الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا ... ونفط كردستان العراق

13 ديسمبر 2012
بن فان هيوفيلين أنقرة يسعـى دبلوماسيون أميركيون جاهدين للحيلولة دون حدوث تحول مزلزل في سياسة تركيا الخارجية تجاه العراق، وهو تحول يمكن أن يؤدي في حالة حدوثه إلى زعزعة استقرار ذلك البلد الذي يعج بالمشكلات. وخط الانكسار الأكثر خطورة في العراق، هو ذلك الذي يمكن أن يفصل إقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي عن الحكومة المركزية ذات الأغلبية العربية في بغداد. وفي الوقت الذي يتقاتل فيه الجانبان من أجل تحقيق المزيد من السيطرة على الأراضي وحقوق استخراج النفط، تتخذ تركيا، على نحو متزايد، موقفاً منحازاً للأكراد. ومع أن القادة الأتراك والأكراد نجحوا في إقامة علاقة ودية بينهما خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ إلا أن تركيا تسعى في الوقت الراهن لتعزيز هذه العلاقة من خلال سعيها للتفاوض مع إقليم كردستان العراق على صفقة ضخمة تقوم بموجبها شركة تركية، مدعومة من قبل الحكومة، بالتنقيب عن النفط والغاز في الإقليم، ومد خط أنابيب لنقلهما للأسواق العالمية. يقول مسؤول أميركي كبير ضالع في صناعة السياسات في الشرق الأوسط:«لم تكن تركيا بحاجة لسؤالنا عن رأينا في الصفقة لأننا كنا نوضح لهم ذلك الرأي في كل منعطف». وأضاف ذلك المسؤول أن الولايات المتحدة قد أخبرت تركيا أن صفقات البترول الثنائية مع كردستان «تهدد وحدة العراق وتدفع برئيس وزرائه للتقارب أكثر مع إيران». من المعروف أن إقليم كردستان العراقي نجح في تأمين قدر كبير من الحكم الذاتي تمكنه من توفير خدماته الأساسية، والتحكم في مطاراته وحدوده، ما يعني أن صفقة النفط والغاز الجديدة لن تعني شيئاً سوى تقويض اعتماد الإقليم الاقتصادي على العراق الذي يعتبر الرابطة الوحيدة التي ما زالت تربط بين الجانبين. وعلق «نيجيرفان برزاني» رئيس وزراء إقليم كردستان على الصفقة بقوله «لقد أجرينا محادثات جدية مع الشركة التركية، ونأمل من الأتراك أن يساهموا في تنمية منطقتنا». يشار إلى أن الحكومة التركية لم تتخذ قرارها النهائي بشأن الصفقة بعد؛ حيث ما زال وزير طاقتها «تانر يلديز»، يقوم بإجراء مراجعة شاملة مع فريق متخصص للصفقة- بحسب مسؤولين أتراك كبار- ويتوقع عقب ذلك أن يقوم بتقديم توصية لرئيس الوزراء التركي قبل نهاية العام. وتأتي الخطوة التركية في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للمنطقة. فعلى امتداد حدودها الجنوبية تمكنت الأقلية الكردية في سوريا التي تشهد حرباً أهلية من تحقيق السيطرة على مساحة واسعة من الأراضي، وهو تطور أقلق القادة الأتراك الذين يخشون من انعكاس الاضطراب الحاصل في سوريا على بلادهم، وهو ما دفعهم لاستخدام نفوذهم على قيادات إقليم كردستان، والتأكد من أنهم سيستخدمون نفوذهم على أكراد سوريا بشكل إيجابي بما يضمن عدم الإضرار بالمصالح التركية. هناك أزمة أخرى تواجه العراق في الوقت الراهن. ففي السادس عشر من نوفمبر حدثت مواجهة محدودة بين قوات الأمن الكردية وبين جنود الجيش العراقي تطورت إلى قتال دموي. ومنذ ذلك الحين عمل الفريقان على حشد الآلاف من الجنود والدبابات وقطع المدفعية على جانبي حدودهما المتنازع عليها، استعداداً لأي مواجهة محتملة. ولم يترك أردوجان أي شك بشأن الجانب الذي يتعاطف معه، حيث اتهم المالكي صراحة «بأنه يقود العراق نحو حرب أهلية». وتأييد تركيا لأكراد العراق يمثل تحولاً استراتيجياً مهماً، حيث وضع نهاية للاعتبارات التقليدية التي كانت تحكم موقفها تجاه العراق. فعقب الغزو الأميركي للعراق، عارضت تركيا منح الحكم الذاتي لأكراد العراق خوفاً من أن يكون ذلك بمثابة سابقة تقوي موقف الأقلية الكردية الكبيرة فيها في سعيها للحصول على قدر أكبر من الحقوق والحكم الذاتي. إلى ذلك كانت تركيا تخشى أن يتحول إقليم كردستان المستقل إلى ملاذ آمن لمقاتلي حزب «العمال الكردستاني»، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية. هذا الموقف تغير تدريجياً عام 2007 عندما بدأ أردوجان يخفف من موقفه ويعمل على إقامة علاقات مع أكراد العراق، وهو ما شجعته الولايات المتحدة على اعتبار أن تقوية علاقات الأكراد بتركيا، يمكن أن يصرفهم عن التعاطف مع حزب «العمال الكردستاني». كانت هناك أسباب أخرى لتغيير الموقف التركي تجاه كردستان العراق من بينها ما يتمتع به الإقليم من ثروات نفطية وغازية هائلة يمكن أن توفر ما يحتاجه الاقتصاد التركي النامي بخطى سريعة من طاقة. من الأسباب الأخرى التغير الهائل في الدبلوماسية التركية بشكل عام تحت قيادة داوود أوغلو وطموح بلاده للتحول للاعب رئيسي في الدبلوماسية الدولية. من جانبها، رأت إدارة أوباما أن التوجهات التركية الدبلوماسية الجديدة واستثماراتها في إقليم كردستان العراق كفيل بتحويلها إلى معادل موضوعي مهم في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق. والشيء الذي كان يخشاه الدبلوماسيون الأميركيون هو أن تعتبر تركيا جنوب العراق قضية خاسرة مما يؤدي إلى دفع أيران لملء الفرغ من خلال زيادة وجودهم السياسي والاقتصادي هناك وتحقيق المزيد من النفوذ والسيطرة على المالكي. هذه الحجج لم تجد آذاناً صاغية في أنقرة حيث قال دبلوماسي تركيا كبير ضالع في صفقة النفط والغاز مع إقليم كردستان”أن دعم الولايات المتحدة للصفقة سوف يكون محل تقدير ولكنه مع ذلك ليس شرطا لإتمامها”. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©