبية (على اعتبار ما سيكون)، بتسمية رئيس الحكومة والوزراء، وما على المجلس إلا إصدار قرار التكليف والتشكيل، لمن اختاره الحزب "الإخواني". وهنا يمكن للمجلس العسكري أن يمتنع عن التعاون مع الحكومة الجديدة، كما أنه يملك عملياً عدم التعاون مع البرلمان، بل وإصابته والحكومة بالشلل التام، إذ إن قيام البرلمان مثلاً بسن تشريع أو قانونِ ما وإقراره، في حد ذاته، لا يكفي لسريانه، ذلك أن القوانين لا تسري إلا بعد نشرها بالجريدة الرسمية، وهي لكي تنشر لابد أن تصدُر من الرئيس أو "المجلس العسكري". وبإمكاننا قياساً على ذلك أن نتصور شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية (البرلمان)، والتنفيذية (المجلس العسكري والحكومة)، في حالة إذا اختار "العسكري" عدم التعاون مع حزب الأغلبية، ومن المؤكد أن الصدام قد يقع ويجعل جزءاً كبيراً من البرلمان (حزب الأغلبية) ومعه حكومته صفاً واحداً، في مواجهة المجلس العسكري، فيما لا يمكن التنبؤ بموقف الجماهير التي تتحرك في الشارع والميادين، ومثل هذا السيناريو، قد يؤخر انتخابات الرئاسة. وحتماً يؤدي هذا السيناريو إلى تأخير كتابة الدستور، خاصة وأنه من المتوقع أن تشتعل الأزمات حول معايير وشروط اختيار "الجمعية التأسيسية" المنوط بها إعداد الدستور وكتابته. ويبقى السيناريو الثالث المحتمل أن يضطر (حزب الحرية والعدالة) الإخواني للتحالف مع السلف (حزب النور السلفي) تحت قبة البرلمان على هدف تشكيل حكومة الأغلبية من الحزبين، وهنا سيكون الخطاب السلفي هو الأعلى صوتاً وصدى، لكونه أكثر تشدداً من الخطاب "الإخواني" المعتدل إلى حدٍ ما، وفى حال موافقة المجلس العسكري، وصعود مثل هذه الحكومة، فقد يؤدي هذا إلى عزل مصر دولياً، بأن يرفض الغرب الأميركي والأوروبي التعاون مع مصر، على غرار ما حدث مع حكومة حماس المُقالة والمُحاصرة في غزة، ولا يكون أمام المجلس العسكري إلا الاستيلاء على السلطة، إنقاذاً لمصر من هذه الُعزلة، بل وامتثالًا لمطالب القوى السياسية والشعبية الأخرى، ومنها الأقباط الذين يعانون من القلق مما هو قادم مع هذه السيناريوهات المحتملة. سعيد السني - كاتب مصري ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©