الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزواج «غير الموثق».. أسباب مختلفة وعواقب وخيمة

الزواج «غير الموثق».. أسباب مختلفة وعواقب وخيمة
23 ديسمبر 2013 22:12
سكينة أصنيب (الرباط) - يعاني المغاربة، الذين اضطرتهم الظروف إلى عدم توثيق عقود الزواج والاكتفاء بزواج الفاتحة أو الزواج العرفي، من صعوبات كثيرة، لاسيما بعد تحديث الإدارة وقوانين الأحوال الشخصية، ويزداد الأمر تعقيداً بعد وفاة أحد الزوجين ووجود أبناء، حيث يضطر الزوج إلى رفع دعوى قضائية من أجل إثبات الزوجية والبحث عن الشهود الذين حضروا عقد القران. أسباب مختلفة يشكل الأمر كابوساً بالنسبة للقرويين المغاربة، الذين تقاعس أغلبهم عن إثبات الزواج بشكل قانوني، بسبب ارتفاع تكاليف العقود القانونية، وأجرة المأذون وكثرة الوثائق التي يفرضها القانون، وارتفاع تكاليف أجراء الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج، إضافة إلى رغبة بعض الآباء تزويج بناتهم في سن مبكرة قبل 18 عاما التي يفرضها القانون، ورغبة آخرين في الزواج الثاني، الذي يمنعه القانون من دون توفر شروط معينة من ضمنها موافقة الزوجة الأولى. وإذا كان الفقر والأمية وبعدُ الإدارة هي السبب في لجوء القرويين إلى الزواج غير القانوني، فإن الكثير من المغاربة الذين لا يعانون من هذه الصعوبات يجدون في زواج الفاتحة أو الزواج العرفي مخرجاً لهم من الشروط، التي يفرضها القانون في حالات زواج القاصر والتعدد، وأيا كانت الأسباب التي تدفع إلى الزواج غير القانوني فإن معاناة ضحاياه واحدة، حيث إنها تهدد بضياع حقوق الأزواج وحقوق أطفالهم، وتجعلهم يعيشون حاليا في صراع مع الوقت بعد أن حددت وزارة الشؤون الاجتماعية فترة معينة لتسوية الوضعية الناجمة عن زواج الفاتحة أو الزواج العرفي، وأعطت مهلة نهائية تنتهي في عام 2014، داعية جميع المغاربة إلى ضرورة تسوية أوضاع الزواج غير الموثق من خلال دعوى ثبوت الزوجية. ويسارع حالياً عدد كبير من الأزواج، الذين لا يملكون وثيقة قانونية تثبت الزواج، للاستفادة من الحملة التي تقوم بها السلطات لمساعدتهم على توثيق عقود الزواج، وإنجاز دفتر الحالة المدنية من أجل حماية حقوقهم وحقوق أطفالهم، والحصول على دفتر الحالة العائلية، وإثبات النسب العائلي. إلى ذلك، تقول فاطمة بن سعيد (57 سنة): إنها جاءت للمطالبة بثبوت الزوجية من زوجها المتوفى منذ 14 سنة، وتؤكد أن هدفها من إثبات الزوجية هو تمكين أبنائها، الذين صاروا شبانا من الوثائق الرسمية التي تسمح لهم بمواصلة الدراسة والزواج والاستفادة من إرث أبيهم. وتشير إلى أنها حين تزوجت قبل 30 عاماً لم يكن سكان قريتها الواقع في سلسلة جبال الأطلس المعزولة والمنغلقة على نفسها، يولون أهمية لتوثيق الزواج بشكل رسمي، وبعد وفاة زواجها منعتها كثرة الانشغالات وضيق اليد من توثيق زواجها، لكنها الآن مصممة على توثيق علاقتها الزوجية رغم سنها ومرضها. محاكم وحملات تجوب «المحاكم المتنقلة»، التي ابتدعتها وزارة العدل، القرى والأرياف وتنظم جلسات علنية في الخيام من أجل تقريب القضاء من المواطنين وتوثيق عقود الزواج العرفي، وتحاول السلطات بهذه الطريقة تصحيح بعض الأوضاع ومواجهة الانتقادات التي وجهت لجهاز القضاء من قبيل بعد المحاكم وبطء وتعقيد الإجراءات والروتين الإداري. وإضافة إلى المحاكم المتنقلة تطلق السلطات بين الفينة والأخرى حملات توعية لتحفيز الأزواج على ضرورة توثيق عقد الزواج، والإشهاد به خاصة لدى سكان المناطق البعيدة عن المدن، حيث تم إطلاق حملات توعية بالأسواق الأسبوعية والشعبية، وأثبتت الحملات فعاليتها، حيث بادر عدد كبير من المغاربة إلى الإسراع بتقديم دعاوى إلى المحاكم الابتدائية المختصة قصد استصدار أحكام بثبوت الزوجية. وتفيد إحصاءات لوزارة العدل أن حملة التوعية، التي أطلقتها الوزارة مؤخراً للقضاء على ظاهرة زواج الفاتحة، مكنت من تصفية العديد من الملفات، حيث قدر مجموع الملفات المعالجة بزهاء 30 ألف ملف. في الإطار ذاته، يقول رشيد العماري، المحامي المختص في مجال قضاء الأسرة: إن السلطات تهدف من خلال هذه الحملة إلى القضاء على زواج الفاتحة وما ترسخ عبر السنين من عدم توثيق عقود الزواج وما يترتب عنه من عدم تسجيل الأبناء بالسجل العائلي ما يحول دون مواصلتهم للدراسة ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية وانعكاسات سلبية على المجتمع برمته. وأكد العماري أهمية توثيق الزواج وتسوية كل زواج غير موثق حفاظاً على حقوق الزوجين والأطفال، خلال الآجال القانونية المحددة لتصحيح وضعية الزيجات غير الموثقة، مؤكداً أن الأسبوع الأول من شهر فبراير 2014 سيكون تاريخ وضع حد لزواج الفاتحة والزيجات غير الموثقة. دوافع عدم التوثيق حول الأسباب التي تحول دون توثيق عقود الزواج، يوضح رشيد العماري، المحامي المختص في مجال قضاء الأسرة، أن «عدم حصول بعض الأشخاص الراغبين في الزواج على الوثائق اللازمة كدفتر الحالة المدنية وبطاقة التعريف وعقود الازدياد، وتأثير الفقر والجهل والعزلة القروية، أسباب رئيسة تؤدي إلى وجود هذا الكم الهائل من زيجات غير الموثقة، إضافة إلى عدم استجابة القضاء لطلبات الإذن بتعدد الزوجات الأمر الذي يفضي إلى المضي في اتجاه الزواج بالفاتحة من دون وثائق ثبوتية، كما إن انقطاع الفتيات عن الدراسة في سن مبكرة يدفع أولياؤهن إلى تزويجهن بواسطة الفاتحة قبل سن الرشد».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©