الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريٌ يخترع أجهزة إنذار مبكر تحول دون وقوع الحوادث

جزائريٌ يخترع أجهزة إنذار مبكر تحول دون وقوع الحوادث
23 ديسمبر 2013 22:11
حسين محمد (الجزائر) - رغم أن المستوى الدراسي للجزائري جودي بلجودي (45 سنة)، لا يتعدى الثالثة متوسط، إلا أن المتابع لسلسلة ابتكاراته يقف مشدوهاً ولا يكاد يصدّق أن مخترعها محدودُ المستوى، وليس مهندسا عالي التأهيل?،? كما يحدث عادة، لكن بلجودي عوَّض محدودية مستواه الدراسي بمتابعة التأهيل في معهد للتبريد الصناعي ساعده على التوصل إلى اختراعاته، التي يمكنها أن تقلل خطر الموت والإصابة في حال تصنيعها وتسويقها. إلا أن المخترع، الحائز براءة اختراع من «المعهد الوطني للملكية الصناعية»، الجهة المخوّلة بمتابعة اختراعات الشباب، يشكو عدم الاهتمام الرسمي بمخترعاته، ما ينذر بإمكانية بقائها مجرّد مشاريع حبيسة الأدراج بسبب قلة ذات يده، وغياب الدعم الرسمي، وعدم وجود مموِّلين. شرارة البدء بدأ اهتمام بلجودي بالاختراعات العلمية منذ عام 1988، حيث اشتغل على هذا الجانب وفكّر في إنجاز ابتكارات يساعد بها الناس في حياتهم اليومية بشكل ما، ويبعد عنهم شتى الأخطار المميتة. وبدأ يُجري تجارب على اختراعات أولية توصّل إليها. وفي عام 2006 تعرّض لحادث مرور خطير بمنطقة «أقبو» ولاية بجاية، شرق الجزائر، حيث كان يقود شاحنة ذات حمولة ثقيلة، وفجأة تعطلت في أحد المرتفعات، وبدأت تتدحرج إلى الوراء وكادت تسقط به في واد سحيق وتودي بحياته لولا أن انفجرت عجلتاها الخلفيتان، فتوقفت عن التدحرج وخرج سالماً من الموت بأعجوبة. وقد أدرك أن سبب توقفها كان انفجار العجلتين الخلفيتين، ولكنه أراد التأكد من هذه الملاحظة فأصبح يزور كل من تعرّض لحادث مرور خطير ونجا منه ليسأله عن كيفية نجاته، فتيقن من أن ملاحظته صحيحة، وأن انفجار العجلات يفضي إلى وقف السيارة التي تنحرف عن مسارها ويمنعها بالتالي من الانقلاب والتحطم الكلي، وهنا بدأ بلجودي يفكر في كيفية التوصل إلى آلية تقوم بهذه المهمة وعدم تركها للصدفة، «في البداية فكّرت بأن أفضل حلٍّ هو صنع جهاز يقوم بتفجير العجلات فور شروع السيارة في الانحراف عن مسارها قصد إيقافها ومنع وقوع الحادث. ولكن فكرة ً أفضل راودتني وأنا في حالة أرق شديد؛ إذ خطرت في ذهني فكرة استحداث آلية لإفراغ العجلات من الهواء فور بداية انحراف السيارة، وبعد درء الخطر، يمكن إعادة تعبئة العجلات بالهواء ومواصلة الطريق، فخرجت من البيت على الواحدة صباحاً لأزور بيت صديقي شعبان جبري وأنا أصيح: وجدتها». ويعلق جبري على ذلك اليوم، قائلا: «كانت ليلة مميزة، وقد وجدتُ الفكرة جيدة وتحفظ العجلات من الإتلاف فهي باهظة الثمن، ونجح في تجسيدها في عام 2012 وجرّبها بنجاح تام بعد أن قام مراراً بافتعال انحراف في سيارته». وطوّر بلجودي جهازاً يربط المقود بالعجلات ويقوم أولاً بتنبيه السائق إذا انحرفت السيارة يميناً أو شمالاً بـ50 سنتمترا فقط، ويصحح الانحراف آلياً، أما إذا تواصل لثوان أخرى، فيقوم بإفراغ العجلات من الهواء تدريجياً حسب السرعة لتجنب الحادث. إلى ذلك، يقول: «هذا الجهاز إذا صنِّع ونزل إلى الأسواق فسيمكِّن عدداً هائلاً من سائقي السيارات والمرْكبات الثقيلة من النجاة من حوادث المرور التي غالباً ما تسبِّب الموت أو الإعاقة الدائمة». وتقتل حوادث المرور نحو 4300 جزائري، وتتسبب في جرح عشرات الآلاف سنوياً. مِحرارٌ طبي توصّل بلجودي أيضاً إلى ابتكار جهاز سيكون مريحاً جداً للأمهات إذا تمّ تعميمُه، ويتمثل في مِحرار طبي يعمل بشكل آلي من خلال قياس درجة حرارة الرضَّع وإبلاغ الأم عبر جهاز إنذار موصول بالطفل، إذا ارتفعت درجة حرارته إلى 39 درجة. ويتيح هذا الترمومتر للأم أن تتفرّغ لأشغال البيت أو تنام قريرة العين، من دون أن تكون بحاجة إلى إعادة قياس درجة حرارة رضيعها في كل مرة بالشكل التقليدي المعروف حالياً، إذ سينوب عنها المِحرار في أداء هذه المهمَّة بشكل آلي بعد أن تقوم بربطه بجسمه، علماً أن صوت جرس الإنذار قوي ويُسمع من مسافة 50 متراً، ما يتيح للأم أيضاً القيام بأشغالها البيتية مطمئنة البال، فضلاً عن عدم الحاجة إلى النهوض ليلاً لقياس درجة حرارة طفلها إذا شعرت بأنها بدأت ترتفع وقد بدأ يتوعّك. وحتى لا تبقى مجالات استعمال المِحرار مقتصرة على الرضع، فقد طوَّر بلجودي جهازاً مشابهاً للمستشفيات لإفادة أكبر عدد ممكن من المرضى، حيث يمكن للممرضين متابعة الوضعية الصحية لمرضاهم على بعد 150 متراً من خلال تثبيت هذا الجهاز على لوح خارج كل غرفة بها مرضى، وتدوين أسمائهم بجنب عدد من المصابيح، وإذا تدهورت صحَّة أحدهم وبلغت درجة حرارته 39، أصدر المِحرارُ رنيناً وأضاء مصباحُ المريض المعني فيعرف الممرض مكانه ويُهرع إلى نجدته فوراً. واخترع بلجودي أيضاً عام 2010 جهازاً للكشف عن تسرب الغاز، وإغلاق عدّاد الغاز فوراً وبشكل آلي فور حدوث التسرّب، فضلاً عن قطع التيار الكهربائي بالطريق نفسه، وفتح نافذة صغيرة للتهوية وتصريف الغازات المحترقة، كما يقوم الجهاز بالاتصال بصاحب البيت على رقم محموله المبرمج مسبقاً عن طريق هاتف آلي لإعلامه بالتسرّب إذا كان خارج البيت، ما يمكّنه من اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الوضع. ويمكِّن هذا الجهاز من حفظ مئات الأرواح البشرية، حيث تشير إحصاءات للحماية المدنية بالجزائر إلى أن نحو 160 شخصاً يموتون سنوياً بالاختناق بسبب تسرب أول أكسيد الكربون من غاز المدينة في البيوت ليلاً، فضلاً عن إسعاف آلاف المصابين وهم مغمى عليهم. حماية البيئة أحدث اختراع لجودي بلجودي جهاز لتصفية الغبار المنبعث من مصانع الإسمنت، والقضاء على أكسيد الكربون، وإخراج هواء نقي إلى الفضاء الخارجي وبالتالي المحافظة على نظافة البيئة ودرء خطر الأمراض التنفسية المختلفة عن آلاف السكان القريبين من المصانع. في هذا السياق، يقول :»هذا الجهاز سيكون مفيداً جدا للبيئة. ويقضي على الانبعاثـات الغـازية الضارة بها وبطبقة الأوزون الآخذة في الاتساع، الهواء المعالَج بهذه المصفاة لن يضرّ البيئة بعد خروجه من المصنع إلى الفضاء الخارجي». إحباط البيروقراطية برغم الحماس الذي أبداه جودي بلجودي، وهو يشرح آليات عمل مخترعاته وفوائدها التي ستحملها لكل من سيستعملها والأخطار التي ستُبعدها عنهم، إلا أن حالة من الحسرة انتابته حينما تذكّر أن مخترعاته لا تزال مجرد مشاريع لم يُكتب لها أن تُصنَّع ويُعمّم استعمالها من خلال تسويقها لأنها لم تلق أي اهتمام رسمي «لقد عانيتُ الكثير من البيروقراطية، أنا متعطل عن العمل منذ عام وأجد صعوبة كبيرة في توفير قوت أطفالي». ويطرح بلجودي مخترعاته الأربعة للشراكة مع أي مستثمر، كما كشف أن لديه مشاريع اختراعات أخرى ومنها تقنية جديدة لتبريد المصانع والبيوت إلى أدنى درجة وبتكلفة ضئيلة، ولكن كل ذلك لن يتجسد إلا بدعم رسمي أو بالشراكة مع مستثمرين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©