الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستشفى عتق أنهكه المرض

مستشفى عتق أنهكه المرض
9 يناير 2016 20:26
علي سالم بن يحيى (شبوة) يصاب المرء بالذهول، عندما يرى حالة مستشفى عتق العام بعاصمة محافظة شبوة النفطية بتلك الأوضاع المزرية التي لا تتناسب مع أهميتها، وما تضخه في خزانة الدولة العامة. صرح صحي لا يحمل من اسمه شيئاً، بعد أن تكالبت عليه نوائب الدهر، ووضعته في خانة الأماكن التي لا يزورها أحد إلا من اضطر، وجارت عليه الحاجة والفاقة. وبسبب الإهمال، توقفت خدمات المستشفى الذي تم افتتاحه عام 1978 كهدية من دولة الكويت الشقيقة، ليقدم خدماته لأبناء شبوة وبعض مديريات المحافظات المجاورة، ويضم الأقسام: جراحة عامة، عظام، إذن وأنف، مسالك بولية، نساء وولادة، عيون، باطني، أطفال، طوارئ، عناية مركزة، حضانة، العيادات الخارجية، وخدمات الأشعة والمختبر. وأكد الدكتور رامي لملس، مدير مستشفى عتق، في حديث لـ «الاتحاد»، أن المستشفى يشكو من صعوبات جمة، حيث توقفت معظم الأقسام عن تقديم الخدمة، بسبب عدم وجود أطباء اختصاصيين، لعدم استطاعتنا دفع رواتبهم، حيث كان في السابق يتم دفع رواتبهم عن طريق مكتب النفط ووزارة الصحة، وتوقف صرف رواتبهم منذ شهر يناير الماضي، وحاولنا دفع رواتبهم، مما شكل عبئاً على المستشفى وموازنته التشغيلية البسيطة، وأدى إلى مديونية كبيره لا نستطيع تجاوزها. وحذر الدكتور لملس من توقف المستشفى قريباً عن تقديم خدماته، بسبب عدم دفع رواتب الأطباء من جهة، وصعوبة الحصول على الأدوية، فيما لم يتسلم المستشفى أي أدوية من وزارة الصحة سوى سوائل وريدية بسيطة من منظمة الصحة العالمية، واضطرارنا لشراء الأدوية بسعر مرتفع للأدوية الضرورية ومحاليل المختبر وأفلام الأشعة، ما أدى إلى ازدياد المديونية للمتعهدين على المستشفى. ويؤكد مدير مستشفى عتق وجود تمييز في المعاملة بين مشفاه وبعض المستشفيات في المحافظات الشمالية من قبل وزارة الصحة العامة التي استولى عليها الانقلابيون، فالموازنة التشغيلية بسيطة جداً مقارنة بالمستشفيات الأخرى التي في المستوى نفسه في المحافظات الشمالية، حيث رقي المستشفى إلى مستشفى عام بقرار من وزارة الصحة مع مستشفى المحويت العام في القرار نفسه، ويستقبل (الأخير) حالات أقل من مستشفى عتق بحسب الإحصاءات، وموازنته التشغيلية تمثّل ثلاثة أضعاف موازنة مستشفى عتق. ويواصل مدير مستشفى عتق سرد معاناته التي وصلت للصعوبة في الحصول على مادة الديزل، لتشغيل المولد الكهربائي، خصوصاً مع الانقطاع المستمر للكهرباء، مما يسبب مخاطر جمة أثناء إجراء بعض العمليات الجراحية وفي قسم الحضانة، وقسم الطوارئ الذي يستقبل الكثير من الحوادث اليومية، وهناك معاناة أخرى تتمثّل في عدم وجود أشعة مقطعية في المحافظة كافة، وهذا يضطرنا إلى تحويل الحالات إلى خارج المحافظة، مما يشكل عبئاً كبيراً على المواطن، هذا التحويل- خاصة للحالات الحرجة- يقودنا للتذكير بعدم وجود سيارة إسعاف خاصة بالمستشفى. يختتم د. رامي لملس حديثه: المستشفى يعاني من إهمال متعمد على الرغم من أن المحافظة من المحافظات النفطية، والمستشفى يقدم خدمته إلى شريحة كبيرة من السكان، وكان يعمل لدينا قبل الحرب بعثة طبية، ومع دخول مليشيات الحوثي إلى المحافظة غادرت البعثة إلى خارج البلاد، والآن نحاول المضي بجهود ذاتية من بعض الأطباء كواجب إنساني في المقام الأول. يسرد أبوبكر سالم- مدير الموارد البشرية في المستشفى- الكثير من العلل في خدمات المستشفى قائلاً: «طالبنا الجهات المعنية بضرورة توفير الاعتمادات المالية لإجراء الترميم العاجل للمبنى، ومدّه بالأجهزة والمعدات الفنية، والإمدادات الكهربائية الداخلية، وشبكتي الصرف الصحي والمياه المتهالكة من دون جدوى، علماً بأن المستشفى بني ليخدم تعداداً سكانياً ضئيلاً قبل حوالي 35 عاماً، وما زال على حاله لم تطله العناية ولا التوسعة، وهي معضلة عويصة. وقال الناشط مهدي الخليفي: «مستشفى عتق المركزي بنته دولة الكويت الشقيقة مطلع ثمانينيات القرن العشرين ضمن عشرات المدارس والمستشفيات في محافظات الجنوب، وظل ملبياً لحاجات أبناء المحافظة، ويكفيهم شر البحث عن العلاج خارج المحافظة إلا في حالات الأمراض المستعصية». وتابع الخليفي قائلاً: «زرت المستشفى قبل أسابيع، ولم يعجبني ما وصل إليه حاله من إهمال وخواء طبي، وأصبح زائروه من فقراء المحافظة ومعدميها الذين لا يستطيعون حيلة أو صبراً على المرض وانتظار الموت الذي لا يمهل كثيراً منهم وآخر ضحاياه هم مرضى حمى الضنك الذين لم يجدوا داخل ردهات المستشفى أي علاجات، فالمستشفى اليوم في حالة موت سريري لا شفاء منها إلا بجهود جبارة لن تتوافر قريباً». مركز صحي ليس إلا.. ترى المعلمة هيام القرموشي، أن المستشفى صرح صحي من المفترض أنه يقدم خدمة صحية لشريحة كبيرة من سكان المحافظة، وعندما يصل المواطن من إحدى المديريات البعيدة ليصطدم بإمكانات ضعيفة وكوادر طبية مختفية لأسباب كثيرة وإمكانات وتجهيزات ضعيفة، إضافة إلى التعامل بلا إنسانية، أضف إلى ذلك رسوم مالية لكل خدمة تقدم، مؤكدة «إذا أردنا وصف الصرح الصحي ونقيسه بما يقدمه اليوم قد لا أكون مجحفة في الوصف لو أطلقت عليه مجرد مركز صحي لا غير»!. وتستذكر القرموشي: «في وقت من الأوقات كان المستشفى يعمل على وتيرة عالية، وقدم خدمات كثيرة، بكل أسف انتهت في الآونة الأخيرة -ربما- لأسباب لا يتحملها المستشفى ذاته»، فيما المواطن محمد سعيد إلى أن المستشفى صار مكاناً غير مرغوب فيه إلا من رمته الأقدار إليه، لعدم توافر الكادر المؤهل، وغياب كل التخصصات فيه، وطالب بضرورة العمل على إعادة الأمل إليه بطاقم طبي على مستوى عال، وبدعم فعّال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©