الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الآراء السلبية تجاه عمل المرأة تضعف دورها وتضر بصحتها النفسية

الآراء السلبية تجاه عمل المرأة تضعف دورها وتضر بصحتها النفسية
24 ديسمبر 2011 20:07
العمل يجعل المرأة أكثر قوة وقيمة في مختلف النواحي الواقعية والمعنوية، والمرأة لا تبقى ذلك الكائن الضعيف ذا القدرات المحدودة والذي لاحول له ولا قوة. وإذا تناولنا السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية نجد أن ذلك يرتبط بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه، وأيضاً فإن العمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يسهم بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية. من أهم العوامل المؤثرة في كفاءة واكتمال وفعالية دور المرأة العاملة في أي ميدان من ميادين العمل والإنتاج، يتمثل في الشعور بالظلم الاجتماعي، والنظرة الضيقة لدورها واسهاماتها، ومعاناتها وعدم الحصول على حقوقها المهنية والوظيفية والاجتماعية، إضافة إلى نقص فرصها في المكافآت أوالتشجيع. يقول الدكتور حسن المالح، استشاري الصحة النفسية:” في بلادنا لا تزال القيم الاجتماعية المرتبطة بعمل المرأة غير إيجابية عموماً، وفي ذلك تناقض كبير مع الواقع المعاش. حيث أن المرأة قد انخرطت فعلياً في ميادين العمل المتنوعة والضرورية، ولكن القيم الغالبة لا تزال تثمن عمل المرأة داخل البيت فقط. ويمكن لهذه الضغوط الاجتماعية أن تلعب دوراً سلبياً في الصحة النفسية للمرأة العاملة. والعمل المنزلي له أهميته الكبيرة ولا شك في ذلك. لكن الحياة المعاصرة بتعقيداتها المختلفة وتطوراتها ومتطلباتها قد أسهمت بتغير الصورة. وظهرت عديد من الأعمال الضرورية والأساسية والتي تتطلب العمل خارج المنزل مثل الخدمات الطبية والتعليمية والأعمال التجارية والمؤسسات الخاصة بشؤون المرأة المتنوعة وغير ذلك في حياة المدينة الحديثة. وأضح أن المرأة لم تنقطع عن العمل خارج المنزل بل استمرت فيه في البيئات القروية والصحراوية وفي أعمال الزراعة وتربية المواشي والأعمال الإنتاجية الأخرى المساندة. وأشار إلى أنه لا بد من تعديل القيم السلبية المرتبطة بعمل المرأة وتأكيد أهميته وجوانبه الإيجابية وعدم إطلاق التعميمات الخاطئة أو السطحية حول عمل المرأة، مما يسهم في تخفيف الضغوط والتناقضات التي تواجهها المرأة في عملها، وبالتالي يدعم صحتها النفسية. وبين أنه من السلبيات الأخرى المرتبطة بعمل المرأة زيادة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في المنزل إضافة للعمل، وعدم كفاية التسهيلات العملية المساعدة مثل دور الحضانة في أماكن العمل وإجازات الأمومة وغير ذلك. تناقض القيم ويضيف الدكتور المالح:” نجد أن بعض النساء لا يزلن يحملن قيماً متناقضة حول أهمية العمل وجدواه، مما يجعل حماس المرأة ونشاطها وجديتها في عملها هشاً وضعيفاً في مواجهة الضغوط الاعتيادية في العمل أو المنزل. فهي تتراجع بسهولة أمام الضغوط والعقبات والإحباطات ولا تستطيع أن تتحمل درجات عادية من التوتر القلق والتوتر. كما أن بعضهن يدخلن ميادين العمل بسبب التسلية أو التغيير، مما يعطي أبعاداً سلبية لعمل المرأة بالنسبة للمجتمع عموماً. ومن جهة أخرى فإننا نجد أن المرأة العاملة لديها قلق إضافي حول مدى نجاحها في عملها وفي أدوارها الأخرى المسؤولة عنها. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت وإلى الضغوط والمعوقات الاجتماعية المختلفة إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها. مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة. أما الملاحظة الأخيرة فيما يتعلق بصحة المرأة العاملة من الناحية النفسية هي أن المرأة يمكن لها أن تضخم من تأثير الضغوط الحياتية والاجتماعية وغيرها، وأن تبقى مستسلمة وسلبية في مجال عملها وما يتعلق به من مشكلات. وهي بذلك تسهم في زيادة القهر الذي يكرس أوضاعها. ولا بد هنا من تأكيد دور المرأة في تشكيل الظروف والضغوط ونوعيتها. وفي ضرورة وعيها بمشكلاتها وظروفها والعمل على تعديل وإصلاح ما يمكن إصلاحه. والتكيف مع مالا يمكن إصلاحه وتغييره”. كما يشير الدكتور المالح إلى الاضطرابات النفسية الشائعة لدى المرأة العاملة، ويقول:” لا يمكننا أن نقول أن هناك اضطرابات خاصة تصيب هذه الفئة من النساء دون غيرها. وبشكل عام فإن العمل يسهم في تحسن الصحة النفسية للمرأة كما تدل عليه معظم الدراسات الغربية وعدد من الدراسات العربية، نظراً لإيجابيات العمل المتعلقة بالاستقلالية وتحقيق الذات، وازدياد السيطرة على الحياة والمستقبل من النواحي الاقتصادية والشخصية. ومن المتوقع في مجتمعاتنا أن الضغوط المتعددة التي تواجهها المرأة من النواحي الاجتماعية، وتناقض النظرة إلى عملها أن تتسبب في زيادة القلق والتوتر والإحباط وسوء التكيف واضطراباته. المشاكل الزوجية وتعد المشاكل الزوجية من المشاكل الشائعة لدى المرأة العاملة، وبعض هذه المشكلات يتعلق بعدم وضوح الأدوار والمسؤوليات التي يقوم بها كلا الزوجين. وقال إن ذلك يرجع إلى حداثة عمل المرأة في مجتمعاتنا وعدم وجود تقاليد خاصة تنظم وتحدد مشاركة الزوجين في أمورهم الحياتية من حيث المشاركة والتعاون في الأمور المالية وشؤون المنزل ورعاية الأطفال وغير ذلك مما يتصل بتفاصيل الحياة اليومية المشتركة. ويتطلب ذلك مزيداً من الحوار والتفاهم بين الزوجين للوصول إلى حلول مشتركة مناسبة تتوافق مع الحياة العملية. وفي بعض المهن التي لا يزال ينظر إليها المجتمع بشكل سلبي شديد مثل التمريض والتمثيل وغيرها. يمكن لضغوط العمل نفسه مع الضغوط الاجتماعية أن تساهم في ظهور اضطرابات القلق والاكتئاب وسوء التكيف وغيرها. ونجد أيضاً حالات أخرى من الارتباك والخجل أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي عند عدد من النساء العاملات في مجال التدريس وغيره. حيث يتطلب العمل إثبات الذات والتعبير عنها إضافة للمهارات اللفظية وضرورة الحديث أمام الآخرين وإليهم. نقص المهارات الذاتية أوضح الدكتور حسن المالح، استشاري الصحة النفسية أن هناك حالات تتمثل في أن المرأة أحياناً تجد صعوبات في اتخاذ القرارات المناسبة، أو تعجز عن الاعتماد على النفس، وتسبب لها بعض المواقف المهنية التي تتطلب قرارات عملية معينة قلقاً شديداً واضطراباً لأن تلك المواقف المرتبطة بالحياة العملية لم تتعود أن تتصرف فيها بنفسها. وقال إن هذا يعني أن العمل خارج المنزل يمكن أن يبرز عدداً من النواقص في مهارات المرأة وأساليبها التي لم تكتسبها سابقاً ولم تتدرب عليها بشكل مناسب”، وهذا يجعل المرأة أكثر عرضة للمتاعب النفسية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©