الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقامت حضارة مزدهرة في ربوع اليمن

أقامت حضارة مزدهرة في ربوع اليمن
9 يناير 2016 20:26
قامت حضارة دولة حمير على أنقاض حضارة سبأ، بعد انهيار سد مأرب العظيم وحدوث سيل العرم الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وكانت قبيلة حمير لها نفوذ كبير في جنوب الجزيرة العربية في أواخر أيام سبأ وقبل ظهور المسيحية، وظل اسمها يتردد في كتابات العرب والرومان، وكانت عاصمتها «ظفار» التي احتلت مكانة مأرب عاصمة سبأ، وكانوا يحكمون منطقة واسعة امتدت من ساحل البحر الأحمر وساحل المحيط حتى حضرموت، وعرفوا بأنهم من أكثر الشعوب العربية الجنوبية عدداً، وكانت لغتها الرسمية هي الحميرية وهي أقرب للغة العربية. سعيد ياسين (القاهرة) عن أصول الحميريين، يقال إن يشجب بن قحطان هو جد الملوك الحميرية، وبه سمي العرب الأولون، وقال ابن خلدون: «وكان لسبأ من الولد الكثير، وأشهرهم حمير وكهلان اللذان منهما الأمتان العظيمتان من اليمنية أهل الكثرة والملك والعز وملوك حمير أعظمهم، وكان منهم التبابعة، فلما هلك سبأ قام بعده ابنه حمير، ويعرف بالعرنج، وقيل إنه هو أول من توج بالذهب. وذكر أهل اللغة أنه سمي حمير، لأنه كان يلبس حلة حمراء، ويطلق لقب تبع أو«التبابعة» على الملوك الذين حكموا اليمن، وقيل إنهم سموا تبعاً وتبابعة لأنه يتبع بعضهم بعضاً، كلما هلك واحد قام مقامه تابع له على مثل سيرته، أو لأن التبع ملك يتبعه قومه ويسيرون خلفه تبعاً له، أو لكثرة أتباعه، أو من التتابع، وذلك لتتابع بعضهم بعضاً، وقد ذكر بعضهم أن هذا اللقب لا يلقب به إلا الملوك الذين يملكون اليمن والشحر وحضرموت وأول من لقب منهم بذلك «الحارث بن ذي شمر». وأراضي حمير القديمة هي حدودها المعروفة في أرض شأي وحبان في الشمال وحضرموت في الشرق وذيب في الغرب، وكانت في الأصل جزءاً من حكومة قتبان، وكانوا يقطنون حول لحج في منطقة ظفار ورادع وفي سرو حمير ونجد حمير، وقد عرفت الأرض التي أقام بها الحميريون بـ «ذي ريدان» نسبة إلى قصر ملوك حمير، وسيطروا على جنوب غربي شبه الجزيرة العربية الجنوبية ومدينة ظفار وحصنها المعروف بـ «ريدان»، وهو بيت الملوك وقصرهم أيضاً. ويذكر الباحثون أن اللغة الحميرية كانت مستقلة بذاتها وأحرفها وأرقامها، ولم تكن لهجة فقط، وهي تكون مع اللغتين العربية والحبشية الفرع الجنوبي للغة السامية، وتشترك مع العربية في نظام الأصوات وعدة خواص للفعل، كما تشترك مع الحبشية بأن لها كتابة خاصة، وليس فيها أداة التعريف ولها كلمات كثيرة لا توجد عند غيرها من اللغات، وتختلف عن العربية والحبشية بنهاية الماضي بنون وبصيغة المصدر وخواص أخرى صرفية ونحوية، ويقول المؤرخون إن اللغات الرئيسية في العالم القديم كانت 14 لغة فقط منها الحميرية، ومن الكلمات المستخدمة منها«غيج» رجل، و«تي»امرأة، و«عووي» جد، و«عايتي» جدة، و«خلتي»عمة. وكانت السيادة التجارية لسبأ وانتزعتها منها دولة حمير، واحتفظت بها حتى القرن الثالث الميلادي، واهتم الحميريون أيضاً بالتجارة البحرية في الوقت الذي استولى الرومان على مصر العام 31 ق.م، وأرسلوا سفنهم إلى جنوبي البحر الأحمر، وعبروا باب المندب للوصول إلى الهند وشرقي إفريقيا للحصول على السلع الضرورية، وحاول الرومان فتح بلاد العرب الجنوبية في العام 24 ق.م في عصر الدولة الحميرية الأولى في عهد الامبراطور أغسطس قيصر الروم، حيث أرسل من مصر حملة تحت قيادة حاكمها «إيليوس جالينوس» للاستيلاء على طرق النقل التي كان يحتكرها عرب الجنوب واستغلال موارد اليمن الهائلة، وقد باءت هذه الحملة بالفشل. ولعب الحميريون دوراً بارزاً في السياسة العربية الجنوبية، وبدأ الدور الحميري العام 115ق.م حيث انتقلت العاصمة إلى ريدان«ظفار»، وأظهرت النقوش عند ملوك العرب الجنوبية وهم يحملون لقباً جديداً هو ملك سبأ وريدان، وانتهت دولة حمير بذي نواس عام 525 م، فقد حكمت الدولة الحميرية ما يقرب من 460 عاماً قسمت إلى مرحلتين، دولة حمير الأولى(115ق.م إلى 275م)، ودولة حمير الثانية(275م إلى 525م). ولقب ملوك الدولة الحميرية الأولى «ملك سبأ وذو ريدان» وعددهم 18 ملكاً، أما الدولة الحميرية الثانية المعروفة بدولة التبابعة، فكان لقب ملوكهم «ملك سبأ وذو ريدان وحضر موت ويمنت»، وأضيف لها فيما بعد كلمات «وعربهم في الجبال وتهامة »، وعددهم 14 ملكاً، وقرب نهاية العصر الحميري الأول، بدأت قوة عرب الجنوب تنهار نتيجة لتفرقهم بين الطريق البري والبحري في نقل التجارة. وسيطر الحميريون في عصر الدولة الثانية على جنوب الجزيرة العربية، وفي العام 250م أخضعت حضرموت وكل بلاد اليمن، وأصبحت الدولة الحميرية «دولة التبابعة» شبه إمبراطورية تخضع بلاد كثيرة لسلطانها، وبعد اكتشاف هيبالوس اليوناني لاتجاه الرياح في المحيط الهندي، بدأت حالة اليمن التجارية تسوء، بسبب توقف حركة القوافل وانصراف ملوك حمير إلى الاهتمام بالغزو والحروب أكثر من اهتمامهم بالزراعة والعمران، ويمتاز العصر الحميري الثاني بدخول النصرانية واليهودية إلى اليمن. قوم تبع وكان الحميريون موحدين يعبدون ايل«الله»، ويطلقون عليه اسم «رحمن»، وتظهر النقوش اعتناقهم اليهودية، وقال ابن كثير: كانت حمير كلما ملك فيهم رجل سموه تبّعاً، كما يقال كسرى لمن ملك الفرس، وقيصر لمن ملك الروم، وفرعون لمن ملك مصر، والنجاشي لمن ملك الحبشة، ووردت كلمة تبّع في القرآن الكريم مرتين: مرة في الآية«27»من سورة الدخان،«أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ» والثانية «وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ»الآية«14»من سورة«ق». ويروى أن تبعاً كان أحد ملوك اليمن الذين فتحوا العالم، فقد سار بجيشه إلى الهند، واستولى على بلدان تلك المنطقة، وقاد جيشاً إلى مكة، وكان يريد هدم الكعبة، فأصابه مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه، وكان من بين حاشيته جمع من العلماء، كان رئيسهم حكيماً يدعى شامول، فقال له: إن مرضك بسبب سوء نيتك في شأن الكعبة، وستشفى إذا صرفت ذهنك عن هذه الفكرة واستغفرت، فرجع تبع عما أراد ونذر أن يحترم الكعبة، فلما تحسنت حاله كسا الكعبة ببرد يماني. أول ناطحة سحاب وينسب لأحد ملوك دولة حمير، وهو إليشرح بن يحصب، تأسيسه لقصر عمران المشهور في صنعاء والمكون من عشرين طابقاً، ويعد أول ناطحة للسحاب، وشيد القصر من الجرانيت والمرمر وغطيت أعلى طبقة منه بصفحة واحدة من حجر المرمر الذي بلغت شفافيته أن الإنسان يستطيع أن ينظر من خلاله إلى السماء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©