الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البنك المركزي الأوروبي: طوق نجاة لـ «اليورو»

23 ديسمبر 2011 21:17
في خضم الأزمة المالية التي تعامي منها بعض البلدان الأوروبية، أعلن البنك المركزي الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، أنه سيقدم قروضاً للبنوك الأوروبية تصل قيمتها إلى حوالي 640 مليار دولار تمتد على فترة ثلاث سنوات. هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المبذولة حالياً لتوفير الائتمان الضروري لحل أزمة الديون السيادية في منطقة "اليورو"، وتسهيل عمليات الاقتراض، ووفقاً للإحصاءات التي أفرج عنها البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، أبدى 523 بنكاً اهتمامها بالعرض المالي السخي واستعدادها للاستفادة من القروض التي تعتبر أكبر ضخ للأموال في البنوك منذ إنشاء العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، في العام 1999. ففي تلك المرحلة كان "اليورو" عنوان الاستقرار الاقتصادي للبلدان الـ 17 التي تبنته، لكنه سرعان ما تحول في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الأزمة المالية الأخيرة إلى عبء على الدول ومحط هجوم العديد من الأوساط الأوروبية. وترجع الأزمة التي تشهدها العملة الأوروبية الموحدة اليوم والانتقادات التي توجه لها إلى السياسات المالية الخاطئة لبعض الدول الأوروبية، لا سيما اليونان وإيطاليا وإسبانيا التي أغرقت نفسها في الديون الهائلة لدرجة لم تعد قادرة اليوم على سداد مستحقاتها في الموعد المحدد. ويعكس هذا العرض الجديد من قبل البنك المركزي الأوروبي وموافقته على ضخ مبالغ مالية مهمة في البنوك الأوروبية بسعر فائدة مخفض لا يتجاوز 1 في المئة مخاوف الحكومات الأوروبية من عجز البنوك عن سداد ديونها. وبالتالي الفشل في القيام بدورها داخل الدورة الاقتصادية والمتمثل في منح القروض للشركات حتى تتمكن من الاستمرار، وهو أحد الشروط الأساسية التي ستدفع الاقتصادات الأوروبية إلى استئناف النمو بحلول 2012 بعد فترة من الركود. وفي هذا السياق يقول "هاورد آرتشر"، الاقتصادي الأوروبي البارز في إحدى شركات الاستشارات الاقتصادية إن القروض الأخيرة "ستلعب دوراً مهماً" في مساعدة البنوك الأوروبية المتعثرة، وتوفير السيولة اللازمة التي تحتاجها الشركات، ذلك أن انعدام القروض وصعوبة الحصول عليها كان أحد الأسباب التي يوردها الخبراء باعتبارها الدافع وراء الانكماش الاقتصادي الذي يعصف بأوروبا الغربية. كما أن دفع الاقتصادات الأوروبية للنمو مجدداً يعني تقشفاً أقل بالنسبة للمواطنين، وعوائد ضريبية أفضل للحكومات ما سيساعدها في النهاية على الحد من العجز المالي الكبير والقدرة على دفع مستحقاتها من الديون. وأشارت تقارير من باريس إلى أن الحكومات تأمل في أن تؤدي هذه القروض إلى شراء البنوك للسندات الحكومية التي ستصدر بداية العام 2012 لجمع السيولة ودفع الديون، بل إن التقارير تؤكد أن ما يحصل حالياً من تمكين البنوك الخاصة من السيولة هو في حد ذاته تحويل للبنك المركزي الأوروبي، وإن كان بشكل غير مباشر، إلى مقرض الملاذ الأخير للحكومات المثقلة بالديون، وهو الأمر غير المسموح به حالياً وفق قوانين البنك المركزي الأوروبي. وعن هذه الخطوة يقول "جون-فرانسوا روبين"، المحلل بأحد البنوك "لن تكون هذه القروض نهاية الأزمة لكنها ستسعف الحكومات لسداد ديونها عندما يحين وقت دفعها في العام المقبل"، ويضيف "آرتشر" أنه من المحتمل لجوء بعض البنوك إلى تقوية وضعها المالي لشراء السندات الحكومية، لا سيما في البلدان الآمنة بدل تلك الغارقة في الديون مثل اليونان وإيطاليا والبرتغال وإيرلندا. لكن الأمر لا يقتصر على البلدان المتعثرة، بل يمتد إلى بلدان في وضعية أفضل مثل فرنسا التي تسعى للحصول على قروض من بنوكها، بحيث تقدر الحكومة الفرنسية ضرورة توفير 230 مليار دولار من السيولة بحلول 2012 لسداد ديونها وخدمة فائدة الدين. وهناك بلدان ستحتاج مبالغ أكبر مثل ألمانيا التي سيكون عليها جمع ما لا يقـل عن 250 مليار دولار وإيطاليا التي تحتاج إلى 300 مليار دولار من السيولة، وإجمالا ستحتاج دول منطقة "اليورو" مجتمعة إلى ما يفوق تريليون دولار من البنوك وباقي المؤسسات المالية. وفي مسعـى الحكومات الأوروبية إلى البحث عن مصادر أخرى للتمويل عدا البنوك، قامت يوم الاثنين الماضي بتحويل 195 مليار دولار إلى صندوق النقد الدولي على أمل أن يمنح الصندوق في المقابل قروضاً للبلدان الأوروبية مع فرض شروط صارمة على الموازنات الأوروبية، التي ربما يعجز الاتحاد الأوروبي عن فرضها على الدول الأعضاء. وكانت الفكرة من وراء اللجوء إلى صندوق النقد الدولي أن تساهم بلدان من خارج أوروبا في إنقاذ الاقتصادات الأوروبية المترنحة، وهو ما سيعمم الأخطار على بلدان خارج منطقة "اليورو"، بالإضافة إلى جمع كميات كبيرة من الأموال تكفي لسداد ديون إيطاليا وباقي البلدان المتعثرة في الجنوب الأوروبي وهي تلجأ إلى الأسواق المالية خلال الشهور المقبلة. إدوارد كوبي - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©